الإبادة الأسدية الشاملة للسوريين

ما الذي جرَّأ الطاغية بشار الأسد على التوسع في استخدام السلاح الكيميائي ضد الشعب السوري، حتى يقتل به في صبيحة يوم الأربعاء الأخير أكثر من 1300 سوري أعزل أكثرهم نساء وأطفال، وذلك خلال دقائق معدودات في مدن الغوطتين الغربية والشرقية؟

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


ما الذي جرَّأ الطاغية بشار الأسد على التوسع في استخدام السلاح الكيميائي ضد الشعب السوري، حتى يقتل به في صبيحة يوم الأربعاء الأخير أكثر من 1300 سوري أعزل أكثرهم نساء وأطفال، وذلك خلال دقائق معدودات في مدن الغوطتين الغربية والشرقية؟

والحقيقة أنه سؤال ساذج وربما دل على بلادة، فالسؤال المنطقي يجب أن يكون معكوسًا 180 درجة، فالواجب أن نسأل: ما الذي يمنع نيرون الشام الدموي من المضي في جرائمه وزيادة وحشيتها نوعًا وحجمًا؟ ألم يتآمر المجتمع الدولي مع الطاغية عندما ترك طيرانه التافه يمشط المناطق السورية ببراميل المتفجرات، وصواريخه تدك المنازل فوق رؤوس ساكنيها، ومدافعه تهجر ملايين المدنيين من بيوتهم؟! وما الذي يخيف نيرون العصر ولو لحظة واحدة، بعد أن استخدم السلاح الكيميائي 11 مرة من قبل، فلعبت الأمم المتحدة لعبته الوضيعة فأتاحت له مهزلة مماطلة مكشوفة على رؤوس الأشهاد، زهاء 12 شهرًا؟ وبعد كل ذلك الفجور الأممي المزدري لدماء وعذابات ملايين السوريين، تمخض جبل المنظمة الدولية الخائنة لميثاقها، فولد فأرًا يثير البكاء هو عبارة عن لجنة كاركاتيرية تحقق في وقوع استخدام السلاح الكيميائي وحصرها في ثلاث مناطق حددها الطاغية، واتفق الطرفان الإرهابيان على عدم اختصاص اللجنة في تحديد الجهة المسؤولة عن استعمال أسلحة الإبادة الجماعية!! أي أن القاتل يضع الشروط ومن يمثلون دور القاضي يستجيبون لإملاءاته، فتنحصر مهمتهم البشعة في إثبات وقوع الجريمة ولا علاقة لهم بهوية المجرم! ولو لم يكن هذا المجتمع الدولي الممتلئ حقدًا على أمة الإسلام، لما قام بهذه المسرحية الرخيصة، فما الحاجة إلى إثبات استخدام السلاح الكيميائي ما دام النظام النصيري نفسه يقر باستعماله وكذلك الجيش السوري الحر أكد وقوع هذه الجرائم المتكررة؟

هذا إذا ألغينا عقولنا ومسحنا ذاكرتنا، فتجاهلنا الأدلة التي حصلت عليها واشنطن ولندن وباريس وحتى الروس الذين يتولون دور الوجه القبيح بالنيابة عن الغرب المنافق؟ بل إن هذا المجتمع الدولي المنافق عقد اجتماعًا لمجلس الأمن الدولي مساء جريمة يوم الأربعاء فانتهى ببيان صحفي هزيل، وكان في مقدورهم توسيع مهمة لجنتهم المسرحية وهي موجودة في دمشق، لتحقق في جريمة قتل الـ1300 إنسان بريء؟ وليت العالم الحقود وقف على الحياد إزاء جريمة العصر المستمرة منذ أكثر من سنتين ونصف سنة متمثلة في مذابح النصيرية وقطعان المجوس المتدفقين من جحور البغضاء وعفن الهمجية! بالرغم من أن الحياد في مثل هذه الحالات جريمة بكل المعايير، بما فيها شعارات الغرب الدجال والأمم المتحدة الخائبة. فقد قام هؤلاء بمنع السلاح عن الشعب السوري لكي يمارس حقه الشرعي في الدفاع عن نفسه!

لكننا نخطئ خطأ فادحًا عندما نتوقع من دول عاشت قرونًا على كرهنا، لأنهم لم يقفوا مع الشعب السوري في محنته؟ أليس الأقربون أجدر بهذا الواجب الذي تفرضه عليهم أُخُوَّة الدين والدم واللغة والتاريخ والجغرافيا؟ أكثر العرب والمسلمين وضعوا أيديهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم، وكأن الأمر لا يعنيهم في كثير ولا قليل. بل إن بعضهم تآمروا مع القتلة وعززوا موقفهم بالدعم المالي والتسليحي وشجعوا مجرميهم على مشاركة بشار في إبادة الشعب السوري الشجاع. وما من شك في أن قلة من حكومات العرب والمسلمين عارضت جرائم النصيريين والصفويين ضد السوريين العزل، لكن خطواتها لم تتجاوز التأييد المعنوي وشيء من إغاثة اللاجئين واتخاذ إجراءات دبلوماسية لا تجدي مع مجرم محترف لا يأبه بمثل هذه العقوبات الشكلية. فلا تسليح جاد للجيش السوري الحر الذي يواجه طغيان الطاغية المدعوم عالميًا بأسلحة فردية وبعض ما يغنمه مقاتلوه الأشاوس من عصابات النظام الأسدي نفسه. ولا ضغوط حقيقية على الدول الأجنبية المتواطئة مع الإبادة الأسدية للشعب السوري باختلاف في الأساليب بحسب ضرورات النفاق واشتراطات الديكور لا أكثر. حتى في الأمم المتحدة، كان في وسع الدول الإسلامية أن تحصل على قرار من الجمعية العامة كبديل لتعاجز مجلس الأمن المتعمد، يضفي صبغة قانونية على تسليح الثوار السوريين، لكنها لم تفعل؟!

فسبحان الله الذي ألهم السوريين الثائرين على الظلم الجاثم على صدورهم منذ نصف قرن، أن يصدعوا منذ الأيام الأولى لمظاهراتهم السلمية بهتاف: ما لنا غيرك يا الله. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ووالله ليسألن رب العالمين كل من خذل السوريين من المسلمين مجتمعين وفرادى. لما رواه الإمام أحمد وقد روى أحمد والترمذي وحسنه عن أبي الدرداء مرفوعًا: «من رد عن عرض أخيه رد الله وجهه عن النار يوم القيامة»، وروى أحمد وأبو داود من رواية يحيى بن سليم عن إسماعيل بن بشير وفيهما جهالة عن جابر وأبي طلحة مرفوعًا: «ما من امرئ يخذل امرأ مسلمًا في موضع تُنتهك فيه حرمته ويُنتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موضع يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلمًا في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته»، ولأحمد من حديث سهل بن حنيف: «من أذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو قادر على نصره أذله الله على رءوس الخلائق يوم القيامة» وفيه ابن لهيعة. وعن أبي هريرة مرفوعًا «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره»، وعن ابن عمر مرفوعا «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه» (متفق عليهما).