وقفات دعوية مع الدعوة في المرحلة المكية (خطبة مقترحة)

يُراد من هذه الوقفة بيان أهمية تحلي الدعاة بالخلق الحسن؛ لاسيما الجانب الاجتماعي المؤثر على المدعوين، مثل: "حسن الخلق وصلاح الأصل - الرحمة - البذل والسخاء والكرم - الإيثار".

  • التصنيفات: السيرة النبوية - خطب الجمعة -

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الغرض من الخطبة:

- أخذ الفوائد الدعوية من زمن الدعوة في المرحلة المكية في السيرة النبوية.

المقدمة:

- إشارة إلى سوء الحالة الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية قبل البعثة.

- بركة دعوة الأنبياء: قال الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} [البقرة من الآية:129].

- إشراق شمس النبوة: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ، فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»، قال: «فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ»، قَالَ: «قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ»، قَالَ: «فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.

فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي»، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ: «أَيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي؟!» وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، قَالَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»، قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَلا أَبْشِرْ، فَوَاللهِ، لا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، وَاللهِ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ.

فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيْ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَآهُ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟!» قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوَفِّيَ وَفَتَرَ الوحيُ" (متفق عليه).

- جملة مختصرة عن المرحلة المكية الأولى.

1- المؤهلات الأولية للداعي إلى الله:

- يُراد من هذه الوقفة: بيان أهمية تحلي الدعاة بالخلق الحسن؛ لاسيما الجانب الاجتماعي المؤثر على المدعوين، مثل: "حسن الخلق وصلاح الأصل - الرحمة - البذل والسخاء والكرم - الإيثار".

- مشهد دخوله على خديجة رضي الله عنها واستدلالها بعظيم أخلاقه صلى الله عليه وسلم على صدق دعوته: دخل على خديجة رضي الله عنه فقال: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي»، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ: «أَيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي؟!» وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، قَالَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»، قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَلا أَبْشِرْ، فَوَاللهِ، لا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، وَاللهِ، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ".

- "إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ": نجاح الإنسان مع رحمه في احتوائهم وكسبهم من أعظم أسباب كسب الآخرين من الناس (حسن الخلق وصلاح الأصل).

- "وَتَحْمِلُ الْكَلَّ": وهو العاجز الذي يحتاج إلى غيره (الرحمة).

- "وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ": تعطي غيرك المال المعدوم في الناس إعطاؤه لنفاسته (البذل والسخاء).

- "وَتَقْرِي الضَّيْفَ": سمو مَن يتصف بذلك عند العرب (الكرم).

- "وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ": هذه صفه مَن يعيش لغيره أكثر مما يعيش لنفسه (الإيثار).


2- طبيعة طريق الدعوة:

- يراد من هذه الوقفة: التنبيه على خطأ مَن يظن أنه طريق الشهرة والتعالي في الأرض أو أنه طريق التعبد والتنسك بلا مشاكل ولا أذى.

- المعاناة ومواجهة الصد والتكذيب، والعداء والتشهير و... و.. : فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ... فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيْ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَآهُ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟!»
قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوَفِّيَ وَفَتَرَ الوحيُ".

- سنة الله في أوليائه المؤمنين وحملة دينة العظيم: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم:13]، {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل:56]، {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران:142].

3- طبيعة وظيفة الداعي:

- يراد من هذه الوقفة: التنبيه على أن الداعي لا يَعمل في ميدان إصلاح نفسه فحسب، ولكنه يعمل في ميدانين: "إصلاح نفسه، وإصلاح غيره" ونفسه واحدة وغيره كثير، والمحصلة أنه يعيش للناس أكثر من نفسه.

- مشهد التكليف الأول:

{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنْذِرْ . وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ . وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ . وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ . وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ . وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر:1-7].

1- تكليف بالبلاغ وتحذير الناس من عذاب الله: {قُمْ فَأَنْذِرْ}.

2- تكليف بالتطبيق في خاصة نفسه ليحرز مرضاة الله ويصير للناس أسوة: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ . وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ . وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}.

