مناصرة وبيان حول أحداث الصومال
سلمان بن فهد العودة
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
.
بسم الله الرحمن الرحيم
مناصرة وبيان حول أحداث الصومال
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإنه قد آلم كل مسلم غيور على دينه ما حدث من اجتياح الدولة الأثيوبية النصرانية، ومن يقف وراءها من القوى الظالمة لبلاد الصومال العربية المسلمة.
وإننا لنعلم ويعلم كل مسلم متابع للأحداث أن هذا البغي والظلم والعدوان من هذه الدولة النصرانية ماهو إلا حلقة في مسلسل الهجمة العالمية على العالم الإسلامي بقيادة دول الصليب المتحالفة وعلى رأسها أمريكا وإن المتابع العاقل لهذه الأحداث ليعجب من أولئك المؤتمرين والمنضوين تحت مظلة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات العالمية كيف يتغافلون عن هذا الإرهاب الدولي والانتهاك لسيادة دولة عضو في منظماتهم وهم يزعمون محاربة الإرهاب والدعوة إلى العدالة والسلم العالمي.
والمنصفون يعلمون أن الصومال قد عانى كثيراً من الحكومات والميليشيات العسكرية التي أهلكت الحرث والنسل وأقحمت الشعب الصومالي في نزاعات بينية فرقت الشمل وفككت الوحدة وأهدرت المقدرات والمصالح الوطنية، وربطت مصير البلد بتحالفات مشبوهة مع الأعداء وأدخلته في المحاور الدولية المتشابكة خدمة لخطط الأعداء وللمصالح الذاتية الضيقة.
ومن هذا المنطلق يمكننا فهم تفاعل الشعب الصومالي مع حكومة المحاكم الإسلامية واختياره لها وسرعة تجاوبه مع جهودها لتوحيد الصومال والبحث عن مصالحه الحقيقية وإبعاده عن شباك الأعداء.
ونحن نعلم أن الدول الكبرى تقبل بسياسات الأمر الواقع إذا كانت تصب في مصالحها، والتاريخ القريب والبعيد يشهد بالعديد من الانقلابات العسكرية التي تسفك فيها دماء المواطنين العزل بأيدي العملاء خدمة لهذه القوة العالمية أو تلك وخصوصاً في أفريقيا.
واليوم حين يأتي الحراك من داخل الشعب الصومالي المسلم وبرغبته المحضة واختياره الحر، تأتي هذه الهجمة الشرسة عليه وعلى قيادته الشرعية التي تجاوب معها ومنحها ثقته وفتح لها ولسلطاتها أراضيه ومناطقه الواحدة تلو الأخرى، فأين دعاة حرية الشعوب في اختيار قياداتها السياسية وأين المحاربون للإرهاب من هذا الإرهاب الذي تمارسه الدولة الباغية وحلفاؤها.
وإننا إذ نكتب هذا البيان؛ إعذاراً وإنذاراً ونصرة لإخواننا نحب أن نؤكد على مايلي:
أولاً: نشد على أيدي إخواننا المجاهدين الصوماليين ممثلين بقيادتهم الشرعية (المحاكم الإسلامية) ونحثهم على الصبر والتقوى امتثالاً لأمر ربنا سبحانه:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }[آل عمران: 200]
وقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }[محمد: 7]
وقوله صلى الله عليه وسلم: « واعلم أن النصر مع الصبر » أخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عباس بسند صحيح.
وندعوهم إلى اجتماع الكلمة ورص الصفوف والاهتداء بهدي سيد المرسلين في السلم والحرب امتثالاً لقوله تعالى:
{ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [الأنفال: 46]
والانتباه إلى مايحيكه لهم عدوهم من الخديعة وإفساد ماقاموا به من الإصلاح وجمع الكلمة والاجتماع على الكتاب والسنة.
ثانياً: يجب على المسلمين جميعاً وكذا بقية شعوب العالم المحبة للعدل والسلام أن يحذروا من هذه القوى الصهيونية والصليبية التي تشعل النار وتثير الحروب ضد من لايدور في فلكها أو ينصاع إلى أطماعها حيث يصدق عليها قوله تعالى:
{ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ } [البقرة: 205]
لذا فإن هذا العدوان إن لم يواجه بما يستحقه من حزم وقوة فإنه ينذر بخطر عظيم ويؤدي إلى كارثة إنسانية ويشيع الفوضى والدمار في الصومال وما جاوره من البلاد.
ثالثاً: الشعب الصومالي شعب عربي مسلم وهو عضو في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وله علينا واجب النصرة والمؤازرة بكل مانستطيع من وسائل النصر تحقيقاً لمبدأ الولاء للمؤمنين، فعلى المسلمين جميعاً، أفراداً وجماعات، وخصوصاً الحكومات العربية والإسلامية واجب القيام بهذا الحق وعدم التخاذل عنه.
