الأنا والحقد والكره

في ديننا الإسلامي الحنيف، لدينا الكثير من المواعظ التي تُعلِّمنا وتُرشِدنا إلى التحلِّي بالأخلاق الحميدة، وأن نسلك السلوك الحسن

  • التصنيفات: محاسن الأخلاق -


في ديننا الإسلامي الحنيف، لدينا الكثير من المواعظ التي تُعلِّمنا وتُرشِدنا إلى التحلِّي بالأخلاق الحميدة، وأن نسلك السلوك الحسن ومنها حديثٌ يخص التحية: «السلامُ قبلَ السُّؤالِ، فمَنْ بدأكُمْ بالسُّؤالِ قبلَ السلامِ فلا تُجِيبُوهُ» (حسّنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: [3699]، وذكره ابن القيم في زاد المعاد برقم: [2/379] عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما).

وحديثٌ على المصافحة: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلاّ غفر الله لهما قبل أن يفترقا» (رواه الترمذي)، وحديثٌ في الهدية: «تهادوا تحابوا» (رواه البخاري في الأدب المفرَد، ومالك، وصحّحه الألباني)، وحديثٌ في احترام المواعيد: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» (رواه البخاري ومسلم).

كلنا نشاهد التلفزيون؛ ألم يلفت نظرك رُقي التعامل بين البشر في العالم الآخر؟

ألم تتمنى أن يكون تعاملنا مثله أو أفضل منه في رُقي التعامل والاحترام؟ خاصةً ونحن أهل الدين الإسلامي الحنيف الذي ينصحنا بل ويحثّنا على الرُّقي في حسن المعاملة؟ ألم تسافر يوماً؟ أو حدثك من سافر على ما رآه متباهياً لأنه رآه، ومتأثراً لأننا لم نكن مثلهم من نظافة المدن التي زارها، وجمال وتنسيق حدائقها وشوارعها، وتناسق محالها التجارية ونظام السير على الطرقات وحسن المعاملة من الجميع؟

وربما يقول قائل: "ما العلاقة بين هذا وموضوع السلوك الحسن"؟

فأقول أن العلاقة وطيدة جداً؛ لأن السلوك الحسن هو الأصل، فهو الذي يعطيك الحافز للتقدم والإبداع، وسأعطيك مِثالاً بسيطاً -ومن الواقع الذي حدث فعلاً- فلو أنك تقدَّمت بنيةٍ حسنةٍ وصافيةٍ لإقامة أي مشروع ممتاز عندنا -بدون وجود السلوك الحسن لدى الجميع- فهل لك أن تتخيل ما الذي سيَحدث بمشروعك الممتاز؟ وهل سيُسمَح لك بإقامته في ظل الأنا والحقد والكره؟

وبكل أسف؛ سأقول لك النتيجة سالباً: إما أن يُلغى المشروع نهائياً بحجج واهيةٍ وغير مقنعةٍ، وإما أن تُسرَق منك الفكرة ويتم تنفيذه بطريقةٍ أخرى ولغيرك، وإما أن يتم تسفيه المشروع وبأنك تحلم بأن يكون مثل هذا المشروع عندنا، فنحن لم نصل بعد إلى هذا المستوى، وإما أن تتم الموافقة عليه بعد مساومات كأن تدفع لفلان وفلان أو يشاركك فلانٌ وفلان.

وبالتالي؛ يكون لك خياران لا ثالث لهما وأحلاهما مرّ، الأول: إن كنت ضعيف النفس ولست مؤمناً بالسلوك الحسن فستنساق وراء أطماعهم.

الثاني: أما إن كان العكس تماماً، فلن ترضى ولن ترضخ لهم وستنسحب بهدوءٍ، لاعناً اليوم الذي فكّرتَ فيه بإقامة مشروع ممتاز في بلدك وبالتالي لن يكون هناك مشروعٌ.


علي حسن السعدني