واجبنا نحو القدس والأقصى
الأهم من الحديث عن انتهاكات اليهود المتكررة للمسجد الأقصى في الآونة الأخيرة، من خلال الاقتحامات والمخططات لتقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود تمهيدا لهدمه وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، أن نتحدث عن واجبنا تجاه كل هذه التجاوزات والاعتداءات، وطريقة المواجهة والمجابهة مع هذا الاحتلال الغاشم وأطماعه في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
الأهم من الحديث عن انتهاكات اليهود المتكررة للمسجد الأقصى في الآونة الأخيرة، من خلال الاقتحامات والمخططات لتقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود تمهيدا لهدمه وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، أن نتحدث عن واجبنا تجاه كل هذه التجاوزات والاعتداءات، وطريقة المواجهة والمجابهة مع هذا الاحتلال الغاشم وأطماعه في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
لقد وصلت الانتهاكات والمخططات الصهيونية لتهويد القدس والسيطرة على المسجد الأقصى ذروتها في الآونة الأخيرة في ظل انشغال معظم الدول العربية بأمورها الداخلية، واستطاع الاحتلال السيطرة على القدس كما يقول رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني رائد صلاح خلال حواره مع الإعلامي المعروف أحمد منصور ببرنامج (بلا حدود)، وقد تحول الاحتلال في الآونة الأخيرة إلى تغيير هوية المدينة المقدسة والمسجد الأقصى تمهيدا لإقامة الهيكل المزعوم. ورغم عدم وجود أي دليل على وجود هذا الهيكل المزعوم لا في كتب اليهود المقدسة (التوراة والتلمود) ولا في التاريخ الإنساني بشكل عام، ورغم وجود فتاوى يهودية بتحريم الدخول إلى المسجد الأقصى قبل فترة من الزمان كما يقول الشيخ رائد صلاح، ووجود معتقد يهودي على أن الهيكل سينزل كاملا مع مسيح اليهود المنتظر، إلا أن السياسة الصهيونية غيرت تلك الفتاوى والمعتقدات، وجعلت همها الأول والأوحد هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، وهي تبحث منذ عام 1967م عبر الحفريات تحت المسجد الأقصى عن أي أثر أو دليل على الهيكل دون جدوى.
وإزاء هذه الهجمة اليهودية الشرسة على مقدسات المسلمين يتساءل الكثير من الغيورين على دينهم وعقيدتهم من المسلمين عن واجبهم تجاه ما يجري في القدس والأقصى، فمسألة القدس والأقصى قضية إسلامية تهم المسلمين عامة ولا تخص الفلسطينيين أو المقدسيين فحسب. وجوابا على أمثال هذه الأسئلة حمّل الشيخ رائد صلاح في حواره مع أحمد منصور في برنامج بلا حدود على قناة الجزيرة الفضائية- حمّل العلماء والحكام والشعوب العربية والإسلامية واجبات ومهام لمواجهة انتهاكات اليهود للمسجد الأقصى.
أما علماء الأمة الإسلامية فقد حملهم الشيخ رائد مسؤولية إحياء قضية القدس والأقصى في نفوس المسلمين بعد أن خفت بعض وهجها وتفاعل المسلمين معها بعد الأحداث الدامية في الذي يشهده العالم العربي والإسلامي، ومن المعلوم أن نصرة القدس والأقصى ليس من باب الشفقة والتسول -كما يقول الشيخ رائد- بل هو واجب شرعي، ولا يخفى أثر إعادة إحياء قضية الأقصى في نفوس المسلمين من أثر فعال لوقف انتهاكات اليهود أو الحد منها على أقل تقدير.
