استعلامات جهنم تثير الرعب في تلعفر
ملفات متنوعة
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
مفكرة الإسلام: على الرغم مما يشكله الاسم من مصطلح دخيل على أدبيات الجهاد والمقاومة في العراق، إلا أنه أصبح الاسم المتداول على كل لسان في الشارع التلعفري "بتشديد الفاء" بعد أن أذاق جنود الاحتلال الولايات خلال الأيام الماضية.
استعلامات جهنم قناص لا يشعر به الناس إلا عند وجود جثة هامدة لجندي أمريكي وسط شارع أو على بناية أو في ساحة عامة .
اسم أطلقه الاحتلال عليه قبل أن يعرفه الناس في المدينة حيكت عنه القصص والروايات، البعض منها غير صحيح والآخر مثبت بالأدلة.
مفكرة الإسلام كانت في مدينة تلعفر وبدأت تبحث عن حقيقة "استعلامات جهنم"، فحطت رحالها عند أهالي حي سعد بن أبي وقاص حيث شهد الأسبوع المنصرم مصرع خمسة من جنود الاحتلال قنصًا.
كانت بدايتنا في هذا الحي السني الذي شهد ترجل شهيد مراسلي مفكرة الإسلام سالم الجبوري رحمه الله وجعل الجنة مأواه، والذي سقط شهيدًا بنيران قوات الغدر الصفوية، حيث اغتيل بعد نقله المصور لسيطرة عناصر المقاومة العراقية على المدينة ودحضه لادعاءات الاحتلال بالسيطرة على تلعفر بيوم واحد، وقد كان رحمه الله بحق خير مراسل يقتدي به أخوته في بقية المحافظات العراقية العاملون ضمن مكتب المفكرة.
توجهنا إلى أحد مساجد السنة في المدينة وكان الإمام قد كبر تكبيرة الإحرام لصلاة العصر، وحيث كان المسجد يعج بالمصلين كانت الفرصة سانحة لجمع أكبر قدر من المعلومات عن القناص الذي أصبح حكاية المدينة.
بعد الصلاة مباشرة توجهنا إلى عدد من المصلين الشباب علنا نجد عندهم ما لا نجده عند الشيوخ، حيث حب المقاومة العراقية وشغف الشباب بمعرفة أسرار قناصهم، يجعل فرصة توفر المعلومات عن هذا القناص أكثر من وجودها عند الشيوخ .
وكما توقعنا وجدنا الغث والسمين لديهم.
(أحمد . ص) أحد أهالي تلعفر يقول: بين الحين والآخر يظهر قناص في تلعفر تابع لتنظيم القاعدة أو الجيش الإسلامي أو أنصار السنة، ويقوم بما لا تقوم به العبوات الناسفة أو السيارات المفخخة، فهو يصطاد الكثير من جنود الاحتلال دون أن يسقط أي مدني أو أن تدمر بناية أو شارع، لكن مع الأسف سرعان ما يختفي هذا القناص لأسباب كثيرة منها استشهاده أو انتقاله إلى مناطق ذات ضوء إعلامي أكبر مثل الموصل أو بغداد أو الرمادي والفلوجة، حيث إن تلعفر تشهد عمليات كبيرة ضد الاحتلال غالبًا لا تنقل من قبل وسائل الإعلام، وكما هو معلوم فإن حرب الإعلام تأتي على حد سواء مع حرب الاحتلال العسكرية، وبصراحة حتى أنتم مفكرة الإسلام لديكم تقصير كبير في نقل عمليات تلعفر ولا أعلم السبب ...
وبين قناص وآخر يأتي إلى المدينة يقتل جنودًا كثرًا من الاحتلال ويصاب العشرات منهم
دون أن تحدث ضجة على أي قناص مثلما حدثت على قناص تلعفر هذه الأيام.
والذي أطلق عليه جنود الاحتلال اسم استعلامات جهنم ، والسبب يعود في ذلك إلى اختيار هذا القناص لفريسته بشكل مذهل، حيث تخصص بقتل الضباط الأمريكيين المعروفين في المدينة.
