قنبلة نووية أم فرقعة صوتية؟؟
ما الذي يقدمه الغرب لملالي قُم في مقابل خدماتهم الإستراتيجية الضخمة لمصالحه بعيدة المدى؟
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
الدكتور عبد الله النفيسي قامة فكرية متميزة سواء أتفقنا مع كثير من آرائه أم اختلفنا معها.. ومن أحدث تصريحاته قوله: إن طهران مارست بنجاح (شطارة البازار) أي: براعة السوق، فحققت مكاسب إستراتيجية هائلة بلا ثمن كبير.. وهذا أحد آراء المفكر النفيسي الذي لا يوافقه عليه كثير من الخبراء والمطلعين على التاريخ الصفوي وخفايا الصلات الوطيدة بين مشروع المجوسية الجديدة والصهاينة والصليبيين الجدد..
فما الذي يقدمه الغرب لملالي قُم في مقابل خدماتهم الإستراتيجية الضخمة لمصالحه بعيدة المدى؟
كل ما يهتم له الغرب -بإجماع المفكرين عندهم وعندنا- أمران اثنان لا ثالث لهما: حماية الكيان الصهيوني، واستمرار تدفق النفط بأسعار تلائم الرؤى الغربية الجائرة.. فإذا عثر على حارس أمين وموثوق فيه كدولة الصفويين الجدد، يحقق هذين الهدفين الحيويين وبلا مقابل، فبأي منطق سوف يرفض صفقة كهذه، وهو أبو النفعية المحض؟ وأين مهارة السوق الإيرانية في ظل تحالف مدنس كهذا، يجدد تحالفهم القديم منذ خمسة قرون ضد الدولة العثمانية؟
بل إن استئناف هذا التحالف على حساب أمة الإسلام ليس وليد مغازلة أوباما مع حسن روحاني، الذي لا يملك سلطة فعلية في صنع القرار الذي يحتكره الولي الفقيه، الذي لم يتبدل..
ألم يهبّ الملالي لمؤازرة الغزو الصليبي لكل من أفغانستان -2001م- فالعراق -2003م- باعتراف رفسنجاني وخاتمي وأبطحي؟ وكيف يقوم الأمريكان بتلك الحملة العسكرية الضخمة على كابل وعلى بغداد، ثم يسلِّمون العراق كاملاً، وأفغانستان جزئياً، لأدوات (عدوهم) الإيراني؟
وأما لعبة الملف النووي فهي أم الفضائح في هذا الأمر، لأن الغرب أنهى العراق كدولة موحدة وليس كنظام فحسب، لمجرد إقامته مفاعلاً نووياً دمره اليهود في مهده، ثم تابع الأمريكيون مهمتهم حتى تركوا العراق جثة هامدة يتحكم بها خامنئي تحكماً لا يختلف عن سلطته في إيران، إلا من حيث الشكل حيث توجد حكومة عميلة لا تملك من قرارها مثقال ذرة..
فكيف ولماذا سكت الغرب على المشروع النووي الصفوي كل هذه السنين، ولم يقاومه إلا بالتهديدات اللفظية، والعقوبات الاقتصادية لئلا يصبح الأمر مفضوحاً من بدايته..
وحتى الصهاينة الذين لا يمزحون في ما يتعلق بمصالحهم، لم يفعلوا شيئاً البتة، لوقف مشروع الملالي، مع أنه نظرياً يهددهم وجودياً من دولة لطالما تشدق زعماؤها بالدعوة إلى إزالة كيان الصهاينة من فلسطين المغتصبة!! وفي الأقل يعني انتهاء تفرد اليهود بحيازة سلاح نووي في المنطقة!!
فإذا كان هنالك من مهارة في كل ما سلف، فهي مهارة الغرب المنافق، الذي أدار الملفات بصورة جادة كلامياً وفارغة فعلياً... وعليه فهناك اليوم نظريتان لإجلاء كل الغموض المحيط بقصة الملف النووي الإيراني؛ ففريق من الخبراء يتوقعون أن المفاعلات النووية الإيرانية بعيدة كل البعد عن إنتاج سلاح نووي، وأن الغرب عمد إلى تسويق تلك الهواجس لترهيب العرب وابتزازهم به.. وبما أنه أدى مفعوله ووصل الزرع إلى موسم الحصاد فلا بأس بتصفية الوهم والصدع بالواقع، حيث تتولى الأقليات المتحالفة توفير مظلة أمان إستراتيجية للعدو اليهودي، مع سيطرة المجوس الجدد على سوريا ولبنان بعد العراق...
وهنالك خبراء آخرون يرجحون أن الغرب قرر وضع حد لهذه المهزلة، قبيل إنتاج طهران سلاحاً نووياً، في مقابل تسليمهم مفاتيح المنطقة من اليمن جنوباً إلى سوريا شمالاً، ولذلك فسوف ينتهي الأمر بانتصار وهمي يتاجر به خامنئي سنوات، وبانتصار فعلي هو تمدد المجوسية الجديدة بقبول أممي إلى البحر المتوسط للمرة الأولى في تاريخ الفرس، الذين ظلوا يحلمون بذلك منذ آلاف السنين..