الصمت في الحياة الزوجية

إن الرجال عامة يعبرون عن مشاعرهم بطريقة عملية [بمعنى أنه يحب زوجته فلا يرى داعيًا للتعبير عن حبه هذا بالكلمات طالما أنه قد اختارها زوجة دون كل الفتيات، ثم هو يعيش معها فيعمل ويكدح من أجل زوجته وأسرته ومن أجل أن يوفر لهم الحياة الكريمة، وهو لا يرى أي مبرر لهذا الكدح والعمل إلا حبه لزوجته التي يجب أن تفهم ذلك بدون كلمات منمقة فما الداعي للكلام إذا كانت أفعاله كلها تعبر عن الحب والتقدير].

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -

 

تحدثت إحدى الزوجات عن زوجها بشكل فيه إحباط فقالت: إنه يظل صامتا مستغرقًا في التفكير، وحين أسأله فيم تفكر؟ يقول: لا شيء. وتحدثت زوجة أخرى فقالت: "إنه لا يكاد يقول شيئًا أبدًا، وعليَّ أن أجر منه الكلام جرًا حيث يجلس معظم الوقت إما لهواياته أو لمشاهدة التلفاز، وكأنني غير موجودة في البيت. وعند عودته من العمل يفضل أن يترك لوحده ليستريح ويكرر عبارته دومًا: "لا أحد يكلمني الآن"، ويدعي أنه يكلم زوجته إلا أنه منزعج؛ لأنها لا تريد أن تحدثه إلا في الأمور التي تزعجه، وأنها لا تستمع إليه عندما يريد الحديث في أمور تهمه.

وما يزيد في هذه المشكلة أنهما لم يكونا قد توقعا مثل هذه الأمور والتصرفات قبل زواجهما، وشعرا الآن بالتوتر والألم من تصرفات بعضهما، والحياة أصبحت مليئة بالمشاحنات والجدال، وبعد الجدال يلوذ الزوج بالصمت ويحتج بقوله: لا فائدة من الحديث معها عندما تكون في حالة غضب، فهي لا تفهم أو تستوعب الكلام، وكلاهما يشعر الآن بالإحباط وخيبة الأمل (التفاهم في الحياة الزوجية، د. مأمون مبيض- ص: 24).

إحصائيات:
إن صمت الأزواج كما يقول الخبراء يبعث على مشاعر اليأس لدى كثير من السيدات، كما أنه يستثير الرجل ويزعجه، ويترتب على الصمت حدوث أزمة حقيقية، ويبدو أن الظاهرة أصبحت شبه عالمية؛ ففي تقرير لمجلة (بونته) الألمانية توضح الإحصائيات أن تسعًا من كل عشر سيدات يعانين من صمت الأزواج، وانعدام المشاعر بين الأزواج المرتبطين منذ أكثر من خمس سنوات. وتشير الأرقام إلى أن 79% من حالات الانفصال تكون بسبب معاناة المرأة من انعدام المشاعر، وعدم تعبير الزوج عن عواطفه لها، وعدم وجود حوار يربط بينهما. حدد خبراء الاجتماع العوامل التي تؤدي إلى الصمت الزواجي، الذي يؤدي شيئًا فشيئًا إلى الطلاق العاطفي وبرود المشاعر بين الأزواج.

-جاء على رأسها عملية الاختيار التي قد تكون غير موفقة أو تمت بطريقة سريعة، وبالتالي لم يفهم كل من الطرفين الطرف الآخر جيدًا.

-الأنانية بين الزوجين: إذ أن كلًا من الزوجين يركز على ذاته، وإشباع رغباته الشخصية دون حساب للآخر.

-غياب الوعي الديني لدى كلا الزوجين: وعدم احترام كل منهما الآخر الذي قد يبدو في إهمال الآخر.

أهمية الفهم:
إن جدار الصمت إنما ينتج عن [سوء التفاهم أو عند غياب الفهم المتبادل لنفسية وطبيعة الطرف الآخر]؛ الزوج أو الزوجة [فيكون تجاهل الزوج لزوجته ليس عن قصد، ولكن لأنها لا تتحدث إليه ولا تعبر عن أحاسيسها بشكل مباشر] (حتى يبقى الحب، د. محمد محمد بدري، ص 418).