أما الشعوب العربية والإسلامية فقد حملها الشيخ رائد صلاح مسؤولية استحضار النية الدائمة لنصرة القدس والأقصى، والنية كما نعلم مدخل أساسي للفعل والتطبيق في الإسلام، كما أنها مصدر للثواب وتبرئة الذمة أمام الله حين لا يملك المسلم غيرها، كما دعا الشيخ رائد الشعوب العربية والإسلامية لمساعدة أهل القدس على الثبات والصبر في مواجهة محاولات الاحتلال الدائمة لترحيلهم من القدس، من خلال الاغراءات المادية لشراء بيوتهم تارة -ولم ينجح بذلك إلا بشكل شاذ ومحدود جدا- أو باستخدام القوة والمضايقة والتنكيل. ويستطيع المسلم دعم هؤلاء بالمال وما يعينهم على الثبات والصمود في وجه الاحتلال، وذلك عبر مؤسسات صادقة تعمل في هذا المجال في عدة بلاد عربية وإسلامية، وقد شرح الشيخ رائد حال المقدسيين الصعبة جدا، سواء من جهة حاجة بيوتهم للترميم، أو غير ذلك من الحاجات الكثيرة التي تدعم صمود أهلنا في القدس ومحيط المسجد الأقصى.
كما تطرق الشيخ رائد للحاجة الملحة لدعم التعليم العربي الإسلامي في القدس والأقصى، حيث لا يتلقى الدعم من أي جهة عربية أو إسلامية، مما اضطر أكثر من 30 مؤسسة تعليمية أن ترتبط ببلدية القدس العبرية لتقوم بتمويلها، مما يعتبر خطرا حقيقيا على هوية الطالب ومناهج التعليم الإسلامية.
وأما عن الحكام وواجبهم في دعم القدس والأقصى فقد ضرب الشيخ رائد مثالا يحتذى به في هذا الجانب، وصرح بمعلومات خطيرة لأول مرة بعد عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي أولى قضية القدس والأقصى أهمية وأولوية في فترة حكمه لمصر قبل عزله. فقد كشف الشيخ رائد عن وجود اتصالات كان الرئيس محمد مرسي يقوم بها دوريا للاطمئنان على ما يجري في المسجد الأقصى المبارك وفي القدس عامة، وكان هناك إعداد لقطاع واسع من الأئمة (في مصر) حتى يكونوا صوت القدس والمسجد الأقصى المبارك لبناء تعبوي للجماهير المصرية.
وأضاف أنه كان في عهد مرسي يتم الإعداد لأكثر من مؤسسة واعدة هامة جدا، كلٌّ منها تتولى مهمة من مهمات نصرة القدس والمسجد الأقصى المبارك، كما كشف أنه دُعي أكثر من مرة في مدة رئاسة الرئيس محمد مرسي لزيارة مصر والمشاركة في بعض الفعاليات وافتتاح بعض المشاريع الداعمة للقدس والأقصى، ولكن للأسف تمت عرقلتها، ليس من سلطات الاحتلال الإسرائيلي فقط كما يقول الشيخ رائد، بل من بعض عناصر الدولة العميقة النافذة في الطرف المصري بحسب الشيخ رائد، وأنه سمح له بالدخول أخيرا بالتزامن مع عزل الرئيس محمد مرسي.
وحول مصير المشاريع التي كانت للقدس والأقصى في مصر بعد الانقلاب، قال الشيخ رائد صلاح : أظن أنها الآن إما في عداد المطويات المنسية، وإما أصبحت على خطر، ولذلك يجب أن أقول كلمة الحق : أنا أظن أن الانقلاب على الرئيس مرسي يعني في أحد جوانبه هو انقلاب على القدس والمسجد الأقصى المبارك. وفي هذا الإطار يمكن فهم بعض أسباب عزل الرئيس محمد مرسي عن حكم مصر، والأصابع الصهيونية والغربية التي عملت جاهدة لإتمام هذا الأمر، بمباركة وموافقة عربية للأسف الشديد، مما يشير إلى مدى استفادة الاحتلال الصهيوني من خلافات العرب السياسية لتحقيق مآربه ومصالحه، والتي يتربع الأقصى الشريف على قمة هذه المآرب والمصالح.
لقد آن للعرب والمسلمين أن يجعلوا من قضية القدس والأقصى فوق كل الخلافات والتجاذبات والمصالح المادية والسياسية، وأن يعيدوا لهذه القضية زخمها العقائدي الإسلامي، حتى يمكن مواجهة أطماع ومخططات الصهاينة اللامحدودة في هذا المجال، وحتى يمكن إعادة الأمل بعودة القدس والأقصى عربية إسلامية كما كانت.
عامر الهوشان