أسباب المغفرة
إذا كان موسم الخير قد انقضى بانقضاء رمضان، فإن فعل الخيرات لا ينقضي، وأسباب المغفرة موصولة أبدًا لا تنقطع ولا تنتهي، ومن حَصَّلَ المغفرة في رمضان؛ لا يعدم أسباب المغفرة بعد رمضان، وأسباب المغفرة كثيرة ويسيرة على من وفقه اللَّه، وهذه بعض أسباب المغفرة نعرضها مع أدلتها باختصار شديد.
- التصنيفات: الحث على الطاعات -
رمضان شهر المغفرة، يغفر اللَّه فيه ذنوب المؤمنين المتقين، ويعتق رقابهم من النار، فمن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، ومن قام ليله إيمانًا واحتسابًا؛ غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه، ومن أعرض عن أسباب المغفرة في رمضان، فأدرك رمضان ولم يُغفر له، فمتى يدرك عفو اللَّه ومغفرته ؟!
إن اللَّه تعالى يبعده ويطرده، استجابةً منه سبحانه لدعاء أمين السماء وأمين الأرض: بَعُدَ عن اللَّه من أدرك رمضان فلم يُغفر له.
وإذا كان موسم الخير قد انقضى بانقضاء رمضان، فإن فعل الخيرات لا ينقضي، وأسباب المغفرة موصولة أبدًا لا تنقطع ولا تنتهي، ومن حَصَّلَ المغفرة في رمضان؛ لا يعدم أسباب المغفرة بعد رمضان، وأسباب المغفرة كثيرة ويسيرة على من وفقه اللَّه، وهذه بعض أسباب المغفرة نعرضها مع أدلتها باختصار شديد:
1- التوحيد وترك الشرك من أعظم أسباب المغفرة:
قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ *وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [المائدة:9-10].
وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال:2-4].
وقال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه:82].
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء:48].
وفي الحديث القدسي، يقول اللَّه عز وجل: يا ابن آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تُشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة.(الترمذي 3540)، وفي صحيح مسلم: « » (مسلم 2687).
وفي حديث أبي ذر فيمن مات على التوحيد: « » قال البخاري: هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال: لا إله إلا اللَّه غفر له.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، كحديث عثمان عند مسلم: « ».
وحديث البطاقة عند الترمذي وأحمد صريح في ذلك، حيث تطيش سجلات الذنوب وترجح كلمة الإخلاص.
2- الاستغفار:
قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة:199]، وقال تعالى: {وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:285]، وقال تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء:110]. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران:135-136].
وفي الحديث القدسي: يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي. وإذا أذنب العبد ذنبًا ثم استغفر اللَّه، قال اللَّه عز وجل للملائكة: علم عبدي أن له ربًا يأخذ بالذنب، ويغفر الذنب، أشهدكم أني قد غفرت له. والأحاديث في هذا كثيرة مشهورة.
3- التقوى:
قال تعالى: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال:29].
4- الدعاء مع رجاء الإجابة:
قال تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي.
ويدخل في ذلك دعاء الولد لوالده، كما في الحديث: « » ذكر منها: « ».
5- اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم:
قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران:31].
6- الإنفاق في سبيل اللَّه في السراء والضراء، وكظم الغيظ، والعفو مع القدرة:
قال تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنفِقونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:133-134]، وقال تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40].
7- الصبر مع العمل الصالح:
قال تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [هود:11]، وقال تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى:43].
8- الوضوء مع الإسباغ:
عن عثمان قال: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئي هذا، ثم قال: « »، أي زيادة ثواب (مسلم).
وفي رواية ابن ماجه: « » والأحاديث في تكفير الخطايا بسبب الوضوء كثيرة.
9- الذكر بعد الوضوء:
عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: « » (مسلم 234).
وفي رواية الترمذي: « ».
10- صلاة ركعتين بعد الوضوء:
عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: » (مسلم).
وعن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم: « » (متفق عليه). وقال صلى الله عليه وسلم: « » (مسلم).
وهذه الصلاة مع المحافظة على الوضوء؛ من أرجى الأعمال الموجبة للجنة، كما في حديث بلال، حين سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن أرجى عمل يعمله، فقال صلى الله عليه وسلم: « ».
11- الأذان للصلاة:
ففي صحيح الجامع الصغير، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: « »، وقال صلى الله عليه وسلم: « »، وقال صلى الله عليه وسلم: « ».
12- إجابة المؤذن، وترديد الأذان:
عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال صلى الله عليه وسلم: « » (مسلم).
وإجابة المؤذن، والدعاء بعد الأذان؛ سبب لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم للمسلم، وسبب لصلاة اللَّه عز وجل على عبده، وسبب لإجابة دعوته.
13- المشي إلى المساجد للجُمَع والجماعات:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: « ».
وقال صلى الله عليه وسلم: « ». وقال صلى الله عليه وسلم: « ».
14- الصلوات الخمس، وصلاة الجماعة:
قال صلى الله عليه وسلم: « » (متفق عليه).
وقال صلى الله عليه وسلم: « » قالوا: لا يا رسول اللَّه، قال: « ».
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللَّه، أصبتُ حدًا فأقمه عليَّ، قال: وحضرت الصلاة فصلى مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما قضى الصلاة، قال: يا رسول اللَّه، إني أصبت حدًا فأقم فيَّ كتاب اللَّه، قال: « » قال: نعم، قال: « » (مسلم 2764 - 2765).
وفي رواية: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للرجل: « » قال: بلى. قال: « » قال: نعم يا رسول اللَّه، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: « » أو قال: « » (مسلم 2765).
وفي الصحيحين: أنه نزلت في شأن ذلك الرجل هذه الآية: {أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:114]، فقال رجل: هذا له خاصة؟ قال: « ». وقال صلى الله عليه وسلم: « » (مسلم 232).
15- صلاة الجمعة:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9].
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: « » (متفق عليه).
وقال صلى الله عليه وسلم: « » (مسلم 857).
وقال صلى الله عليه وسلم: «ل » (البخاري 883 - 910، والنسائي 1403).
16- التأمين خلف الإمام:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: « » (مسلم 410).
جمال المراكبي