الرضيع... عالم من الأسرار (1)
لم أكن أعلم أنني مِحور المشهد الرائع الذي كان يسترعي اهتمام أهلي على الدوام، فقد كان تطوري أنا الرضيع من الأمور المثيرة والجذابة التي يتابعها كل أب وأم، ولهذا قرّرتُ أن أبوح لكم بأسرار يحتضنها عالمي كي أُشرِكَكم بفرحي.
- التصنيفات: الإعجاز العلمي -
لم أكن أعلم أنني مِحور المشهد الرائع الذي كان يسترعي اهتمام أهلي على الدوام، فقد كان تطوري أنا الرضيع من الأمور المثيرة والجذابة التي يتابعها كل أب وأم، ولهذا قرّرتُ أن أبوح لكم بأسرار يحتضنها عالمي كي أُشرِكَكم بفرحي.
فعملية نموي لم تكن زيادة بحجمي ووزني فحسب؛ وإنما وهذا هو الأهم كانت هناك معارف اكتسبها يوماً بعد يوم، وأفعال وتصرُّفات كنت أقوم بها حسب ما يُسمح به عمري، عِلماً أنني أعرف أن كل طفل هو كينونة خاصة بحدِّ ذاته ويختلف عن غيره، وما يقوم به طفل غيري قد لا أستطيع أن أقوم به أنا، ومع ذلك يكون كِلانا طبيعيين، ونفس الأمر ينطبق على المقاييس حيث أنه لا يوجد رقم ثابت سواءً للوزن أو الطول أو غيرهما من المقاييس يُمثِّل عمراً ما، فلكل عمرٍ مجال من المقاييس، فلقد كان وزني يوم وُلِدتُ حوالي ثلاثة كيلوغرامات وربع الكيلوغرام، بينما كان ابن خالي أقل من ثلاثة كيلوغرامات، أما ابنة عمي فقد تجاوزت الأربعة، ورغم ذلك كُنّا كلنا طبيعيين -ولله الحمد-.
وُلِدتُ وطولي (50 سم)، لقد أثلج بكائي الشديد لحظة ولادتي قلب أمي وأبي والطبيبة وكل الممرضات، وخلال شهري الأول كنت أرفع رأسي لحظاتٍ قصيرة وأنا مستلقٍ على بطني، وأُحرِّك أطرافي بشكلٍ غير مضبوط، وأُطبِق يداي وأفتحهما، وقد ابتسمت مراتٍ بشكلٍ لا إرادي كما أخبرتني جدتي، كنت أنظر للوجوه، وأستجيب للضوء، وأُركِّز على أشياء تقع ضمن مسافة لا تزيد عن (25 سم)، ولكن بالطبع لم أكن أرى كما أرى اليوم بعدما كبرت سواءً من ناحية وضوح الصورة أو ألوانها، كنت أبكي عندما أجوع أو أُبلِّل الفوط (الحفاضات)، وقد نقص وزني حوالي ثلث كيلو غرام خلال الأسبوع الأول من عمري، ولكنني استعدت ما فقدته خلال أقل من أسبوعين.
- بعمر شهر أصبح وزني حوالي (4 كغ)، وطولي (54 سم)، وعندما كانت أمي تضعني على بطني كانت ركبتاي منثنيتين تحت بطني، وكان بإمكاني أن أُدير رأسي إلى أحد الجانبين، وعندما كان أبي يحملني من تحت إبطي فإنني لم أكن أستطيع تثبيت رأسي بشكلٍ جيد، كنت أُحرِّك رأسي إلى إحدى الجهتين عندما أوضع على ظهري، وكانت أصابع يدي منعطفة بشكلٍ قبضة، وكنت أتابع بنظري الأشياء على مدى 90 درجة من الخط المتوسط في كل جهة، وأبدي اهتمامي بوجوه أفراد عائلتي، وأستجيبُ لبعض أصواتهم.
- وعندما كانت أختي تضعني في شهري الثاني على بطني كنت أرفع رأسي حتى زاوية 45، وعندما أحمل من تحت إبطي أثبت رأسي دون ميلان لفترة بسيطة، وأتابع الأشياء بعيني متجاوزاً زاوية 90 درجة من الخط المتوسط في كل جهة، وأبتسم إذا ضحك أخي أمامي، وأصدر أصواتاً استجابة لمكاغاة (آه، أغا) أحدهم لي.
- وفي الشهر الثالث من عمري أصبح وزني (5.5 كغ)، وطولي (61 سم)، وعندما كنت أوضع على بطني كنت أرفع رأسي 45 درجة لفترة زمنية أطول، وعندما أحمل من تحت إبطي أثبت رأسي لفترة أطول، أيضاً كنت ألعب بأصابعي، وأُمسِك الأشياء بشكلٍ مقبول، وأنظر إلى الأشياء التي أحملها في يدي، وأبتسم بشكلٍ عفوي، كما أنني كنت أضحك فتخفق القلوب لفرحي.
- أما في الشهر الرابع فقد كنت أرفع رأسي 90 درجة عندما أُوضَع على بطني، وأستطيع حمل وزني على ساقيّ الممدودتين عندما تحاول أمي إيقافي، وأُقلِّب من وضعيتي على بطني إلى وضعيتي على ظهري، وأُمسِك الألعاب باليدين معاً وأوجهها إلى فمي فتضحك أختي من تصرُّفاتي، وأبدي سروري عندما تُقدِّم لي لعبة، وأفتح فمي عند تقديم الطعام لي، وأبتسم لرؤية نفسي في المرآة، أما ضحكاتي فقد ارتفع صوتها.
- وعندما كنت أوضع بشهري الخامس على ظهري كان يمكنني رفع رجليّ، وعند محاولة إجلاسي كنت أستطيع تثبيت رأسي بشكلٍ جيد ومستقيم، وكنت أتقلّب من ظهري إلى بطني، وأستطيع مسك مكعب صغير (بقياس 2-3سم) في يدي، وبدأت بتمييز الأشخاص الغرباء، وكنت أصدر أصواتي العذبة (آه، كو، غ).
- لقد وصل وزني بشهري السادس إلى (7 أو 8 كغ)، وكان طولي (67 سم)، وكنت أستطيع الجلوس مستنداً إلى ذراعيّ، كما كنت أصل إلى الألعاب وأمسكها بيدٍ واحدة، وأنقلها لليد الأخرى، وأستخدم قبضتي بشكلٍ جيد في القبض على مكعبٍ صغير، وأُعاوِد مسك اللعبة إن سقطت من يدي، وأدفع يد الشخص غير المرغوب فيه، وأُبدي انزعاجي عندما تُؤخَذ مني لعبتي، وأُعبِّر بأصوات قريبة من البكاء عن ذلك.
كما أن أسناني قد بدأ بزوغها في ذلك العمر، ولكن لا تقلقوا إن تأخَّر ذلك حتى السنة، ولِعلِمِكُم فإنني بأشهري الستة الأولى لم أكن أحب إلا الحليب من صدر أمي.
وبذلك أكون قد أكملتُ نصف عامي الأول، تبارك الله خالقي، ولبوحي بأسراري لكم أحبتي بقية... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد المطلب السح