النكد الزوجي

يشكو الزوج من أن زوجته نكدية، وأن بيته كئيب.. يعود إلى بيته فتداهمه الكآبة، ويطالعه وجه زوجته الغاضب الحاد النافر المتجاهل الصامت.. هكذا يرجع الزوج السبب كله إلى زوجته، ويدعي أنه لا يفهم لماذا هي نكدية؟ ولماذا لا تتكلم؟ ولماذا لا ترد؟ ولا يعلم أن زوجته بهذا الصمت، تدعوه هو للكلام..

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -


يشكو الزوج من أن زوجته نكدية، وأن بيته كئيب.. يعود إلى بيته فتداهمه الكآبة، ويطالعه وجه زوجته الغاضب الحاد النافر المتجاهل الصامت.. هكذا يرجع الزوج السبب كله إلى زوجته، ويدعي أنه لا يفهم لماذا هي نكدية؟ ولماذا لا تتكلم؟ ولماذا لا ترد؟ ولا يعلم أن زوجته بهذا الصمت، تدعوه هو للكلام.. قد تكون الدعوة هذه بطريقة سلبية، ولكن ذلك يرجع إلى فشل الطرفين في الحصول على طريقة أكثر إيجابية للتفاهم.. هنا الزوجة تضغط على أهم شيء يوجع رجولة الزوج وهو التجاهل واللامبالاة (متاعب الزواج- د. عادل صادق- ص176).

دائرة النكد:
قد يبادل الزوج زوجته صمتًا بصمت، وتجاهلًا بتجاهل ومن ثم تزيد حدة غضبها، وربما تصل إلى الثورة والانفجار، فتنتهز فرصة أي موقف لتثير زوبعة وهكذا تستمر دائرة النكد. الزوجة تصمت وتتجاهل لتثير وتحرق أعصاب الزوج وتهز كيانه، ليسقط ثائرًا هائجًا، وهنا تهدأ الزوجة داخليًا، ويسعدها سقوط الثائر حتى وإن ازدادت الأمور اشتعالًا وشجاًرا تتطاير فيه الأطباق، وترتفع فيه الأصوات. وهذا شأن التخزين الانفعالي للغضب، بل إن مشاعر الغضب تتراكم تدريجيا، حتى يفيض الكيل وتنشق الأرض قاذفة بالحمم واللهب فتعم الحرائق.

لقد شبعت:
إن بعض الزوجات يحفرن قبر الزوجية بأيديهن، حين يختلقن النكد بسبب وبدون سبب، حتى تصنع مشكلة تتعس بها نفسها، وتحول حياة زوجها إلى جحيم، بسبب الشكوى المستمرة من كل شيء، فمن سوء الأحوال المادية مرة ومن الأولاد أخرى، ومن إهمال الزوج لشئون البيت ثالثة، وغالبًا ما يكون الزوج هو الأذن الأولى التي تسمع هذه الشكاوي، وبعض الزوجات لا يحلو لهن بث الأوجاع والشكوى، إلا حين رجوع الزوج من عمله مرهقًا، بدلًا من أن يفتح الباب ويجد ابتسامة مشرقة ويدًا حانية وصوتًا رقيقًا، يجد وابلًا من الأخبار السيئة ومشكلات الأولاد والجيران والأقارب، ثم تقدم له الطعام وتطلب منه أن يأكل فيرد قائلًا: لقد شبعت.

(إن من الأسباب الرئيسة التي يهجر الرجال بسببها منازلهم، هي أن زوجاتهم يظللن البيت بجو من النكد والتنغيص) (مستفاد من لمن يريد الزواج وتزوج- فؤاد الصالح- ص219).

من يزرع الريح يحصد العاصفة:
أخي/ أختي الزوجة: لا بد أن يدرك كل منكما أنكما في مركب واحد، وأن كلاكما إن جعل النكد هو أسلوب التعامل مع الآخر، فقد فتح باب الجحيم على حياته الزوجية، وكان هو أول من يصطلي بنارها فتفقد حياته الأمن والاستقرار.. وكما قيل من يزرع الريح يحصد العاصفة. ومن أراد السعادة الزوجية، فلا بد أن يكون متفهمًا بقلبه وعقله وروحه المعاني الحقيقية لأعظم كلمتين في العلاقة الزوجية: المودة والرحمة.