اختلاف كبير:
إن الرجال عامة يعبرون عن مشاعرهم بطريقة عملية [بمعنى أنه يحب زوجته فلا يرى داعيًا للتعبير عن حبه هذا بالكلمات طالما أنه قد اختارها زوجة دون كل الفتيات، ثم هو يعيش معها فيعمل ويكدح من أجل زوجته وأسرته ومن أجل أن يوفر لهم الحياة الكريمة، وهو لا يرى أي مبرر لهذا الكدح والعمل إلا حبه لزوجته التي يجب أن تفهم ذلك بدون كلمات منمقة فما الداعي للكلام إذا كانت أفعاله كلها تعبر عن الحب والتقدير] (المفاتيح الذهبية في احتواء المشكلات الزوجية، نبيل بن محمد محمود، ص 268).

من أثار الصمت الزوجي:
وعن الآثار المترتبة على الصمت الزوجي على العلاقة بين الزوجين والأسرة معًا تقول الدكتورة هبة عيسوي أستاذ أمراض الطب النفسي بجامعة عين شمس: أثبتت التجارب أن تأجيل التحدث في الخلافات أو تركها لا يحل المشكلة، بل يؤدي إلى ظهور مشاكل أخرى، كما أنه يزيد الفجوة العاطفية بين الزوجين، وفي النهاية يجد الزوجين أنفسهما أمام تراكمات لا تعد ولا تحصى من التفاصيل تنتهي بخلاف جديد.

من أسباب الصمت:
أما عن الأسباب التي تؤدي إلى صمت الأزواج أو رفضه الحوار مع زوجته هي:
-أنها غالبًا ما تتكلم عن المشاكل اليومية أو خلافات مع حماتها فيجد أقصر طريق لهذا هو الصمت.
- لأنها غالبًا ما يبدأ لحديث أو ينتهي بطلبات مادية لا يستطيع الوفاء بها.
- لأنه مهتم بقراءة الجرائد أو مشاهدة التليفزيون.

أسباب صمت الزوجة:
- ترفض الزوجة الحوار إذا كانت كارهة الحياة معه، ولكنها مضطرة إلى ذلك لظروف اقتصادية أو معيشية.
- عصبية الزوج تجعل الزوجة تتجنب الحديث معه.
-إذا كان يسخر أو يتفه من أحاديثها فيشعرها بالإهانة والدونية.

ولعلاج هذه الحالة تقول الدكتورة هبة عيسوي: يجب أن يراجع كل فرد فى الأسرة أسباب هذا الصمت والبعد عن توجيه الاتهام للطرف الآخر من دون موضوعية.

من طرق العلاج:
وهذه بعض الطرق المستخدمة لعلاج الصمت بين الأزواج:
1. تغيير أسلوب الكلام.
2. تغيير المواضيع والبحث عن موضوعات مشتركة.
3. التحدث في مواضيع تهم الشخص الآخر.
4. اختيار الوقت المناسب للكلام.
5. المشاركة في الهوايات.
6. وضع الشخص الآخر موضع الاستشارة.
7. استغلال الفرصة المناسبة.
8. المدح والثناء على أفعاله.
9. طرح مواضيع فيها نوع من التشويق.
10. الاختصار في الطرح عند الحديث (الرجل يستخدم المقصرات عكس المرأة تستخدم المطولات).
11. البعد عن التفاصيل.
12. طرح أسئلة مفتوحة الإجابة.
13. تغيير جو الكلام (تغيير البيئة(.
14. المناقشة في مضوعات تهم الطرف الآخر.

ماذا بعد:

تذكر:
-أن الرجال لا يتحدثون كثيرًا فى العواطف مثل النساء، ولا بد أن تعالج الزوجة مشكلة الصمت الزوجي بألا تكرر أمام زوجها عبارات أنني أعلم أنك لا تحبني وأنت دائمًا تتحدث مع زملائك ولا تحب التحدث معي وغيرها من العبارات التي تؤدي إلى الخلاف بين الزوج والزوجة، وأن تهتم بكل ما هو جديد في شكلها ومظهرها وأناقتها حتى تدخل الجديد على حياتها وتجعل من هذا التجديد محور للنقاش مع زوجها.
-أن الصمت لا يعني أن الزوجين لا يحبان بعضهما، ولكنهما لم يستطيعا التفاهم بشكل جيد.
-توجيه اللوم وتبادل الاتهامات يؤدي إلى حدوث ما يسمي بـ(الصمت الزوجي)، ومن ثم تتهدم لغة الحوار بين الزوجين فتبدو الحياة فاترة.

أما حين يكون الحوار هادئًا ومتصلًا بين الزوجين، فإن ذلك يزيد من ارتباطهما ببعضهما، لذلك فإن على كل من الزوجين أن يتعلم كيف يدير الحوار بينه وبين شريك حياته إدارة ناجحة من غير توتر أوتبادل للاتهامات.
 

 

أم عبد الرحمن محمد يوسف
 

المصدر: مفكرة الإسلام