اتحاد الفصائل الكبرى في سورية

محمد العبدة

لم أُفاجأ بخبر الاتحاد بين الفصائل المجاهدة في سورية الذي نشرته وسائل الإعلام؛ فقد كنتُ على عِلمٍ بأن هناك خطوات تمهِّد لهذا الاتحاد، وقد تحدثت عن هذا الموضوع مع بعض الأخوة من هذه الفصائل لأهميته البالغة؛ ولأنه كان يشغل بال كل مهتم بالشأن السوري وتداعياته..

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


1- اتحاد الفصائل الكبرى في سورية

لم أُفاجأ بخبر الاتحاد بين الفصائل المجاهدة في سورية الذي نشرته وسائل الإعلام؛ فقد كنتُ على عِلمٍ بأن هناك خطوات تمهِّد لهذا الاتحاد، وقد تحدثت عن هذا الموضوع مع بعض الأخوة من هذه الفصائل لأهميته البالغة؛ ولأنه كان يشغل بال كل مهتم بالشأن السوري وتداعياته، وكتبتُ عنه في موقعي والمواقع الأخرى، وتحدثتُ عنه في بعض القنوات الفضائية، فهذا الاتحاد كان مَطلباً وأملاً، ولهذا فإننا نبارك للأخوة هذا الاجتماع الذي هو على الحق إن شاء الله، ونساندهم في الاستمرار على هذا النهج، ونرجو ونطلب أن يتلو ذلك خطوات أكبر وأوسع وأشد وثوقاً وصاحب الشرع يقول: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُ بعضه بعضاً» (متفقٌ عليه).

وبهذه المناسبة أُقدِّم هذه الكلمة الرائعة للشيخ العلامة البشير الإبراهيمي فإنها في الصميم مما نريده ونسعى له، يقول رحمه الله مُتحدِّثاً عن جمعية العلماء الجزائريين التي أسَّسها هو والشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله: "ومن غرائب هذه الجماعة التي كان ابن باديس شارة شر
فها أن الشيطان لم يجد مَنفذاً يدخل منه إلى أُخوَّتهم فيفسدها، أو إلى علائقهم فيفصمها، فعاشوا متآخين كأُمَّتن ما يكون التآخي، متحابين كأقوى ما تكون المحبة، ولقد كانوا مشتركين في أعمالٍ عظيمة، معرَّضين لعواقب وخيمة ومن شأن ما يكون كذلك أن تختلف فيه وجوه الرأي، فيكثر فيه اللجاج المفضي إلى الضغينة والانتصار للرأي المفضي إلى الخلاف، فوالذي روحي بيده ما كُنَّا نجتمع في المواقف الخطيرة إلا كنفسٍ واحدة، وكُنَّا نفترق -وإن اختلف الرأي- إلا كنفس واحدة.

إن لهذه الحالة فينا علة وثمرة؛ أما العلة فهي أن اجتماعنا كان لله ولنصر دين الله، ولتأدية حق الله في عباده، فلا مجال للمنافسة وحظ النفس، وأما الثمرة فهي هذا النجاح الباهر الذي نلقاه في كل أعمالنا للأمة: في تطهير العقول، وفي تصحيح العقائد، وفي استجابة داعي القرآن، وفي تمكين سلطان السنة. إن هذا من صنع الله لا مما تصوغه الأهواء النفسية الخبيثة، وما جمعته يد الله لا تُفرِّقه يد الشيطان".

2- الخاسر الأكبر

سيكتب الكثير عن اتفاق إيران مع الغرب حول برنامجها النووي، وكيف استطاعت إيران انتزاع الاعتراف بالمشروع النووي وإن كان بشروط غربية، وكيف استرجعت بعض أموالها، وكيف كسرت الحصار الاقتصادي المفروض عليها، وسيكتب عن المفاوض الإيراني الذي يمارس السياسة بعقليةِ تاجر البازار.


ولكن الذي لم يُكتَب وربما لن يُكتَب من قبل الصحافة والإعلام هو أن هذا التقارب بين الغرب وإيران -أو هذه الاجتماعات الطويلة التي كشف عنها أخيراً- كل هذا يدل على أن الاستراتيجية الغربية البعيدة المدى الراسخة في عقول الغربيين هي أن الشيعة أقرب لهم من السنة.

فمِن خلال الحاضر والماضي؛ أثبتت التجارب والتاريخ أن الشيعة يتحالفون بسهولة مع الغرب ويشتركون معه في أمور كثيرة، ذلك لأن هدفهم ليس (الشيطان الأكبر) كما يُسمُّونه دجلاً دعائياً؛ ولكن هدفهم الأكبر هو إضعاف السنة بكل الأساليب، سواءً الدعاية أوالقتل والقتال أو استخدام المال والنساء.

الاتفاق كان بشكلٍ عام لصالح إيران؛ وأما قصة السماح للمفتشين الدوليين بزيارة المنشآت النووية فهذا ليس مشكلة لأن إيران تؤجل التخصيب الذي تريد إلى وقتٍ مناسب، المهم الآن أن تربح ليس مالاً وتجارةً فقط بل سيطرة إقليمية، هي الآن لاعب كبير في المنطقة، والخاسر الأكبر هم العرب؛ لأن تقوية إيران هو تقوية لنفوذها في العراق ولبنان ولطموحها وتدخلها في سورية.

الغرب أعطى إيران ما تريده ومعنى هذا أن المنطقة العربية لا تهمّه كثيراً أوليس لها شأن كبير، ولننظر ماذا يجري بين المغرب والجزائر وما يجري في تونس وليبيا؛ وأما مصر فقد خرجت بالانقلاب العسكري من الشؤون العربية والإقليمية.


ولا يقال هنا هل تستطيع إيران أن تتلاعب بالغرب؟

إن القضية ليست مسألة تلاعب ولكن الغرب ضعيف سياسياً؛ لضعف أمريكا وعنده مشكلة إيران النووية فليحلها جزئياً، وكما يقال الغرب عملاق اقتصادي وقزم سياسي.