حُسن التوكل

التوكل على الحي القيوم عمل جليل لا يستغني عنه العبد في سائر أحواله، وقل من الخلق من يفقه هذا الباب، ويعتني ويكلف به

  • التصنيفات: أخلاق إسلامية -


الحمد لله والصلاة والسلام على سيد المتوكلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن التوكل على الحي القيوم عمل جليل لا يستغني عنه العبد في سائر أحواله، وقل من الخلق من يفقه هذا الباب، ويعتني ويكلف به.



والدين مبناه على التوكل:

قال سعيد بن جبير رحمه الله: "التوكل على الله نصف الإيمان".

والتوكل عمل قلبي ليس من أعمال الجوارح قال الإمام أحمد رحمه الله: "التوكل عمل القلب".

وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين بالتوكل فقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ . الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ . وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء:217-219]، وقال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق من الآية:3].

وقد ورد في السنة الأمر بالتوكل وعظم منزلته، فقال صلى الله عليه وسلم: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكُّلِه لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خِماصاً وتروح بِطاناً» (رواه أحمد).

والتوكل على الله معناه في الأصل أن يفوض العبد أمره لله ويسلم حاله له وأن يعتمد على ربه في قضاءِ حاجته ويثق به. قال ابن عباس رضي الله عنهما: "التوكل هو الثقة بالله، وصدق التوكل أن تثق في الله وفيما عند الله، فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك".

وقال الإمام أحمد رحمه الله: "وجملة التوكل تفويض الأمر إلى الله جل ثناؤه والثقة به".

وقال ابن رجب رحمه الله: "هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها".

ومن مقتضى التوكل وشرط صحته العمل بالأسباب النافعة المأذون بها شرعاً؛ لأن الشارع الحكيم ربط بين التوكل والعمل بالأسباب، فلا يُجزئ التوكل، ولا ينفع العبد إلا بالأخذ بالأسباب، ولا تنافي مطلقاً بين التوكل والعمل بالأسباب.


قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك:15]، وقال تعالى: {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْركُمْ} [النساء من الآية:71].

فحقيقة التوكل في المفهوم الشرعي إذن؛ اعتماد القلب على الله مع تعاطي الأسباب بالجوارح فهذان هما رُكنا التوكل لا يصح التوكل إلا بهما.

أما الاعتماد على الله والإعراض عن الأسباب فقدح في الشرع ونقص في العقل وأما الاقتصار فقط على العمل بالأسباب دون الاعتماد على الله فشرك في الأسباب.

قال ابن القيم رحمه الله: "فإن تركَها عجزاً ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصولِ ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضرّه في دينه ودنياه ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً".

والناس في باب التوكل على ثلاثة أصناف:


1- صِنفٌ اعتمد بقلبه على الله، وأقبل عليه، وترك العمل بالأسباب، ولم يبذل جهداً في تحصيل المراد فهذا مسلك مذموم، وهو التواكل ليس بالتوكل، وهو طريقة الصوفية وقد ذمَّه السلف، وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقي ناساً من اليمن فقال: ما أنتم؟ فقالوا: متوكلون. فقال: "كذبتم أنتم متكلون إنما المتوكل رجل ألقى حَبَّه في الأرض وتوكل على الله عز وجل".


2- صِنفٌ تعاطي الأسباب وبالغ فيها، ولم يعتمد على الله، وفوَّض أمره إليه، فهذا مسلك مذموم مخالِف للشرع، لأنه جعل الأسباب الحقيقية مؤثرة ومستقلة من جلب الخير ودفع الشر وتناسى خالق الأسباب ومسببها وهذا مسلك أرباب الدنيا وأهل الغفلة والشهوات.

3- صِنفٌ جمع في هذا الباب الاعتماد على الله وتعاطي الأسباب التي أذِنَ الله بها وجعلها نافعة وهذا هو مسلك أهل التوحيد والسنة وهو الموافق للشرع وصريح العقل ومقتضى الفطرة السليمة لأن المؤثر حقيقة والمستقل بالنفع والضر هو الله ومن سنة الله أن جعل لكل شيء سبباً موصِّلاً إليه فكان تمام الدين وكمال العقل العمل بهما جميعاً.


وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفوِّض أمره لله ويُجرِّد اعتماده لمولاه ومع ذلك يتعاطى الأسباب ولا يتحرَّج من ذلك فقد كان يأكل ويشرب ويتزوج ويتكسب ويلبس البيضة والدرع وغيره من آلات الحرب يتقي بها بأس الكفار مع أنه سيد المتوكلين.

وهذا يدل على أن تعاطي الأسباب النافعة مع الاعتماد على الله من السنة.

