هل يمكن القضاء على الإسلاميين؟

ليست مصادفةٌ أن نجد حرباً شعواء على التيار الإسلامي في عدة دول في وقتٍ واحد وبتجاهل شبه تام من الإعلام الغربي الذي يتشدق دائماً باحترام حقوق الإنسان وحرية الفكر و ضرورة إتاحة الفرصة لجميع التيارات للتعبير عن أفكارها دون استخدام للعنف, ومع ذلك لا نجد موقفاً واضحاً ضد الدول التي تعتقل وتقتل عناصر التيار الإسلامي بحججٍ مختلفة وإذا قامت بمحاكمات فإنها تكون صورية والأحكام جاهزة قبل بدء المحاكمات.

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


ليست مصادفةٌ أن نجد حرباً شعواء على التيار الإسلامي في عدة دول في وقتٍ واحد وبتجاهل شبه تام من الإعلام الغربي الذي يتشدق دائماً باحترام حقوق الإنسان وحرية الفكر و ضرورة إتاحة الفرصة لجميع التيارات للتعبير عن أفكارها دون استخدام للعنف, ومع ذلك لا نجد موقفاً واضحاً ضد الدول التي تعتقل وتقتل عناصر التيار الإسلامي بحججٍ مختلفة وإذا قامت بمحاكمات فإنها تكون صورية والأحكام جاهزة قبل بدء المحاكمات.


لقد قامت السلطات البنجالية مؤخراً بعقد مجموعة من المحاكمات السريعة والغريبة ضد زعماء التيار الإسلامي، وقضت بأحكام مشددة بالإعدام والسجن المؤبد على عدد منهم دون أن تتيح لهم فرصةً كافية للدفاع عن أنفسهم ووسط احتجاجات شعبية عنيفة ورغم انتقادات حقوقية واسعة إلا أن السلطات استمرت في المحاكمات وإصدار الأحكام وتنفيذها دون اكتراث. وما يحدث في بنجلاديش يحدث في مناطق أخرى بأشكال مختلفة فهناك رفضٌ تام من العلمانيين ومن الدول الغربية بشأن إتاحة الفرصة للإسلاميين للعمل في النور وبشكل سلمي خوفاً من شعبيتهم وعندما يفشلون في مواجهة شعبيتهم يصمونهم "بالإرهاب" وتبدأ حملة من الاعتقالات والتعذيب والأحكام القاسية. الغريب أن الأمر ليس بالجديد فهو قديمٌ منذ عشرات السنين ولكن لم تكن أجهزة الإعلام في هذا الوقت بالتطور الحالي وبالتالي غابت الكثير من الحقائق.



فقد تعرّض الإسلاميون في سوريا لحرب إبادة حقيقية من قِبل نظام حافظ الأسد قتل فيها الآلاف في مدينة حماة وسط تعتيم إعلاميٍّ شديد وصمت عالمي أشد كما تعرض الإسلاميون في ليبيا في عهد القذافي لمضايقات واعتقالات واغتيالات خارج نطاق القانون وكذلك حدث في تونس في عهد بن علي وبورقيبة وانقلب الجيش في الجزائر على خيار الشعب وشنّ حملةً شعواء ضد الإسلاميين أدت إلى سقوط عشرات الآلاف من القتلى.


الأمر لا يقتصر على الدول العربية فكما ذكرنا هناك حملة الآن ضد الإسلاميين في بنجلاديش وفي باكستان هناك محاولةٌ دائمة لشيطنة التيار الإسلامي ووضعه كله في سلة "الإرهاب"، وهي الطريقة الحديثة من أجل تشويه هذا التيار والسؤال الآن هل يمكن القضاء على هذا التيار؟ إن التاريخ والواقع يؤكدان معاً استحالة هذا الأمر بل على العكس فالحملة عليه تزيد من شعبية هذا التيار وتؤدي للتعاطف معه.


لقد سُمِحَ لجميع التيارات تقريباً في العالم الإسلامي بالوصول للحكم فيما عدا التيار الإسلامي الذي لا يراد له الوصول وإذا وصل تُوضع أمامه العقبات من الجميع وكأنه تيارٌ مستوردٌ من الخارج رغم أنه التيار الوحيد النابع من هذه الأرض بخلاف بقية التيارات الأخرى التي جاءت من الخارج وترعرعت في بيئات مختلفة تماماً عن المجتمعات الإسلامية لذا تجد فيها أموراً شديدة التناقض مع الإسلام مثل بعض التيارات الليبرالية التي قد تصل في فهمها الخاطئ "للحرية" إلى إباحة الشذوذ الجنسي والزنا وإنجاب أطفال دون زواج وعدم معاقبة من يَسُب الذات الإلهية أو الأنبياء أو يستهزئ بالشريعة, وبعض التيارات اليسارية التي ترى أن الدين هو "أفيون" الشعوب وترفض أن يكون له أدنى تواجد في حياة الناس خارج دور العبادة.


إن المنهجية الأمنية المُستعينة بالإعلام لا يمكن أن تزيل جذور المجتمع المسلم والتيار الإسلامي من هذه الجذور وهو أمرٌ لا زالت النُخب لا تستوعبه ومن أجل ذلك تدفع الشعوب أثماناً باهظة من دمائها وخيراتها.