الوعي أولاً

كثير من القيادات يستقي رؤيته للأحداث من مقالات الرأي وبرامج الفضائيات في كافة دول العالم، والحقيقة أنها وإن كانت تخضع لمعايير ومبادئ وبها من المثالية والتي لا يمكن بحال أن تصف الواقع الحقيقي؛ ولكنها تمثل القشرة التي تلون القنبلة والصاروخ وتزخرفه ...

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


كثير من القيادات يستقي رؤيته للأحداث من مقالات الرأي وبرامج الفضائيات في كافة دول العالم، والحقيقة أنها وإن كانت تخضع لمعايير ومبادئ وبها من المثالية والتي لا يمكن بحال أن تصف الواقع الحقيقي؛ ولكنها تمثل القشرة التي تلون القنبلة والصاروخ وتزخرفه حتى لا يؤذي العين من أول نظرة، وتفك الارتباط بين القنبلة والصاروخ، والبندقية والطلقة قبل تفجيرها أو إطلاقها؛ حتى يتسنى للمستعمل لها من حملها والتعايش معها وينقطع تفكيره لحظة الحمل بعدد وشكل ضحاياها وماهيتهم وحرماتهم.

ولكن الجدير بالذكر أن تلك المقالات والتي تداعب ذهن الضحايا بقرب نجدتهم ومشاركتهم التعاطف في مصابهم ما هي إلا نزعة لضمير لا يملك من الأمر شيء، وحين يعول القادة على تلك النزعات المثالية في عالمنا اليوم وتكون من أحد مرتكزاتهم في اتخاذ قرار ما في أي موقف من المواقف يكون واهم ولا يدري حقيقة الأمر، وكل تلك المقالات والبرامج والتي تلتحف بها الشركات العالمية والمتعددة الجنسيات، والنظم، والحكومات هي بالنسبة لها ضرورة كَلِثام الجندي واللص حين يقتل أو يسرق ولا يريد أحد التعرف على حقيقته. وكل هؤلاء الكتاب من يسهل لهم أمر تحركاتهم ويمولهم وينشر جهدهم هي نفس تلك الشركات والتي ترى النفعية في نشر تلك الآراء والبرامج والمقالات من حيث غسيل السمعة من ناحية، وتجعل فريق من الضحايا يشعر بقرب الفرج وأن يدا ما ستمتد إليه لتنقذه فيقعد عن نجاة نفسه بمقاومة أو هروب من جحيم ما يواجهه.. ومن ناحية أخرى تركيع طبقة أخرى من المجتمعات حيث سيكلوجية النفس البشرية لا تمضي على مضمار واحد والناس عند مواجهة الخطر لا يتساوون؛ بحسب جبلتهم وأخلاقهم وأعرافهم ومعتقداتهم.

وللأسف نحن في العالم الثالث قد لا نعرف أنها أزياء تلبسها العولمة في سبيلها للسيطرة الكاملة والهيمنة المطلقة على العالم، وتصارع القوى الكبرى على أسباب حياتها وعلوها ومواجهة الأخطار المنتظرة والمحتملة؛ بينما نحن لا نفكر في الخروج من النفق إلا بعد أن ندخله ويغلق علينا بابه.

صفوت بركات

المصدر: العرب نيوز