التقيد بأنظمة المرور
خالد بن علي المشيقح
التقيد بأنظمة المرور -التي رُتِّبَت لمصلحة الجميع ومن ذلك الإشارات الضوئية- أمر واجب، لما يترتب على عدم التقيد بها من أضرار في النفس، وما دون النفس في الأطراف والنافع، وكذا في الأموال والممتلكات
- التصنيفات: أخلاق إسلامية -
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد:
فإن شرائع الإسلام استوعبت شتى جوانب الحياة وشؤونها، وانتظمت كل ما يعرِض المرء من مهده إلى لحده، فلم تدع مجالاً في السلوك العام أو الخاص إلا وجاء فيه بأمر السداد؛ فقد دخلت توجيهات الإسلام وأحكام الشريعة في تنظيم المجتمع في دقيقه وجليله، في أفراده ومجموعه، في شأنه كله، ولا تزال مدونات أهل الإسلام في الفقه والأخلاق مشحونة بالحكم والأحكام في فكرٍ أصيل، ونظرٍ عميق، في فهم شؤون الحياة وسياسة المجتمع.
وإن مما يظهر فيه شمول هذا الدين وجلاء حكمه وأحكامه ما أوضحه القرآن والسنة، وآثار الأئمة من آداب المرور في الطريق وأحكامه، وحقوق المارة، وأدب الجماعة، قال الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} [الفرقان:63].
وقال تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} [الإسراء:37].
وللطريق آداب كثيرة، منها: ما ثبت في السنة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « »، قالوا: "يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا نتحدّث فيها"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « »، قالوا: "وما حقه"؟ قال: « » (متفق عليه).
ومن آداب المرور الواجبة ما رتب من أنظمة السير التي قصد منها حفظ الأنفس، والأموال والممتلكات.
وقد حرّم الله تعالى، وكذا رسوله صلى الله عليه وسلم الاعتداء على النفس المعصومة، وكذا المال المعصوم، وأجمع المسلمون على ذلك.
قال الله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء من الآية:29]، وقال تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة من الآية:195]، وقال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الأنعام من الآية:151].
فالتقيد بأنظمة المرور -التي رُتِّبَت لمصلحة الجميع ومن ذلك الإشارات الضوئية- أمر واجب، لما يترتب على عدم التقيد بها من أضرار في النفس، وما دون النفس في الأطراف والنافع، وكذا في الأموال والممتلكات.
وروى ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « » (رواه البخاري)، وروى جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ...» (متفق عليه).
وثبت في صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ».
فإذا كان هذا الثواب العظيم لمن يكف الأذى عن الطريق، فكيف تكون العقوبة لمن يتعمَّد إيذاء الناس في أنفسهم وأموالهم أثناء مرورهم في الطريق.
فالواجب على المسلم أن يتقيَ الله عز وجل في نفسه وإخوانه، وأن يشكر الله عز وجل على نعمة هذه المراكب، وأن يتقيد بما وضع من نظام قصد منه المصلحة، وأن لا يجعل من هذه المراكب سبب سوء له ولغيره. » (متفق عليه).
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه٬ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.