اليمن والطريق إلى الخلف
تمر اليمن بفوضى سياسية وأمنية مفتعلة لتحويلها لدولة فاشلة، بعد أن سقط النظام الموالي للإدارة الأمريكية وأصبح القرار نوعا ما قريبًا من الشارع اليمني ويراعي حرمات الطامحين للحرية والثائرين الذين دفعوا ضريبة الثورة من دمائهم. وكعادتها الإدارة الأمريكية جعلت اليمن رديفًا لأفغانستان لتكون مقرًا لاصطياد المطلوبين لها من عناصر الجهاد العالمي على أمل أن تستمر موجة الحرب المتغيرة وتحصد في رحاها الأبرياء ومستقبل اليمن السعيد معًا.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
تمر اليمن بفوضى سياسية وأمنية مفتعلة لتحويلها لدولة فاشلة، بعد أن سقط النظام الموالي للإدارة الأمريكية وأصبح القرار نوعا ما قريبًا من الشارع اليمني ويراعي حرمات الطامحين للحرية والثائرين الذين دفعوا ضريبة الثورة من دمائهم. وكعادتها الإدارة الأمريكية جعلت اليمن رديفًا لأفغانستان لتكون مقرًا لاصطياد المطلوبين لها من عناصر الجهاد العالمي على أمل أن تستمر موجة الحرب المتغيرة وتحصد في رحاها الأبرياء ومستقبل اليمن السعيد معًا.
كان اليمن غارقا في الفقر والفساد الحكومي والقبلي ولكن ذلك كان تجربة يتحملها الشعب، لكن بعد أن رأس النظام الذي تزعمه علي عبد الله صالح في فبراير عام 2012 وأعقب ذلك مرحلة لتصحيح أوضاع البلاد، وقتل فيها من قتل وجرح من جرح بقت اليمن نازفة، فليس بالأمر الهين أن تسقط 33 عاما من الفساد في ليلة وضحاها.
أخرج اتفاق خليجي حكومة انتقالية يمنية لتوفير خروج آمن لعلي عبد الله صالح، ليتولى من بعده نائبه عبد ربه منصور هادي، تأمل الشعب كثيرا منذ قدوم هادي لكنه لم يكن أفضل من صاحبه، ولا يعلم أحد إذا ما كانت الخطيئة خطيئته أم أن المؤامرة الدولية على اليمن كبيرة.
انقسامات قبلية، وحروب مع المسلحين المنتمين للقاعدة وعدم وجود حكومة مركزية على الأرض لمواجهة مشكلات البلاد، في ظل عملية انتقالية عقيمة وحوار وطني رهينة للمزايدات من قبل تلامذة السياسة اليمنيين، ومع ظهور قوة جماعة الحوثي تظهر مجددًا الحرب بين الإسلاميين والدولة وكأنها لعبة تحرك برموت كنترول مثل الطائرات الأمريكية التي تقصف دون تمييز بين يمنيين و(إرهابيين) على حد وصف الإدارة الأمريكية. ويزيد من تخبط البلاد أيضًا الانقسامات داخل الأجهزة الأمنية اليمني الموالية لأتباع النظام السابق، بما في ذلك الرئيس صالح نفسه.
تعطل الحوار الوطني زاد من عدم الاستقرار وبعث اليأس في المجتمع مع استمرار الهجمات السادية مثل التي استهدفت وزارة الدفاع اليمنية مؤخرًا، وكل هذا الضغط له نتيجة واحدة وهي تحويل اليمن إلى دولة فاشلة مثل الصومال، ومثل هذه النتيجة تؤدي إلى حرب أهلية واسعة النطاق أو تفكك البلاد، ولها آثار خطيرة على الأمن الإقليمي والدولي، بحسب دراسة نشرها معهد (بيغن السادات).
في الخامس من ديسمبر 2013 اقتحمت مجموعة من المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة مستشفى تديره وزارة الدفاع اليمنية وقتلت وجرحت العشرات، ومن بين القتلى كان ابن شقيق الرئيس هادي، الذي كان يزور والده المريض في المستشفى. كان الهجوم يستهدف اجتماعا مقررا لكبار القادة العسكريين وتم توقيته بالتزامن مع زيارة روتينية يقوم بها وزير الدفاع اليمني للولايات المتحدة.
خرافة القاعدة التي ابتدعتها الولايات المتحدة لتحويل دول شرق أوسطية مقرات لعملياتها الأمنية في المنطقة، تدفعنا للتساؤل بعد مشاهدة الفيديوهات التي أظهرت مقاطع من مجزرة وزارة الدفاع اليمنية التي ارتكبت من قبل أعضاء مافيا يصفون أنفسهم بالإسلاميين وما هم إلا عناصر أمنية احترفت قتل الأبرياء بلا ضمير ولا شفقة.
لماذا اليمن؟ لأن اليمن تمثل جزء إستراتيجي من الصراع على النفوذ في المنطقة، لغايات اقتصادية وسياسية وجغرافية، فهي تقع بالقرب من أكبر مصادر الطاقة في العالم وهي منطقة الخليج العربي بالإضافة إلى إشرافها على مضيق باب المندب الذي يعد من أهم الخطوط التجارية العالمية.
للحفاظ على اليمن بهذا المستوى الأمني، أقدمت الإدارة الأمريكية على إقامة مقرات ثابتة في اليمن لتدريب قوات خاصة يمنية، وذلك لتعزيز مشاركتها في إدارة الصراع السياسي وتبادل المعلومات مع الحكومة المركزية، وللمشاركة المباشرة في العمليات ضد عناصر القاعدة.
الخلاصة:
ليس من المرجح أن يستقر وضع اليمن ويعود إلى سابق عهده على أحسن الاحتمالات، إذا كانت الإرادة الأمريكية تتلخص في سلب القرار المصيري اليمني شعبيًا ورسميًا، وإذا عدنا بالذاكرة للوراء فإننا سنجد أن الرئيس اليمني السابق كان يحكم قبضته على العناصر المسلحة في السابق، إذا ما الذي تغير وقلب الموازين؟!
اليمن بحاجة لجهود دولية جادة تتلخص في خطة اقتصادية وأمنية وتنموية شاملة للقضاء على كل نواحي الاضطراب فيها ووضعها في المسار الصحيح، لأن فشل اليمن يعني تأثير ذلك الفشل على الوضع الإقليمي برمته.
أحمد أبو دقة