ذهب العملاء وبقي الشعب!

أحمد عبد الوهاب

رغمَ ضَخامة ما يجري على الأرض اليومَ، وحتى في الداخل الصِّهيَوْني، إلا أنَّ الصَّهاينة ما زالوا يعيشون في غَيْبوبتهم القديمة وفقًا للأنظمة العربيَّة القديمة، ولم يَشعُروا أنَّ هناك شيئًا تغيَّر على الأرض..

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


رغمَ ضَخامة ما يجري على الأرض اليومَ، وحتى في الداخل الصِّهيَوْني، إلا أنَّ الصَّهاينة ما زالوا يعيشون في غَيْبوبتهم القديمة وفقًا للأنظمة العربيَّة القديمة، ولم يَشعُروا أنَّ هناك شيئًا تغيَّر على الأرض، وأنَّ صَرخات الجماهير في ميادين التحرير لم تَكُنْ مُوجَّهةً في الأساس إلا للأنظمة العميلة، التي تَفُوقُ في خُطورتها ما قد يأتي به الصَّهايِنة؛ لأنهم محسوبون في الأساس على بني جِلدتهم.

لقد سالت دماءُ الشهداء المصريين منذ سنواتٍ طويلة داخِل الأرض المصريَّة دون أنْ تُؤخَذ حُقوقهم حتى الآن رغم انتصار أكتوبر المجيد، فجنودنا الّذين قتلَهُم السفَّاحون في 1967 وهم أسرى، لم نأخُذْ حقوقهم حتى الآن، وكذا الانتهاكات الإسرائيليَّة للحدود المصريَّة ما بين الحين والآخَر بحجَّة مطاردة العناصر الفلسطينيَّة في ظلِّ تَواطُؤٍ حقير من النِّظام المخلوع في مصر، كان مستفزًّا بشكلٍ غير طبيعي، فقد قتَل الصهاينة إخوتنا داخلَ أرضِنا المحرَّرة على الورق، والتي رهنها النظام البائد، فالصَّهاينة يفعَلُون ما يشاؤون في سيناء دُون تأشيرات دُخول، بل نُقدِّم لهم - فيما مضى، وليس اليوم بالطبع - كلَّ التسهيلات، ونقومُ على خِدمة هؤلاء القتَلَة والمجرمين الذين اغتصَبُوا مُقدَّساتنا وأعراضنا، وقتلوا أطفالنا وشُيوخنا، وصرخت المغتصَبة: "وا معتصماه"، ولكن لا مجيبَ؛ فقد ولَّى زمن المعتصم، وجاءت أزمنةٌ نَسأَلُ الله أنْ يُنجينا منها على خيرٍ.

لقد تفنَّن النظامُ البائد في مصر في إذلال شَعبِه، وفعَل كلَّ شيء لا يريدُه الشعب، فلمَّا قُلنا: لا لتصدير الغاز، قام بتصديره مجانًا، وعندما قُلنا: دماء الشهداء والحدود، أطلق الجواسيس، وحين حاوَلنا أنْ نُعمِّر سيناء لكي يعيشَ أهلها كالبشر بعدَما ضحَّوْا بأرواحهم وفلذات أكبادهم من أجلنا، توقَّفت مشاريع الإعمار وتمَّت مطاردتهم أمنيًّا، بل الأغرب من ذلك افتِعالُ التفجيرات من أجْل تنفيذ خطط المطاردة، ولا أعتقدُ أنَّ هذا كان يصبُّ في مصلحة مصر؛ لأنَّنا لم نستثمرْ في واحدٍ على عشرة من أرض الفيروز.

واليوم وبعد الثورة التي أحدثَتِ انقلابًا في سيناريوهات الغرْب وإسرائيل، بأنْ أسقَطَ الشعبُ أعتَى الأنظمة فسادًا وتجبُّرًا، بل والذي لا يُصدّق أنْ يقوم الشعب المصري بحاكم هذا النِّظام ويضعه في القفص ويراه القاصي والداني، ولكنِّي أظنُّ أنَّ الصَّهايِنة لا يعرفون العربيَّة، بل لا يرَوْن الصور العربيَّة أيضًا، ويعيشون إلى الآن في ظلِّ الأنظمة العميلة التي أصبحت اليومَ شيئًا من الماضي البغيض، لقد اعتادَ هؤلاء المجرمون سفْك الدماء، بل ساعدهم النِّظام البائد في قتْل إخوتنا في غزة في عام 2008، في أبشع خيانةٍ يرتكبها نظامٌ بالتحالف مع عدوٍّ، بل قتَل الطيران الإسرائيلي وهدَم البيوت في رفح المصريَّة في هذا العام، في الوقت الذي كان النظام المصري البائد يقومُ بجلب المعدَّات العملاقة ومواد البناء للحدود مع غزة؛ حتى يُغلِقَ عليهم باطن الأرض بعد أنْ أغلق عليهم ظاهرها، وفي كلِّ مرَّة كان يُقتَل فيها مصريون كانت الزيارات والاتِّصالات تتمُّ، وفي النهاية نخرُج بمؤتمر صحفي يقول: إنَّ الأمر غير مقصود "نيران صديقة"، وكنت أسأل نفسي: لماذا لا تكون أيضًا نيراننا صديقةً لهم؟!

لقد انتهي عصر الظُّلم والفساد والطُّغيان إلى غير رجعة، وليعلم الصَّهاينة جيدًا أنَّ الدم المصري والعربي والإسلامي من أغلى الدماء على وجه الأرض، فلقد نهَضَ المسلمون من كبوتهم، وعلى الصهاينة أنْ يَدخُلوا حصونهم؛ فالنصر قادمٌ، وردود أفعال المصريين ورسائلهم كانت واضحةً جدًّا خلالَ الأيَّام الماضية، فأصدقاؤكم ينتظرون اليوم حُكم القَضاء المصري، وسترَوْن اليوم وليس غدًا أنَّنا لن نتهاون في حُقوقنا، وستتمُّ إعادة صِياغة كلِّ شيءٍ من جديد، وأنتم مَن فتحتُم النار على أنفُسِكم، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء:227].