كما تميز بأنه لا يجرح فريسته، فإطلاقة واحدة منه فقط ترسل المصاب إلى جنهم وبئس المصير، وكلها في أماكن حرجة وفي زوايا أكثر حرجًا حيث يصبيه في صدغه أو وجنته أو رقبته رصاصة واحدة ....لا ثانية لها.
نحن نعتقد أن طريقة قنصه واختياره للأماكن التي يعتليها تشبه إلى حد كبير طريقة الشيخ "أبو محمد السعودي" وهو مجاهد سعودي من مدينة جدة جاء إلى العراق ربيع عام 2004 واختص بالقنص، لذا ترى الناس هنا يعتقدون أن القناص الجديد هو "أبو محمد السعودي" خاصة، وأن السعودي لم يعثر له على جثة أثناء أو بعد معركة تلعفر ولم يسمع عنه أي شيء.
لذا الناس يعتقدون أنه لم يستشهد لكنه انتقل إلى مكان آخر بعد أن دخلت معركة تلعفر في أيامها الأخيرة. وأنا شخصيًا لا أصدق هذا الكلام، وأظن أن السعودي قد مات رحمه الله، حيث إن المتعارف عليه هنا في العراق أن المهاجرين العرب لا يولون الأدبار ولا يخرجون من معركة حتى إن كان متحيزًا لقتال إما أن يقتل أو ينتصر.
وعن كيفية وصول الاسم الذي أطلقه الاحتلال على القناص الجديد وهو "استعلامات جهنم" قال:
هم من أطلقوا عليه الاسم، وعملاؤهم ومترجموهم من العراقيين نقلوا لنا الخبر وشاع الاسم،وهو جميل لأنه يشعرنا بمرارة الحياة التي يعيشها جنود الاحتلال على أرضنا، وعلى كل حال مهما كانت جنسيته عراقيًا أم سعوديًا فهو مسلم همه تحرير أرض إسلامية من أيدي الصليب.
أما (خالد .ح) والذي شاركنا بالموضوع خلال جلوسنا في حديقة المسجد حيث قال مازحًا: قناص مدينتنا مثل قاطع التذاكر في المستشفيات الحكومية يرسل المارينز إلى جهنم بدون تنفس اصطناعي،أجزم أنه قتل خلال الأسبوع الماضي أكثر من 13 جنديًا إلى جهنم، كنت شاهدًا على أغلب التسفيرات.
ويواصل حديثة بقوله: الظهور الفعلي والحقيقي لقناص المدينة كان يوم 31/8/2006 يوم الخميس في ساحة بيع الخردة وسط المدينة، حيث قام بقتل جنديين أمريكيين الواحد تلو الآخر وكان الوقت حينها ظهرًا وبقي الاحتلال يفتش عنه لمدة خمس ساعات متواصلة لم يبق عمارة أو منزلاً أو محلاً تجاريًا لم يفتشه، وقد نجح بعد الساعات الخمس من العثور على أول دليل وهو حبل غليظ مشدود من أعلى عمارة "التتن" المعروفة في منطقة الحادث، وينتهي إلى الأرض من ظهر العمارة المكونة من طابقين، قام بعدها بيوم واحد فقط في فجر الجمعة من قنص ضابط يهودي في الجيش الأمريكي في حي المعلمين وكان اسمه على ما أظن كابتن "ثنساس" ويطلقون عليه ثناسي.
عندها ثارت ثائرة الاحتلال وبدأ البحث عنه وقام بحملة تفتيش صادر خلالها حتى أسلحة الصيد، واعتقل العشرات من الشباب، وقام بالتحقيق معهم الواحد تلو الآخر، واعتقل أحد أبناء المدينة من أهل السنة وقال عنه في بيان له إنه تم القبض على إرهابي احترف القنص إلا أنه أطلق سراحه بعد أيام، حيث حصلت النكتة العجيبة، فقد تبين أن هذا الإرهابي المتهم لديه "استكماتزم" في العين اليمنى وضعف في اليسرى وغير مؤهل للقراءة في الليل.
