سارة.. والعدالة الأمريكيّة
خالد بن سعود الحليبي
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
13/7/1427 هـ - 07/08/2006 م
"من المفترض أن تذهبي إلى الجحيم وليس إلى السجن"؛ هكذا أتبعت ممثلة
العدالة الأمريكية النطق بالحكم الجائر على "سارة الخنيزان". وهو ما
ينبغي أن تقوله فعلاً؛ لتعبر عن حقيقة الغطرسة الأمريكية، والجبروت
الأمريكي، والعنجهية الأمريكية؛ التي عرفنا بقية فصولها الحمراء في
سكاكين الحروف التي أطلقها الرئيس الأمريكي معلقاً على مجزرة قانا
بأنها مسوّغة بالرعب الذي تتركه صواريخ المقاومة اللبنانية في نفوس
جبناء اليهود في حيفا المغتصبة.
لا أدري ماذا تبقّى لمن لا يزال يبحث عن الرأي الآخر عند مصدرّي
القنابل الذكية إلى جزارينا اليهود، والتي لا يظهر ذكاؤها إلا على
رؤوس العرب والمسلمين.
لا أدري هل تبقَّى شيء مما يهذي به المخمورون بتحضر الإنسان الأمريكي،
وديموقراطية أمريكا، وتنصيبها قدوة للبشر؟!
أريد أن أفهم: هل بقي من يتجاهل مبدأ الولاء والبراء الإسلامي الراسخ،
والذي تعمل به أمريكا وإسرائيل بشكل دقيق؛ بينما يتضايق منه بعض
كتبتنا ومفكرينا، ويطالبون بتنحيته عن مقرراتنا؛ حتى لا نبث الكراهية
في نفوس أولادنا لليهود والصليبيين، ولو كانوا محاربين لنا على عدة
جبهات، ولو سفكوا دماءنا البريئة بدم بارد؛ متبوعاً بألذ الضحكات، ولو
نزعوا الأمان مع الألعاب من قلوب الأطفال وأيديهم، ولو زرعوا الرعب
والخوف من سطوتهم في كل جبل وسفح؟!، هذا المبدأ الذي يكشف فيه الرب
-عز وجل- حقيقة عظيمة نراها اليوم ماثلة في لبنان، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ
تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }
[المائدة:51].
حين تريد أمريكا أن تجري تعديلاً على الخريطة الدولية، فإنها لا
تستشير أحداً أبداً، بل تعلن عن شرق أوسط جديد، ثم تقوم بعملية جراحية
في كبد العالم الإسلامي؛ بضرب المقاومة في فلسطين ولبنان، وتطويل يد
إسرائيل، وإطلاقها؛ لتذكّر مَن نسي أو تعلم مَن جهل بقدراتها العادية
جداً، لتشير ـ بالطبع ـ إلى قدراتها النووية الرهيبة، والتي يسمح لها
بالتطوير والتضخم في سرية تامة، وبعيداً عن أي شكل من أشكال الرقابة
الدولية، بينما يحرم من ذلك كل العالم الإسلامي بعجمه وعربه.
قضية حميدان التركي ليست قضية خادمة إندونيسية، ولا قضية مخالفة
لقوانين الهجرة، ولكنها قضية الشاب السعودي المبدع في أمريكا، وليس
المبدع فقط، وإنما صاحب الرسالة؛ المؤمن بأن الإنسان في أي مكان هو في
أمس الحاجة إلى هذا الدين.
من قبل المهندس سامي الحصين، والذي كشفت قضيته دسائس اليهود في تعقّب
النجباء من أبناء بلادنا في أمريكا وبلاد الغرب بشكل عام، وبعد ذلك
يعود شابان من معتقل العار في جوانتنامو بلا حناجر، ويُقال: إنهما
انتحرا، أليس ذلك مؤشراً قوياً على"العدالة الأمريكية"، التي جعلت من
أهدافها الكبرى رعاية شعوب الأرض، وإخراجهم من ظلمات الظلم والقهر
والاستبداد!!
أيتها الدولة الكبرى.. إن الظلم الذي تمارسينه في أروقة مجلس الأمن
وهيئة الأمم، وبين ردهات البيت الأبيض على شعوب المسلمين في الأرض..
بالاحتلال الباطش، وتجريب الأسلحة الفتاكة المحرمة دولياً، وهدم
الممتلكات والبيوت على أهلها، وتعذيب السجناء والأسرى، واغتيال
المخالفين، ودعم القتلة والمجرمين في فلسطين الدامية، والتدخل السافر
في سياسات الدول والتفريق بينها وبين شعوبها.. كل ذلك ـ مهما سوّغ
بمحاربة الإرهاب بمفهومك الخاص بالطبع ـ مغبته خطيرة، وأحب أن أقول:
إن سنة الله الذي لا تؤمنين به لا تتخلف أبداً، وليس في الوجود أقوى
منه عز وجل، ودولة الظلم لا تدوم أبداً، فقد جرت سنة الله بقوله: {
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ
الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }
[هود:102].
وربما هناك أمر لم تعرفيه من قبل.. هو عندنا في كتاب الجهاد في صحيح
البخاري أصح كتبنا بعد كتاب ربنا، يقول فيه نبينا صلى الله عليه وسلم:
«حقَّ على الله أنْ لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه"، وقد ارتفعتِ
حتى وصلتِ المريخ.. فترقّبي السقوط.