رسائل في نهاية العام

محمد بن عبد الله الهبدان

جدير بنا أيها المسلمون في نهاية هذا العام أن نحاسب أنفسنا، وأن ننظر في واقعنا بمنظار المشفق الرحيم على أمته من أن يكثر فيها الفساد فتعم العقوبة عياذا بالله من ذلك.

  • التصنيفات: ملفات شهر محرم -


الخطبة الأولى

الحمد لله ربّ العالمين أحمده حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ أنزل القرآن للتعبُّد بتلاوته، وتدبر آياته، والانتفاع بعظاته وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ آتاه الله تعالى الحكمة والكتاب، وشرفه بالدعوة إلى الهدى والإيمان صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

سبحانك يا ربّ ما أحلمك، سبحانك يا ربّ ما أعظمك، سبحانك يا ربّ ما أرأفك، سبحانك يا ربّ ما أرحمك، سبحانك يا ربّ ما ألطفك، سبحان من يُغير ولا يتغير، سبحان من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه، رحماك يا ربّ رحماك، اللهم إنا نسألك إيمانا يباشر قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً نصوحا، ونسألك حسن الخاتمة يا ربّ العالمين.

أيها المسلمون؛

حق لمن ينظر في أحوالنا في هذا الزمن أن يصاب بالدهشة والاستغراب.. حق لمن يتأمل في مجريات حياتنا ومستجداتها أن يصاب بالعجب العجاب، ولعمر الله إنها لمأساة كبرى، وكارثة عظمى، أن لا يمر يوم من أيامنا إلا ونحن نشاهد مشاهد تتفطر منها الأكباد، وتفتت لهولها القلوب، ترى الناس وقد انساقوا خلف شهواتهم دون وعي ولا تفكير، تراهم وقد انساقوا خلف كل ناعق من الغرب أو الشرق، تراهم وقد بهرتهم حضارة الغرب الكفار فأصبحوا يحاكونهم في الملبس والمأكل والمشرب ونحوها.

وجدير بنا أيها المسلمون في نهاية هذا العام أن نحاسب أنفسنا، وأن ننظر في واقعنا بمنظار المشفق الرحيم على أمته من أن يكثر فيها الفساد فتعم العقوبة عياذا بالله من ذلك.

ولذا فأوجه هذه الرسائل.

الرسالة الأولى: إلى أولئك المتخلفين عن الصلاة


أي وربي الصلاة، تلك الفريضة التي لو قام بها المسلمون لحلت مشاكلهم كلها، ولدانت لهم الدنيا بأسرها.

أيها المبارك؛

لماذا هذا التفريط والتكاسل عن فريضة الله؟ إلى متى سيستمر هذا الوضع المأساوي مع أحب الفرائض إلى الله؟ إلى متى سيستمر هذا التكاسل والتخاذل عن فريضة جعلت قرة عين رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها؟

إلى متى سيتمر هذا الوضع من هجرك لبيوت الله التي هي أحب البقاع إلى الله؟ أيضيرك شيء إذا صليت لربك؟


هل الصلاة تنقص من ملكك شيئا؟ أم هل تسلب من وقتك الثمين الشيء الكثير؟

يا لله، ويا للعجب لأمرك هذا!

خلَقك الله من العدم، وشفاك من السقم، وأسبغ عليك وافر النعم وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ فكيف يا عبد الله تبدل نعمة الله كفراً؟ كيف تقابل الإحسان بالنكران؟

ورد في الأثر أن الله عز وجل يقول: "عجباً لك يا ابن آدم خلقتك وتعبد غيري، ورزقتك وتشكر سواي، أتحبب إليك بالنعم وأنا غني عنك، وتتبغض إليّ بالمعاصي، وأنت فقير إليّ، خيري إليك نازل، وشرك إليّ صاعد".

فيا أيها المسلمون أما تستحي من ربك؟ يناديك منادي الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، وأنت تغط في نوم عميق؟ أي قلب هذا الذي بين جنبيك؟ أي نفس هذه؟ أما تخشى عقوبة الجبار؟ أما تخاف من نقمة القهار؟ أتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ فاتقِ الله يا رعاك الله في هذه الصلاة التي أنت مؤتمن عليها، ومسؤول عنها، بل هي أول ما تحاسب عليه فأعد للسؤال جوابا وللجواب صواباً.

الرسالة الثانية: إلى صاحب الطبق الأسود، إلى صاحب الدش، الذي غره الشيطان بحيله، ومكر به بوساوسه، فالبداية أخبار والنهاية هتك أستار.

إنك يا أُخي لو صدقت مع الله أولاً ثم مع نفسك ثانياً لعلمت أنك لم تقتن هذا الجهاز من أجل عيون الأخبار، ولكن من أجل عيون الصبايا، من أجل حرمات الله تنتهك بين يديك دون رقيب أو حسيب، ونسيت الله ونسيت {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المجادِلة:6]، تذكر يا أُخي وقوفك بين يدي الواحد القهار، قال عليه الصلاة والسلام: «.. لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ وَلَا تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ ثُمَّ لَيَقُولَنَّ لَهُ: أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى ثُمَّ لَيَقُولَنَّ أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَلَيَقُولَنَّ بَلَى فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» (رواه البخاري).