ومن ظن أن العمل بالأسباب مخالف للشرع ونقصان للتوكل فقد خالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك كان الأنبياء صلوات الله عليهم يباشرون الأسباب ويتكسبون ولا يتكلون، ففي صحيح البخاري: «كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده»، وفي صحيح مسلم: «كان زكريا عليه السلام نجَّاراً».

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في جملة من الأحاديث باستعمال الأسباب وبذل الجهد في تحصيل الكسب والمنافع وعدم الركون إلى الكسل والعجز اعتماداً على رحمة الله ونفع الآخرين.



فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم على ناقةٍ له فقال يا رسول الله أدعها وأتوكل. فقال صلى الله عليه وسلم: «اعقلها وتوكل» (رواه الترمذي).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك شيء، فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان» (رواه مسلم).

وقال صلى الله عليه وسلم: «لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمةٍ من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجههُ خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه» (رواه البخاري).

إن حسن التوكل مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بحياة المسلم، فلا جلب للنفع، ولا دفع للضر، ولا قضاء للحاجات إلا عن طريق حُسن التوكل.

وحُسن التوكل له أثرٌ عظيمٌ في سعادة المرء وتحقق مطالبه وحصول الرضا والاطمئنان في قلبه ووقايته من الشرور والفتن؛ قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر من الآية:36].

وفي سنن الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله، وتوكلتُ على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله»؛ قال: «يُقال حينئذٍ هُديتَ وكُفيتَ ووُقيتَ فتتنحى له الشياطين، فيقول له شيطان آخر كيف لك برجلٍ قد هُدي وكُفي ووُقي».

إن بعض المسلمين هداهم الله مُقصِّرٌ في حُسن توكله بالله غافل قلبه عن هذا الأصل العظيم، ذاهلٌ عقله عن خطره وعظيم فائدته.

فكثير من المسلمين اليوم تناسوا في سلوكهم العملي وحياتهم المعيشية التوكل على الله واعتمدوا على الوظائف الراتبة والأجور الثابتة.

أما المؤمن الحق فعظيم التوكل على الرزاق؛ لعظم يقينه بقدرة الله وعلمه ورحمته ولطفه وسعة رزقه، فالتوكل تابع لليقين كلما زاد اليقين في قلب المؤمن زاد توكله على الرحمن وإذا نقص اليقين نقص التوكل.

فالانحراف اليوم في باب التوكل من جهة غلو الناس في الأسباب، واعتمادهم عليها، وانصراف قلوبهم بالكلية إليها، والتفات القلب عن المسبب والخالق حتى صار الإنسان يعتقد الشفاء حتماً بالطبيب الحاذق، وحصول الرزق بالوظيفة، وحصول الأمن بإجراءات السلامة، وحماية الممتلكات بالتأمين، وهذا من تأثير الإنصباغ بالحياة المادية، ومظاهر المدنية، والله المستعان، أما مسلك ترك الأسباب بالكلية والتواكل فقد اندثر بالجملة ولم يبقَ إلا نزرٌ يسير في الأمة.

إن التوكل مشروع في سائر الأحوال ولكنه يتأكد في أحوال:



1- في طلب الرزق، قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق من الآية:2-3].

2- عند لقاء العدو، قال تعالى: {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران:160].

3- عند كيد الكفار، قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [ال عمران:173].

4- عند نزول البلاء، قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:156-157].

5- عند المرض، قال تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء:80].

6- عند طلب الزواج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة حق على الله عونهم: المكاتب يريد الأداء، والمتزوج يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله» (رواه أهل السنن إلا النسائي)

7- عند الدعوة إلى الله، قال تعالى: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة:129].


وثمة أمور تعين على التوكل وتقوية في قلب العبد:

1- العلم والتعرُّف على أسماء الله وصفاته وربوبيته وأفعاله.

2- التفكُّر والتأمُّل في كمال علم الله وكمال قدرته وإحاطته بكل شيء.

3- أن يُوقِن العبد ويتفكّر في أن الله وحده هو المتفرِّد بتدبير شؤون الخلق وتصريف أحوالهم.

4- أن يتأمَّل في فضل التوكل وعظيم أثره في تحقق المطالب.

5- أن يعتقد أن الأسباب مهما عظمت وكانت نافعة فإنها لا تنفع ولا تضرّ استقلالاً لأنها مخلوقة ليس بيدها شيء.

6- أن يُحسِن الظن بربه ويُعظِّم الرجاء به.

وثمة أمور تنافي التوكل أو تضعفه في قلب المؤمن:

1- الجهل بأسماء الله وصفاته وقدرته وعِلمه.

2- الاغترار بما أوتي العبد من مالٍ ومنصبٍ وجاهٍ وعلم؛ فيتكل قلبه على هذه الأمور ويُحرَم التوكل.

3- الفتنه بالدنيا والجري وراء الأسباب المادية والمبالغة فيها واعتقاد أنها تحقق المطلوب مطلقاً.