واستمر منوال هذا القناص من تلك الفترة وحتى يومنا هذا، شهد الأسبوع الماضي أقوى الفترات حيث كثف القناص من اصطياده للجنود حتى وصل عددهم إلى 13 جنديًا، بشكل جعلهم يتخذون إجراءات كثيرة لتفاديه، منها أنهم كانوا يركضون في الشوارع بشكل لافت للنظر ورؤوسهم مطرقة إلى الأرض، ويلبسون الخوذ والدروع إضافة إلى تغطيتهم للرقبة بدرع أيضًا، كما لوحظ اختفاء الجنود من على ظهور الدبابات والمدرعات خاصة إذا كانت متوقفة، وأصبحت نصف بنادقهم موجهة إلى الأعلى وإلى سطوح البنايات، بدلاً من توجيهها إلى الناس بشكل أفقي.
ومن شدة فزعهم أنهم قتلوا أحد الرجال في حين كان رحمه الله يعدل هوائي تلفازه على سطح داره، حيث أطلق عليه جميع جنود الدورية النار بشكل وكأنما القيامة قد قامت، وبعد أن صعدوا إلى سطح الدار وجدوا بيده مفك براغي وسلكًا نحاسيًا كان يحاول تثبيت الهوائي على أنبوب ماء قديم لغرض رفعه إلى الأعلى كي تتحسن الإشارة عنده.
بعيدًا عن المساجد وأهلها وما عندهم من معلومات عن قناص مدينتهم، توجهنا إلى سوق المدينة وسلكنا طريقًا مختصرًا توجد فيه بقايا نقطة تفتيش أمريكية هجرت من قبل جنودها قبل أسبوع واحد،والغريب في تلك النقطة أنها تختلف عن بقية نقاط التفتيش المنتشرة في العراق التي يتركها جنود الاحتلال رغمًا عن أنوفهم بعد ضربات بالهاون أو الصواريخ الموجهة أو السيارات المفخخة،كانت تلك النقطة سليمة من حيث عوارض الأسمنت العالية والسواتر الترابية المقامة فيها، ومما أثار استغرابنا أكثر هو أن هذه النقطة حيوية لجيش الاحتلال، حيث تشرف على الأحياء السنية لتلعفر وأقيمت أساسًا بهدف السيطرة على رجال المقاومة الذين يخرجون ليلاً لزرع العبوات الناسفة، حيث إن الاستغناء عنها لا يأتي بسهولة.
ولكن كما يقال: "إذا عرف السبب بطل العجب" حيث أزاح شدة استغرابنا ومسح علامات الاستفهام من على رؤوسنا أحد البناء المنطقة والذي قال: ترك جنود الاحتلال هذه النقطة بعد أن استنزفت جنديًا واحدًا يوميًا من هذا النقطة، حيث كان "استعلامات جهنم" ـ هكذا أطلق عليه الشاب ـ يرسل يوميًا برقية عاجلة لأحد الجنود الأمريكيين الموجودين في هذه النقطة تطلبه التوجه إلى نار جهنم على جناح السرعة، حيث قتل في أسبوع واحد ستة جنود أمريكيين اضطرهم إلى ترك النقطة إلى غير رجعة.
تركنا أطلال النقطة الأمريكية وواصلنا سيرنا مشيًا على الأقدام إلى سوق تلعفر القديم أو علوة المخضر كما يطلق عليها أهل المدينة، وهناك وجدنا جثة لشخص مقتول والناس متجمعة حوله، اقتربنا أكثر وسألنا الناس المتجمهرة عن هذا الرجل.
فتبين أنه أحد عناصر الجيش العراقي كان قد خرج من وحدته شرق المدينة بملابس مدنية متوجهًا إلى كراج المدينة لغرض العودة إلى أهله حيث كان في إجازة.