في ذلك الموقف يتذكر الإنسان سعيه، ويستحضر أحواله ولكن لا ينفع ساعتها ندم ولا استحضار إلا الحسرة والندامة، فاتق الله يا رعاك الله واستشعر عظم الذنب وفداحة الخطيئة واعزم على التوبة و إخراج ذلك الجهاز عن منزلك واعقد النية من الآن فالموت يأتي بغتة وربك يمهل ولا يهمل وما الله بغافل عما تعملون.

أيها الأخ الكريم؛ وإن كنت لابد فاعل فحذاري أن تجاهر به.. حذاري أن تظهر هذا البلاء للناس فوق منزلك أو أثناء حديثك في مجالس الناس فكما قيل إذا بُليتم فاستتروا وإني أخشى عليك من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ» (رواه البخاري).

وأنت أيضا مسؤول عن كل من سيقتدي بك ويتأثر بفعلك ويحذوا حذوك فتبؤا أنت بأوزارهم إلى أوزارك فتكون من الخاسرين قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» (رواه ابن ماجة).

الرسالة الثالثة: إلى التاجر الكريم

الذي بيده إصلاح الكثير، إنك أخي التاجر إما أن تكون معول هدم في المجتمع، وأداة فساد -وحاشا لله أن تكون من هذا الصنف- وإما أن تكون ممن يقف حجر عثرة أمام الفساد ويتصدى له غيرة لله ورسوله.

نعم أخي التاجر أنت بين هذين الصنفين، فأولئك الذين ينشرون في مجتمعهم الأشياء المحرّمة من الألبسة النسائية المحرّمة التي فشت في أسواقنا، أو أشرطة الفساد مسموعة كانت أو مرئية، أو الدخان والمجلات الفاسدة ونحوها.

لقد أصبح هذا التاجر الذي ينشر في مجتمعه مثل هذه الأمور طمعاً في المادة معول فساد في الأمة فهو يثري نفسه على حساب أخلاق الأمة وسلوكها.

لقد أصبح أداة منقادة للغرب الكفار للقضاء على الإسلام وهو لا يشعر، وإلا كيف يرضى مسلم؛ آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيناً أن يكون أداة إفساد في الأمة؟ كم من الجرائم الأخلاقية التي سترتكب من جراء بيعك لتلك الأفلام الفاسدة أو المجلات العاهرة؟ كم من مسلم ينتكص على عقبيه من مشاهدة فلم أو سماع أغنية ماجنة؟ من المسؤول عن ذلك؟ إنه أنت أيها التاجر! إني أشفق عليك من مثاقيل الذر من السيئات التي تحصدها في كل يوم لبيعك مثل تلك الأمور.

أخي التاجر؛ متى ستجرِّب قوة إرادتك أمام إغراء الشيطان في المال وكثرته؟

أخي.. متى ستمتحن شهامتك أمام من يرغب في استمرارك على هذه المعصية؟ أخي؛ متى ستقدر مكانتك قدرها، وتخشى الله في مجتمعك؟

أيها الموفق ألم تعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع؛ ومنها عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه» (رواه الترمذي، وحسنه الألباني)، فهل ستواجه الله تعالى وتقول: اكتسبت هذا المال وأنفقته في عصيانك ليلاً ونهارا، فواخجلتاه! و سوأتاه!

أدرك نفسك فلن ينفعك أحد يوم القيامة إلا عملك الصالح، أدرك نفسك واتق الله في أمتك، واعزم الآن -دون استشارة أحد في الإقلاع عن معصية الله، وتذكر أنه لا يتم إيمان العبد حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

تذكر أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وأن دينك وأمتك أغلى من هذه الأموال التي تجنيها من بيعك لما حرّم الله تعالى. وتذكر أن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر واسمع إلى قول حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ» (رواه مسلم).

بارك الله فيك وأعانك على نفسك، وأجزل لك المثوبة بطاعة ربك، وأسأل الله تعالى أن يفتح لك أبواب رزقه.

الرسالة الرابعة: إلى شباب الأمة

الشباب التي تستهدف قوى الشر لإفساده وصرفه عن دينه بشتى الطرق والوسائل، لقد شغل الكثير من شبابنا بأمور لا تليق، شغلوا بالكرة، شغلوا بالفن والغناء، شغلوا بالأفلام والمجلات الفاسدة.

أيها الشباب؛

من يحمى الذمار؟ من يجاهد الكفار؟ من يطوي المجاهل والقفار ويحمل هم إبلاغ الدين إلا ما وراء البحار؟ إلا سواكم.

