الملحمة الكبرى
عبد الرحمن بن صالح العشماوي
يا أمةً مَا يَزالُ المجدُ في دَمها *** يجري، وإن جَرّهَا للذلِ غَاويها
ملاحمُ الشامِ سُحْبٌ سوف تمنحنا *** غيثًا مِن الهمةِ الكبرى غواديها
- التصنيفات: الشعر والأدب -
ملاحِمُ الشَّام تجري في رَوابِيها *** حرباً تُؤجَّجُ في شتَّى نواحيها
تَجرِي بِحاراً مِن الأحدَاثِ مَائجة *** تَكادُ تغمرُ دُنيانا دَوَاهِيها
تَجرِي أَمامَ عيونِ النَّاسِ بارزةً *** قَد أشْبهتْ مَا بَدا مِنْها خَوافِيها
ملاحمُ الشَّام تفسيرٌ يُعلمُنَا *** مِن الأحاديثِ مَا تَخفى معَانِيها
رِسالة مِن إِلهِ العَرشِ تُنذِرُنَا *** منَ الأعادي التي تعدُو عَوادِيها
وللبشارةِ فيها مَا يبشِّـرنا *** َبأنَّ أمّتـنا تصحُو غَوافِيهَا
ملاحمُ الشَّام تمهيدٌ لملحَمةٍ *** كُبرى على مُستَوى الدُّنيا وَمَا فِيها
تُلملِم الشمل في مِصر الإباءِ وفي *** بَغدادِنا وتُباري مَن يُباريها
وتَبلُغُ المغربَ الأقصَى بَشائِرُها *** يطوي بِساطَ الهوى والوهمِ طَاوِيها
وَتَرسُمُ اليَمنُ المحبوبُ خارطةً *** خيوط حاضِرها شُدت بماضِيها
تبشرُ المسجدَ الأقصى بملحمةٍ *** تحرِّكُ الأرضَ قاصيها ودَانِيها
ملاحمُ الشَّام أبوابٌ مفتّحة *** على انتصارٍ كبيرٍ في مَغانيها
فيها برغم مآسيها وقسوتها *** بشارةٌ سوف تُنسيِنَا مَآسيها
تجمعتْ في ربوعِ الشامِ ألْويةٌ *** للرومِ والفرسِ قد بَانت مَرامِيها
شواطيءُ البحرِ فِيها كل حاملة *** للطائراتِ بها ضَجّت مَراسيها
والأرضُ في شامِنا الميمونِ قد جَمعَت *** مَا يثقل الأرضَ مِن أعدَى أعاديها
لكنها جَمعَت أَبطالَ أمتِنا *** كَأنهم فَوقها إِحدى رَواسِيها
ملاحم الشام للأمجاد نافذة *** وأخسرُ الناسِ فيها مَن يُجافِيها
تهزُّ غوطتها أحداث دابقها *** هزاً سيرفع فيها شأنَ حَامِيها
لا تسألوا حمصها عن ليل حسرتها *** لكنْ سَلوا فَجرها لما يُوافيها
سلوا دمشق وريفا قد أحاط بها *** عن روضها حينما تجري سواقيها
ولتسألوا حلبًا عَن صرحِ عِزتها *** لما يُنادي بما تهوى مُنادِيها
لا تسألوا قسوةَ الباغي وخسّتَه *** لا تَسألوا فِرقَةً بَانت مَخازِيها
سلوا رُبى الشام أعلاها وأسفلَها *** ماذا ستحمِلُ من خيرِ أياديها
كأنني بجيوشِ الغاصِبينَ رَمَى *** بها إلى خيبةِ الإذلالِ رامِيها
الفرس والروم والحزب الذي ذَهبَت *** بِهِ إلى الموتِ أحقادٌ يُواريها
وكلُ طائفةٍ بَانت مَطامِعُها *** وكُلّ مَن بَات من قومي يُوالِيها
وكُل من خَدعوا شامَ الإباءِ ومن *** تَاهت قوافلُهم فيها وحادِيها
كأنني بهم ارتدَّت جحافلهم *** يذوقُ رائحها ما ذاق غَادِيها
إني أرى فرقَ الإلحادِ جاثيةً *** على طريقِ الرَّدَى، يا قُبحَ جَاثيها
إني أراهم كأعجاز النخيل هوى *** فيها على ساحةِ الإذلالِ خاويها
كأنَّني برياح الذل تطمرهم *** بِما تسُوقُ إليهِم من سُوافِيها
نعم، ملاحم شام العز تُحزننا *** ولا غرابةَ أن تبكي بَواكِيها
فالخَطبُ فيها كَبيرٌ والقلوبُ بها *** وجِيبُها من جراحات تعانيها
قتلٌ وهدمٌ وتشريدٌ وطائفةٌ *** بَغَى على شَامنا الميمونِ بَاغيها
لكنها في طَريقِ النصرِ ملحمةٌ *** كُبرى سينشد لحنَ النصرِشاديها
بُشرى لمصرَ وللشامِ الأبي ويا *** بشرى لبغدادِنا فالخيرُ آتيها
يا أمةً مَا يَزالُ المجدُ في دَمها *** يجري، وإن جَرّهَا للذلِ غَاويها
ملاحمُ الشامِ سُحْبٌ سوف تمنحنا *** غيثًا مِن الهمةِ الكبرى غواديها
ملاحمُ الشَّامِ تمحو صفحة كتبتْ *** فيها مذلتنا، تمحو حواشيها
وتكتبُ المجدَ أسفارا مسطَّرة *** حروفها بدماءٍ فاح زاكِيها
غداً أذكِّركم بالنَّصرِ تُعلِنُهُ *** قصيدتي وبهِ تَشدو قَوافِيها