الوصايا العشر الشرعية في العمل السياسي الإسلامي
عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف
أولاً: لا تفريط في شىء من الحق
- التصنيفات: السياسة الشرعية -
أولاً: لا تفريط في شىء من الحق
ومعنى ذلك أنه لا يجوز تحت أي ظرف من الظروف التنازل الاعتقادي عن شىء من الدين والرضا القلبي بأن نأخذ من الإسلام ومن غيره؛ وأما الرضوخ والجبر لشىء مخالف من الدين في ظرف من الظروف فهذا أمر آخر.
ثانياً: لا تحريم لوسيلة إلا بنص أو استدلال شرعي صحيح
يجب التفريق في الدين بين الحقيقة الثابتة والوسائل المتغيرة؛ فعقائد الدين وشرائعه وعباداته وأخلاقه هي حقائق ثابتة لا يجوز فيها التغيير ولا التبديل ولا الإضافة " البدعة " ولا الحذف ..الخ.
ثالثاً: المصالح والمفاسد هي الأساس والطريق للحكم على الوسائل
ولا شك أن طريق الحكم على وسيلةٍ ما بأنها صالحة أو لا هو بمقدار ما تُحققه من المصالح الشرعية، أو تخلقه من الأضرار والمفاسد. فالنظر في العواقب وتدبر الأمور وحساب الأرباح والخسائر الدينية هو ما يجب النظر إليه والتعويل عليه، بل إن الوسائل المشروعة نفسها في نشر الدعوة وحرب الباطل لا يجوز الإقدام والإحجام عن شىء منها إلا بالنظر في العواقب وحساب الأرباح والخسائر الدينية والشرعية.
رابعاً: النتائج بيد الله
يجب أن نعتقد أن نتائج الدعوة هي بيد الله سبحانه وتعالى فهو الذي يشرح صدر من يشاء من عباده لدعوته وهو الذي يُعِز جنده إذا شاء.
خامساً: الزمن جزء من العلاج
يجب أن نعتقد أن الزمن أعظم معين للدعاة إن هم فهموه وعرفوا كيف يستغلونه وكيف يجعلونه في صالحهم، وأنه كذلك قد ينقلب إلي سلاح ضدهم إن هُم أساءوا فهمه واستغلاله.
سادساً: نحن نضرب بسيف الله
المؤمن إذا أخلص النية وأصلح القصد وتحرى الصواب وأفرغ الوسع؛ فإنه يضرب بسيف الله ويتكلم بنور الله وكلمته.
سابعاً: لا راية مع راية التوحيد
لا يجوز مطلقاً لأهل التوحيد والإيمان أن يرفعوا راية أخرى مع راية التوحيد، وهذا يعني أنه لا يجوز بتاتاً الانصهار أو الاندماج أو تكوين صف واحد مع أحزاب أو هيئات ترفع راية وعلماً ولهم أهداف في الحياة تخالف هدف الإسلام كالشيوعية والبعثية ونحوها من الأحزاب الإلحادية واللادينية أو التي يُسَيرها ملاحدة لا دينيون أو مشركون وثنيون من أهل التصوف والتخريف بل يجب على أهل الإسلام والتوحيد أن يرفعوا رايتهم المستقلة ولو لم يكن تحتها إلا رجل واحد.
ثامناً: إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر
لا يجوز أن يكون نصر الدين قاصراً على المخلصين المؤمنين بل الله سبحانه وتعالى ينصر دينه بمن يشاء ويؤيد دعوته بمن يريد.
تاسعاً: قنوات الاتصال يجب أن تكون مفتوحة مع الجميع
شاع عند المسلمين في الآونة الأخيرة وعند الدعاة منهم والمتحمسين للدين بصورة خاصة أنه لا يجوز الاتصال مطلقاً بالكفار أعني بالجهات السياسية منهم، وهم يتصورون أنه في ظل دولة إسلامية لا تكون علاقة دولة إسلامية مع الكفار إلا عن طريق الحرب فقط، وهذا خطأ بالغ وجهل بالسيرة والتاريخ والسياسة الشرعية في التعامل مع غير المسلمين؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم كانت قنوات الاتصال بينه وبين الكفار على غير اختلاف أشكالهم قائمة فقد جلس مع اليهود وجادلهم وناقشهم وعاهدهم ثم حاربهم لما نقضوا عهده وانتصر على بعضهم، ثم عاهدهم كما حدث مع يهود خيبر، وكذلك فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع النصارى؛ ناقشهم واستضاف بعضهم وأمَّنَهم على أنفسهم كما حدث مع "عدي بن حاتم الطائي" ودعاه للإسلام وكذلك ناقش نصارى نجران وعاهدهم وصالحهم؛ وكذلك مع جميع أصناف المشركين في الجزيرة.
عاشراً: إدراك أبعاد الخريطة السياسية
يجب على أي مجموعة إسلامية أن تمارس الدعوة إلى الله بجميع أبعادها، وقد علمنا أن البعد السياسي هو أحد أبعاد الدعوة إلى الله بل عمل الدعوة في أصله ونتائجه عمل سياسي، أقول: يجب على كل مجموعة هيئة وجماعة تمارس الدعوة بهذا المفهوم الواسع لمعنى "الدعوة" أن تدرس جيداً "الخريطة السياسية" وخاصة في المنطقة التي تعيش فيها والتي تحيط بها، ونعني بـ "الخريطة السياسية": دراسة التكتلات والجماعات والأفكار والعقائد التي تحيط بها، وكيفية عمل وحركة هذه التكتلات والجماعات والقوى المختلفة، وما مدى قربها وبعدها من الدين، وما مدى عداوتها ونصرتها له، وأيهما أخطر على الدين وأشد عداوة وأيهما أقرب وأيهما يُمثّل خطراً وضرراً وعلى أساس هذه الدراسة الواعية الذكية تكون الحركة والتوجه ويكون العمل السياسي ناجحاً.