إن الأمة تعقد الأمل بعد الله تعالى عليكم أنتم يا شباب في أن ترفعوا عنها وصمة العار التي حلت بها، أن تزيلوا عنها لباس الذلة والاحتقار الذي أصابها، ما أحرانا يا شباب أن نحاسب أنفسنا في نهاية هذا العام عما أسلفنا في أيامنا الماضية.

ما أحرانا يا شباب أن نقف مع أنفسنا ونسائلها عن موقفها تجاه قضايا الإسلام والمسلمين؟ ما دورنا حينما نسمع بالمصائب والمحن تحل بديار أهل الإسلام؟

ما موقفنا حينما نسمع عن أنهار الدماء، وأكوام الأشلاء؟ حينما نسمع صرخات العذارى، وأنين الثكالى؟ ما موقفنا حينما نرى دموع الأرامل وعيون اليتامى؟ حالة المسلمين اليوم تبكي لها القلوب فهل بكت قلوبكم من أجلهم؟ هل تحرّكت هِمَمكم لمحاولة الإصلاح فبدأتم بإصلاح أنفسكم؟

ألا إنها لدعوة لشبابنا للعودة لهذا الدين فو الذي نفسي بيده إنه لا عِزّة ولا كرامة، ولا أنس ولا سعادة إلا بهذا الدين {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [فاطر من الآية:5]، {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَاب السَّعِير} [فاطر:6].

بارك الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على ما هدى، والشكر له على ما أعطى وأسدى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعتبروا بأحوال الذين مضوا من قبلكم، وأحسنوا التلقي عن كتاب ربكم أما بعد:

الرسالة الخامسة: أوجهها إلى الأباء والأزواج و الأخوة وكل من له حق القوامة على المرأة، إن الله تعالى شرّفكم بهذه القوامة {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء من الآية:26]، فأين تلك القوامة التي حُملتم إياها. تركتم للنساء الحبل على الغارب تلبس ما تشاء وتصنع ما تريد بلا حسيب ولا رقيب، هل هذا من أداء الأمانة؟

قال عليه الصلاة والسلام: «ما من عبد يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة» (أخرجه البخاري ومسلم عن معقل بن يسار رضي الله عنه)، فهل إذا أذنت لأهلك أن يلبسن مثل هذه الألبسة من نقاب وعباءة مزركشة التي أقسم بالله العظيم أنها بهذا الوضع تغضب الرب جل جلاله، هل وقيت أهلك من النار؟

إن المصيبة كل المصيبة أن الكثيرين لا يدركون أن المرأة في هذه البلاد مستهدفة لتحريرها من دينها وعفافها وطهرها ونزاهتها وحياءها، وقد تحقق لهم بعض ما يردون ومصداق ذلك زيارة واحدة عاجلة للأسواق تعلم صدق ما أقول، فتساهلك أنت مع أهلك في لباسهن إعانة منك لهؤلاء، فالقضية ليست قضية امرأة واحدة لبست النقاب فحسب القضية أكبر من ذلك.

إنها معركة قائمة مستمرة بين أدعياء التحرر والسفور ودعاة الطهر والعفاف.


فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم



فهل يعي هذا الكلام أبناء قومي، هل سيصل هذا الكلام إلى سويداء القلوب فيلامسها فتقع موقعها من التأثير، أسأل الله ذلك.

الرسالة السادسة: أوجهها إلى الجميع بلا استثناء

إنها مهمة الجميع ككل ومسؤولية الجميع إنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إن هذه الشعيرة بها تحفظ معالم الدين، وتصان حرمات المسلمين، إن هذه الشعيرة العظيمة ما هي إلا مجاهد دائمة يقوم بها كل مسلم حسب طاقته وجهده، في بيته، وفي سوقه، وفي كل مرفق.

من أجل بقاء أعلام الدين ظاهرة، والمنكرات مدحورة، ولا يضعف المسلم أو يتوانى بدعوى أنه غير كامل في نفسه فإنها دعوى شيطانية وحيلة إبليسية، قال سعيد بن جبير: "لو كان لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر".

وليعلم الجميع أنه إذا تعطلت هذه الشعيرة، وضعف هذا السياج، فعلى معالم الإسلام السلام، وويل يومئذ للفضيلة من الرذيلة، وويل لأهل الحق من المبطلين،، وويل للصالحين من سفه الجاهلين، وتطاول الفاسقين قَامَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه خطيبا فَحَمِدَ اللَّهَ عز وجل وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة:105] وَإِنَّكُمْ تَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ وَلَا يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ اللَّهُ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِعِقَابِهِ»" (متفقٌ عليه).

وأخيرا أحبتي الكرام: هاهو العام سينتهي فهل ستنتهي معه تلك الخطايا التي كنا نقارفها، هل سنتوب إلى الله عز وجل مما ارتكبنا أيدنا من الذنوب والآثام؟

هل سنعود إلى الله بقلوب كلها ذل وانكسار بين يدي الواحد القهار؟


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم:8].

هذا وصلّوا رحمكم الله على النبي العظيم، والمرشد الكريم؛ كما أمركم الله بذلك فقال عز من قائل حكيماً.

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56].