من المسئول عن النكد:
يتهم البعض أن الزوجة هي المسئولة عن ما يحدث من نكد في الحياة الزوجية، والحقيقة أنها مسئولة عن جزء منه وليس عن كل ما يسمى نكد. وفي رأيي أن المرأة هي مصدر البهجة والسعادة في البيت وينعكس ذلك على زوجها وأولادها، وإن كانت في حالة سيئة نفسية ومعنوية فإن ذلك ينعكس أيضا على زوجها وأولادها. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن السعادة الزوجية تتخلق بحسن تعاون الزوجين وأن المسئولية مشتركة بين الطرفين في إنجاح الحياة الزوجية ولكن هناك صفات إذا كانت في الزوجة وغلبت على سلوكياتها في حياتها الزوجية تحول عش الزوجية من بيوت للرحمة إلى بيوت للشجار والتنافر، ومن هذه الصفات:

- عدم مراقبة الزوجة لله في حياتها الزوجية.
- حرص الزوجة على اصطناع نقاط الخلاف والضرب على أوتارها رافعة شعار النكد أصل في الحياة، وهذه الصفة تدفع الزوجة إلى التفنن في العكننة على زوجها والحرص على التشاجر على أتفه الأسباب.
- تعامل المرأة بصورة ندية مع زوجها في حلبة صراع لا بد أن يكون لها الغلبة فيها متناسية أبسط قواعد طاعة الزوج والتفاهم والحوار.

كما نجد أن من الصفات التي أدت إلى انهيار كثير من بيوت المسلمين إهمال الزوجة في نفسها وزينتها، فتتحول إلى طاهية بارعة وعاملة نشيطة ومربية أطفال لا مثيل لها تملأ بيتها بالنشاط، لكنها تزهد كل الزهد في مظهرها وأنوثتها معتقدة أنها الشهيدة التي تنتحر من أجل الآخرين ومتناسية أن لزوجها حقوقًا أقرها نبينا العظيم بقوله: «إذا نظر إليها سرته» (المجموع: 13/6)، ونحن لا نعيب عليها اجتهادها في خدمة بيتها وأولادها ولكن لا بد من التوازن في أداء الوجبات ولقد أثبتت الدراسات أن 8% من حالات الطلاق في العالم العربي كان سببها إهمال الزوجة في مظهرها وأنوثتها وأن نفس السبب ترتب عليه 12% من حالات الزواج الثاني.

كما تتغافل بعض الزوجات عن مدى أهمية العاطفة وإظهار مشاعر الحب للزوج مما يشعر كثير من الأزواج بالفراغ العاطفي الذي يحاول البعض إيجاده عند غيرهن، فلا بد أن تحرص الزوجة بين الحين والآخر على إظهار مشاعرها نحو زوجها ويتبادلان كلمات الحب.

إرهاق الزوج بما لا يطيق من المطالب المادية والسلوكيات التي تؤدي نفور الزوج عن زوجته خاصة في حالة قصر ذات اليد، فلا بد أن يظلل بيوتنا الرضا والواقعية فكثير من الأسر انفرط عقدها بسبب عدم الرضا والتطلع لما يتمتع به الغير، ويكفي أن نعلم أن أكثر من 20% من حالات الطلاق التي وقعت في العالم العربي في الأعوام الثلاثة الماضية بسبب عدم رضا أطراف الأسرة بحالتهم الواقعية وضيق ذات اليد.

تقديم الزوجة رغبات أهلها وأولادها على رغبات الزوج مما يشعره بتدني مكانته عندها ويخلق جوا أسريا غير صحي يسود فيه الشجار المستمر، خاصة إذا استشعر الرجل بتدخل أم الزوجة في حياته بصورة مستمرة مما يترتب عليه حالة من الصراع الدائم بين الطرفين، وعلى الزوجة أن تقوم بعمل المعادلة الناجحة التي تصنع من خلالها التوازن بين الطرفين.

هذه بعض الصفات التي إذا اجتمعت في امرأة أفسدت حياتها وحولتها إلى إنسان مرفوض من أقرب الناس إليها... زوجها.
وللحديث بقية...

أم عبد الرحمن محمد يوسف