كلمات تعبيرية جميلة يحسن للخطيب ذكرها:

قال المباركفوري رحمه الله: "إن مطلع الآيات تضمنت النداء العلوي بانتداب النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر الجلل، وانتزاعه من النوم والتدثر والدفء إلى الجهاد والكفاح والمشقة: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنْذِرْ} كأنه قيل: إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحًا، أما أنت الذي تحمل هذا العبء الكبير فما لك والنوم؟ وما لك والراحة؟ وما لك والفراش الدافئ والعيش الهادئ والمتاع المريح؟!

قم للأمر العظيم الذي ينتظرك، والعبء الثقيل المهيأ لك، قم للجهد والنصب والكد والتعب، قم فقد مضى وقت النوم والراحة... وما عاد منذ اليوم إلا السهر المتواصل والجهاد الطويل الشاق، قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد.

إنها كلمة عظيمة رهيبة نزعته صلى الله عليه وسلم من دفء الفراش في البيت الهادئ والحضن الدافئ، لتدفع به في الخضم بين الزعازع والأنواء... ".

وأما الآية الأخيرة ففيها تثبيته صلى الله عليه وسلم على ما يلحقه من أذى قومه حين يفارقهم في الدين، ويقوم بدعوتهم إلى الله وحده وتحذيرهم من عذابه وبطشه، فقال: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}.


- الصبر سلاح بقاء الدعوات: قال الله تعالى: {وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا} [إبراهيم من الآية:12]، {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور} [لقمان من الآية:17]، وقال الله تعالى: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد من الآية:24].

4- معرفة طبيعة مراحل الدعوة وفقه كل مرحلة:

- يراد من هذه الوقفة: التنبيه على خطورة خلط البعض بالفتوى أو بالحماس بين المراحل "دون مراعاة للقدرة والعجز، والقوة والضعف!"؛ فيعرِّض المسلمين للهلكة، والدعوة للخسارة ونفرة الناس.

مراحل الدعوة النبوية:

- الأولى: الدعوة سرًّا ثلاث سنوات -كانت في مكة زمن الاستضعاف-: أسرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته ولم يواجه المشركين؛ لأنهم كانوا جفاة لا دين لهم إلا عبادة الأصنام والأوثان، ولا حجه لهم إلا أنهم ألفوا آباءهم على ذلك، والمشاكل عندهم لا تحل إلا بالسيف، ولذلك فإن الحكمة تقتضي عدم المواجهة مع هؤلاء؛ لما فيه من تضييع للنفوس من غير تحقيق أي مصلحة لدين الله.

- الثانية: الدعوة جهرًا وباللسان فقط دون قتال، واستمرت إلى الهجرة: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر:94]، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً} [النساء:77].

- الثالثة: الدعوة جهرًا مع قتال المعتدين والبادئين بالقتال: واستمرت إلى عام الحديبية -كانت في المدينة زمن قوة وقدرة-: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة:190].

- الرابعة: الدعوة جهرًا مع قتال كل مَن وقف في طريق الدعوة أو امتنع عن الدخول في الإسلام: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة من الآية:36]، {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال من الآية:39].

- من أحكام المرحلة: العمل بطريقتها إذا كان التشابه في أي زمان ومكان.

من كلام العلماء حول مرحلة الاستضعاف وعدم القدرة:

أجمع الفقهاء على أن المسلمين إذا كانوا من قلة العدد أو ضعف العدة بحيث يغلب على الظن أنهم سيقتلون من غير أي نكاية في أعدائهم إذا ما أجمعوا قتالهم فينبغي أن تقدَّم هنا مصلحة حفظ النفس؛ لأن المصلحة المقابلة وهي مصلحة حفظ الدين موهومة أو منتفية الوقوع" (نقله ابن جزي الغرناطي في القوانين الفقهية، والجويني، والنووي رحمهم الله).

وقال العز بن عبد السلام رحمه الله: "فإذا لم تحصل النكاية وجب الانصراف؛ لما في الثبوت من فوات النفس مع شفاء صدور الكفار وإرغام أهل الإسلام، وقد صار الثبوت هنا مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة" (انتهى نقلاً عن وقفات تربوية د."أحمد فريد").

- خاتمة: حول الواجب على المسلمين الآن

- الوقوف على واقعهم وتنزيل أحكام المرحلة المناسبة له مِن مراحل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بتجرّدٍ وإنصاف وعدل.

فاللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا.

 

سعيد محمود