4- الركون إلى الخلق والاعتماد عليهم في قضاء الحاجات.

5- ضعف وازع الإيمان والإعراض عن طاعة الرحمن.

6- الإسراف على النفس بالذنوب والإغراق بالشهوات المحرَّمة.

وإذا اعتمد العبد بكُليَّتِه على الله وأحسن التوكل عليه وبذل وسعه في تعاطي السبب تحقق مطلبه بإذن الله، ولو كان مُقصِّراً في العمل، أو مُتعاطياً سبباً ضعيفاً لا يؤثر أثراً كبيراً في العادة، وكثيراً من فتوحات أهل الإيمان وأحوال الأولياء وقِصصهم العجيبة تشهد لهذا الأصل.



ومن ذلك أيضاً ما ورد في الصحيح في قصة المقترض من بني إسرائيل الذي جعل الله شهيداً في قرضِه فلما حضر الأجل لم يجد مركباً، فوضع المال في خشبة، وألقاه في البحر، وقال: "اللهم إنك تعلم أني كنتُ تسلفتُ من فلان ألف دينار، فسألني كفيلاً، فقلت: كفى بالله كفيلاً فرضي بك، وسألني شهيداً فقلت: كفى بالله شهيداً، فرضي بذلك، وإني جهدت أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلم أقدر، وإني استودعكها"، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم وصلت الخشبة إلى المقرِض بإذن الله، لعظم ثقته بالله وحسن توكله..

والمتأمِّل اليوم في حياتنا الاقتصادية، وإعلامنا ومؤسساتنا؛ يجد غياب مفهوم التوكل، أو ضعفه في بعض الأحوال عند خطابنا وتوجيهاتنا في حياتنا المعيشية، وهذا يؤذن بشر ويفوت علينا خيراً كثيراً، بينما كان التوكل شاهداً وحاضراً في حياة الصحابة رضوان الله عليهم.

وفي المسند لأحمد: "أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد: ناولني إياه، ويقول: إن خليلي أمرني ألا أسأل الناس شيئاً".

إن حُسن توكل العبد على المولى يُورِثه كمال الإيمان، ويجعله غنياً بالله مُتعفِفاً عن كسب الحرام وسؤال الخلق لا ينظر إلى ما في أيدي الناس، ولا تتطلّع نفسه إلى المكاسب الدنيئة والشبهات، كما جاء في الخبر: «وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ...» (متفق عليه).

ولما تصدَّق أبو بكر رضي الله عنه بكل ماله قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «ماذا تركتَ لهم؟» قال: "تركتُ لهم الله ورسوله".

إن المتوكل على الله حق التوكل مطمأنُ البال، ومنشرح الصدر، واثقاً بالله لا يحزن من واقع حاله، ولا يخشى من المستقبل، مُفوِّضاً أمره لله، إن دُعِيَ لطاعة أجاب يتصدَّق من ماله ولو باليسير ويشارك بالخير ويوقن بأن الله سيَخلف عليه خيراً، ويُحسِن له العاقبة. خِلافاً لأهل الدنيا الذين جمعوا الأموال تتناوشهم المخاوف ويخوفهم الشيطان الفقر ويقذف في قلوبهم الوهن والخوف من المستقبل فيبخلون بمال الله ويَحرِمون أنفسهم من الخير: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد من الآية:38].

والمتوكل على الله شجاع قوي بالله إن سُئِلَ عن علم صدع بالحق، ولم يخشَ إلا الله، وفوض أمره لله، وأيقن أنه لن يصيبه ضر إلا بأمر كتبه الله عليه، فلا يخاف الشيطان وأوليائه متأسِّياً بتوكل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كاده الكفار، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين أُلقِيَ في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران من الآية:173]" (رواه البخارى).


والمتوكلون حقاً في الدنيا هم من السبعين ألفاً في الآخرة الذين يدخلون الجنة بغير حساب وعذاب كما ورد في الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يدخل الجنة من أُمَّتِي سبعون ألفاً بغير حساب هم الذين لا يَسترقون ولا يَكتوون ولا يَتطيَّرون وعلى ربِّهم يَتوكلون».

فينبغي على المؤمن أن يُحسِنَ التوكل بالله في حِلِّه وترحاله، في خوفه وأمنه، في فقرهِ وغناه، في صحتهِ وسقمه، في خلوتهِ وجلوته، في طاعتهِ وعبادته ونُسكهِ وجهاده، وأن يكون حَسَنَ الظن بالله، مستوثقاً بالله، يائساً بما في أيدي الخلق، بل ثقته بالله أعظم بما في يده من الأسباب مُوقِناً تمام اليقين أن ما كُتِبَ له من أَجَلٍ ورزقٍ وسعادةٍ وشقاوةٍ وسرورٍ وغمٍ ويُسرٍ وضُر؛ واقعٌ عليه لا محالة.


خالد بن سعود البليهد