من يثير الفتنة الطائفية في المنطقة؟

قد بات واضحا تناقض ادعاءات الشيعة مع أقوالهم وأفعالهم، فبينما يدعون حب آل بيت رسول صلى الله عليه وسلم، نجدهم يطعنون بزوجاته وكأنهن لسن من آل البيت! وبينما يزعمون حبهم وتقديسهم لأقوال وأفعال علي رضي الله عنه والحسن والحسين، الذين رضوا بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وسادت بينهم علاقة الحب والمودة، التي جعلتهم يسمون أولادهم بأسماء بعضهم البعض، إلا أن الشيعة خالفوا أئمتهم وراحوا يسبون أبا بكر وعمر و يلعنونهما والعياذ بالله.

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
 

لم يكتف ملالي طهران بسب زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم والإساءة للصحابة الكرام في كتبهم ومراجعهم الدينية، ولم ينته حقدهم بالنيل منهم في مجالسهم ودروس حوازاتهم المنتشرة. بل زادوا على ذلك بالجهر بهذه القبائح على وسائل الإعلام، المرئية منها والمسموعة والمقروءة، وكان آخرها ما تناولته صحيفة "كيهان" الإيرانية الحكومية، والتي هاجمت بعض الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، وعددا من كبار علماء ورموز أهل السنة قديما وحديثا، وذلك في سياق مقال لها نشرته بمناسبة ما يسمى ذكرى "أربعينية الحسين".



وقد بات واضحا تناقض ادعاءات الشيعة مع أقوالهم وأفعالهم، فبينما يدعون حب آل بيت رسول صلى الله عليه وسلم، نجدهم يطعنون بزوجاته وكأنهن لسن من آل البيت! وبينما يزعمون حبهم وتقديسهم لأقوال وأفعال علي رضي الله عنه والحسن والحسين، الذين رضوا بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وسادت بينهم علاقة الحب والمودة، التي جعلتهم يسمون أولادهم بأسماء بعضهم البعض، إلا أن الشيعة خالفوا أئمتهم وراحوا يسبون أبا بكر وعمر و يلعنونهما والعياذ بالله .



وقد زادت التناقضات هذه المرة، بالتطاول على شيخ الإسلام ابن تيمية واتهامه بأنه كان من "وعاظ السلاطين"، بينما التاريخ يقول أن ابن تيمية كان من أكثر المعارضين لسلاطين زمانه، وأنه سجن وامتحن بسبب ذلك ومات في سجنه "رحمه الله".



والعجيب في الأمر أن هذا السب والشتم يتزامن مع خروج بعض إعلاميي وسياسي طهران على وسائل الإعلام، داعين أهل السنة للحوار معهم، وتناسي خلافاتهم وخصوماتهم، وتفويت الفرصة على المستفيد الأكبر من هذه الفتنة أمريكا وإسرائيل في تناقض بات يؤكد عدم جدية طهران بالحوار مع أهل السنة، بل ويشير إلى تقية تستخدم معهم للظهور بمظهر طالب السلام، و الساعي لوأد الفتنة المذهبية .



والسؤال البسيط الذي يراود ذهن أي متابع : كيف يمكن تصديق ما يصرحون به وهم ينالون يوميا من مقدسات المسلمين، بدءا بالقرآن الكريم من خلال الادعاء بوجود قرآن غير الذي يتلوه ملايين المسلمين، وصولا إلى أقوال أئمتهم التي يعتبرونها أقدس من كلام الأنبياء والمرسلين، وليس انتهاء بشتم زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الطاهرين، بأبشع الألفاظ وأشنع المعاني .



وبينما حاول أهل السنة مرارا وتكرارا تفادي أي صدام مع الشيعة في العقود الماضية، من خلال فتاوى أهل السنة بحرمة دم المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، نرى فتاوى الشيعة تتوالى بالتحريض على قتل المسلم السني لمجرد أنه سني، بل وزادت في الآونة الأخيرة منذ اندلاع الثورة السورية .



وحين طالب الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين رفسنجاني بإصدار فتوى بتحريم دم المسلم السني، وذلك في لقاء على الهواء مباشرة على قناة الجزيرة الفضائية، إثر حالات قتل أهل السنة على الهوية في العراق بعد الاحتلال الأمريكي، تهرب رفسنجاني من الجواب ولم يصدر أي فتوى بهذا الخصوص .



ولعل المتابع لما تفعله إيران يلحظ أمرا في غاية الغرابة والوضوح بآن واحد: فهناك تقارب إيراني أمريكي غربي واضح وظاهر، وهناك اختفاء لشعار (الشيطان الأكبر) في إشارة لأمريكا وإسرائيل من شوارع طهران، على الرغم من ادعاء طهران أنهما العدو الأوحد والأول لها طوال العقود الماضية، بينما هناك هجوم عسكري وميداني وإعلامي على أهل السنة والجماعة، في أكثر من بلد عربي وإسلامي، رغم ادعاء طهران أنها دولة إسلامية وتسعى للتقارب مع دول الجوار، وهذا هو الأمر الغريب والعجيب فيما يحدث .



أما الوضوح فيما تفعله إيران في المنطقة، فهو أن عداءها الحقيقي لأهل السنة وليس لأمريكا وإسرائيل، وأن شعارات العداء المزعومة طوال الفترة السابقة ما هي استهلاك إعلامي لمصالح الطرفين، والدليل على ذلك اشتداد الهجوم على أهل السنة، وطي صفحة الخلافات المزعومة مع الغرب بأيام معدودة .



ولو كانت إيران جادة فيما يردده بعض من يتكلمون باسمها على وسائل الإعلام، من رغبتها بالحوار مع دول الجوار، وسعيها لإقامة علاقات ودية طيبة معهم، لأوقفت على الأقل تحديها لمشاعر أهل السنة في العالم، من خلال موجات السب والشتم لزوجات الرسول والصحابة الكرام، التي باتت أمرا مكررا على معظم وسائل إعلامها، بل وفي بعض شوارع الدول العربية كما حصل منذ فترة.



إن تأجيج الفتنة الطائفية في المنطقة تتزعمه طهران، بمباركة من الغرب وإسرائيل، وهو ما يحتاج إلى موقف موحد من قبل الدول العربية والإسلامية، لوضع الخطوات المناسبة لردع طهران عن الاستمرار في هذا النهج، وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة على المنطقة بأسرها أكثر مما هي الآن .