أيادي الغرب الملوثة بدماء السوريين
مجزرة الغوطة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في السجل الإجرامي الممتلئ عن آخره لرئيس النظام السوري بشار الأسد؛ ولكن اللافت في هذه المجزرة بالإضافة طبعا لعدد ضحاياها الكبير هي أنها تعد تحديا واضحا من الأسد للغرب وكاشفة عن حجم التآمر الذي يتعرض له الشعب السوري من مؤسسات هزلية تدعي الدفاع عن الإنسان دون تمييز.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
مجزرة الغوطة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في السجل الإجرامي الممتلئ عن آخره لرئيس النظام السوري بشار الأسد؛ ولكن اللافت في هذه المجزرة بالإضافة طبعا لعدد ضحاياها الكبير هي أنها تعد تحديا واضحا من الأسد للغرب وكاشفة عن حجم التآمر الذي يتعرض له الشعب السوري من مؤسسات هزلية تدعي الدفاع عن الإنسان دون تمييز.
لقد وقعت المجزرة البشعة التي راح ضحيتها أكثر من 1700 من المدنيين غالبيتهم من النساء والأطفال، وقعت في ظل وجود فريق من الأمم المتحدة في دمشق من أجل التحقيق في اتهامات للنظام السوري باستخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين. وكان موقع الفريق الأممي عند حدوث مجزرة الغوطة لا يبعد إلا عدة كيلومترات عن موقع الهجوم؛ وهو ما يوضح مدى جراءة نظام الأسد وعدم اكتراثه بالغرب ولا بتهديداته الجوفاء التي ما زال يرددها صباح مساء منذ اندلاع الأزمة قبل عامين ونصف تقريبا. وخلال هذه المدة ارتكب نظام الأسد على مرأى ومسمع من العالم عشرات المجازر والجرائم واستخدم السلاح الكيماوي عدة مرات بشهادة مصادر أوروبية وثقت ذلك بالصوت والصورة؛ ومع ذلك لم يتحرك الغرب من أجل كبح جماح الأسد وعصابته، بل الأكثر من ذلك فقد اعترفت منظمات خارجية بالقتال معه ولم يتم اتخاذ أية إجراءات رادعة تجاهها، أضف إلى ذلك تأكد الغرب تماما من وجود دعم إيراني على كافة المستويات للأسد ورغم كل هذا اكتفى بتوجيه اللوم والشجب والاستنكار دون أي تدخل حقيقي لوقف إراقة الدماء.
وأصبحت المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة بهيئاتها المختلفة ومجلس الأمن لعبة في يد الدول الكبرى لتنفيذ مصالحها. فإذا رأت أن سوريا الآن ليست في خطر وقد تقع في يد الإسلاميين فليقف الجميع ليشاهد الشعب السوري وهو يباد عن آخره. لقد أطلق السيناتور الأمريكي جون ماكين صيحة مدوية مؤكدا أن الأسد لم يعد يأبه للغرب ولا بتهديداته وأنه سيمضي في مخططه حتى النهاية. لقد كانت رسالة واضحة من كلا الطرفين للآخر؛ فالأسد أثبت أنه لم يعد يرى في الغرب عائقا عن تنفيذ جرائمه وأن منطق الأقوى هو الذي سيسود في المنطقة، أما الغرب فقد أوضح أنه يتحرك الآن في قضايا استخدام القوة وترويع الآمنين وقتلهم انطلاقا من ذر الرماد في الأعين فقط؛ فلم تعد هذه القضية تعنيه من حيث اعتبارها جريمة في حق الإنسانية ولكنها تعنيه من حيث أنها ورق ضغط لتحقيق ما يصبو إليه من مصالح حتى ولو كانت صفقات مشبوهة مع أنظمة عسكرية واستبدادية. لم يعد بالإمكان أن يقف الغرب مدافعا عن حقوق البشر في العيش والمساواة بعد الآن فقد انكشف المستور تماما وفضح الأسد عن عمد أو عن غير عمد ازدواجية المعايير الغربية واستغلالها على حسب الأهواء.
لقد طالب رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان بإنشاء منظمة بديلة عن الأمم المتحدة لتتصدى لهذا العبث الذي يتعرض له الملايين من الفقراء والبسطاء والمهمشين في دول العالم الثالث على أيدي أنظمة قمعية تدخل في صفقات مشبوهة مع الدول الكبرى لتغض الطرف عن جرائمها. إنها وقفة تاريخية من زعيم حقيقي استطاع أن يضع بلاده في صفوف الدول المتقدمة اقتصاديا في غضون سنوات قليلة رغم عنصرية الغرب تجاهها فقط لأنها مسلمة، ولم يأبه لرفض أوروبا انضمامها إليها وأثبت للعالم أن الأمم الحية قادرة على أن تتقدم بسواعد أبنائها دون أن تتسول من الدول الكبرى. أردوغان هو الوجه الآخر لبشار الأسد وكلاهما فضح الغرب على طريقته ولكن ما أعظم الفارق بينهما عندما تسطر صفحات التاريخ.
خالد مصطفى