وأخبرنا أحد المواطنين أن المقاومة قامت بقتله ووضعت هويته الصادرة من وزارة الدفاع العراقية فوق جثته، حيث إن هذا هو الأسلوب الجديد للمقاومة وهو وضع الدليل فوق جثة القتيل، وذلك بعد أن أكثر المرجئة في المدينة من كيل الاتهامات للمقاومة أنها تقتل الناس على غير بينة أو دليل.
فعمدت المقاومة على إثبات الدليل للناس على شرعية قتل الشخص قبل أن تغادر، كي لا يكثر حديث المرجئة ـ حسبما قاله المواطن ـ وهو صاحب أحد المحلات، والذي استرسل معنا في الحديث عن وضع المدينة في الفترة الأخيرة كان لا بد له أن يطرق حديث قناص تلعفر فهو الحديث الذي يطغى على أحاديث الناس في الأسواق والمقاهي.
حيث قال: والله يا إخواني هذا القناص 100% ليس عراقيًا وأغلب الظن أنه "أبو محمد السعودي" قناص تلعفر السابق، لعدة أسباب:
أبو محمد لم نعثر على جثته كما أن طريقة هذا القناص تشبه طريقة "أبو محمد السعودي"، حيث إنه لا يخطئ أبدًا ولا تحتمل ضربته الخطأ، وكما يقال في المثل العراقي "لو بالهدف لو بالنجف" في إشارة إلى مقابر النجف التي يدفن فيها الشيعة موتاهم.
كما أنه لا يكل ولا يمل ولا يتعب يوميًا هدف يوميًا فريسة يوميًا رقم جديد لجندي مارينز، ومثل هذا حتمًا ليس لديه عائلة أو أهل يؤوي إليهم في المدينة قد نذر عمره وحياته في سبيل الله تعالى.
كما أن تلعفر مدينة صغيرة، وأنا بحكم عمري أعرف جميع بيوتها وشوارعها وأزقتها وأعلم أغلب شبابها الموجودين، وهم على الرغم من شجاعتهم في المقاومة وجهاد الأمريكان، إلا إنهم لا يمتلكون مثل كفاءة وخبرة هذا القناص وإن لم يكن هو "أبو محمد" فهو قناص من خارج تلعفر وليس من أهل مدينتها.
أما الروايات الخيالية التي يذكرها الناس عن هذا القناص والتي أشرنا إليها في بداية التقرير هي ما يقال عن أنه يستيقظ يوميًا الساعة العاشرة، ويحمل سلاح القنص بيده بعد أن يرتشف كوب شاي، ويجوب المدينة ليختار عمارة أو بناية عالية يقوم باعتلائها، وينتظر ساعات حتى يصل الجنود فيقضي على واحد أو اثنين ويرجع إلى بيته.
وهي رواية في الواقع يمكن تصديقها إلا أنها قد نسجت كما قال لنا الناس من مخيلة عملاء الاحتلال الذين يريدون أن يقبضوا المال لإلقاء أي معلومات عن "استعلامات جهنم".
والرواية الأخرى أنه قتل جنديين بطلقة واحدة كانا يقفان واحد جوار الثاني.
والرواية الثالثة أن قناصته ليس فيها ناظور رؤيا ليقرب المسافة، حيث إن عينيه عيني صقر.
والمجلب للشفقة أن الاحتلال لا يمتلكون أي معلومات عن هذا القناص سوى أنه يملك سلاح قنص روسي يصل مداه إلى 1000 متر، وينشرون عنه أنه إرهابي يستهدف النساء والأطفال الأبرياء.
وفي النهاية نقول ما بين "أبو محمد السعودي" ابن مدينة جدة، وبين قناص عراقي يعتقد الناس أنه هو "استعلامات جهنم" تبقى استعلامات جهنم مفتوحة على مصراعيها لاستقبال الأمريكيين على مختلف ألوانهم في تلعفر.