رابعاً: على الشعوب المسلمة أن تهب نصرة لإخوانها في الصومال كل بحسب استطاعته
{ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ } [الأنفال: 72]
وألا يقفوا متفرجين منتظرين للحلول الأممية التي لم تجد شيئاً في القضايا السابقة بل زادتها تعقيداً وخسراناً.
خامساً: لم يغب عنا وعن كثير من المسلمين هذا التحالف الصليبي الأمريكي مع دولة أثيوبيا المعتدية وهو امتداد لتحالفاتها السابقة مع الصهاينة اليهود وكذا مع الرافضة في الاعتداء على المسلمين واغتصاب حقوقهم وانتهاك حرماتهم وهو ما يؤكد وجوب مواصلة المدافعة والمجاهدة لهذه الحكومة الأمريكية المتطرفة وإفشال مخططاتها.
سادساً: ما وقع من الحكومة الصومالية المؤقتة، في التحالف مع الحكومة الأثيوبية في عدوانها واجتياحها لبلدهم الصومال وما ثبت من مشاركة بعض عناصرها وأفرادها في هذا الهجوم، ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك حقيقة هذه الحكومة الانتقالية ومدى عمالتها لأعداء الصومال ووقوفها ضد مصالح الشعب الصومالي.
كما أن ذلك يؤكد خطورة هذه التيارات المستغربة والمتحالفة مع الأعداء ضد بلادها ومواطنيها في أي بلد من بلاد الإسلام، كما يجدد الحاجة الماسة للحذر منهم والتضييق عليهم حتى لا يصلوا ببلاد المسلمين وسيادتهم ومصالحهم ومقدراتهم إلى هذا المستوى من الخزي والعار والخيانة.
سابعاً: إننا لنرثي لهذه المنظمات العالمية ومنها الأمم المتحدة ومجلس أمنها والتي تدعي أنها اجتمعت لإحقاق الحق وردع الظالم كما تنص عليه اتفاقياتها وأنظمتها المعلنة وما وصل إليه أمرها من الضعف والاستكانة والهوان، ونؤكد لها أن الشعوب الإسلامية قد فقدت الثقة بها بسبب هذا التعامي عن حقوق المستضعفين من المسلمين والكيل بمكيالين في القضايا العالمية والتي يكون المسلمون طرفاً فيها.
ثامناً: إن هذه الهجمة الغاشمة على الإسلام وأهله لن تفقدنا الأمل والتفاؤل بنصرة الإسلام والمسلمين بإذن الله، وما اشتداد هذه الهجمة على الإسلام وأهله إلا دلالة على قوته وعلو شأنه، ما أقض مضاجعهم وجعلهم يتخبطون يمنة ويسرة، يقتلون ويأسرون، ويدمرون بلا عقل أو روية، لشدة ما يعانونه من اجتياح الإسلام بقيمه ومبادئه لحصونهم التي ما كانوا يظنوا أن تنهار أمام الدين الرباني الخاتم.
ونذكر كل مسلم ونخص المجاهدين منهم بقوله تعالى:
{ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ } [الروم: 60]
وختاماً... فإننا وفي هذه الأيام الفاضلة أيام الحج المباركة نحث إخواننا المسلمين في كل مكان على الدعاء والتضرع لله - جل وعلا - بأن ينصر إخواننا المسلمين المجاهدين والمستضعفين في الصومال والعراق وفلسطين وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين وأن يكبت عدوهم ويردهم خاسئين لا ينالون خيراً
{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } [الشعراء: 227]، إنه قوي عزيز جواد كريم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
حرِّر في مكة المكرمة يوم الخميس 8، ذوالحجة، 1427هـ
الموقعـــــون
1. الشيخ العلامة/ عبدالله بن محمد الغنيمان (رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً)
2. الشيخ/ سفر بن عبد الرحمن الحوالي (رئيس قسم العقيدة بجامعة أم القرى سابقاً)
3. الشيخ/عبد الله بن حمود التويجري (رئيس قسم السنة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً)
4. الشيخ/ عبدالرحمن بن صالح المحمود ( عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)
5. الشيخ/ ناصر بن سليمان العمر (وكيل كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً والمشرف العام على موقع المسلم)
6. أحمد بن عبدالله شيبان ( المعلم في منطقة عسير سابقاُ )
7. الشيخ/خالد بن عبد الرحمن العجيمي (عميد شؤون الطلاب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً)
8. الشيخ/ محمد بن سعيد القحطاني ( عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة بجامعة أم القرى سابقاً)
9. الشيخ/ سعد بن عبدالله الحميد (عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود)
10. الشيخ/عبدالعزيز بن عبدالمحسن التركي (رئيس قسم التوجيه والإشراف التربوي بجنوب الرياض سابقاً)
11. الشيخ/ محمد بن عبدالله الخضيري ( عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة بجامعة القصيم )
12. الشيخ/محمد بن عبد العزيز اللاحم (مشرف تربوي وخطيب جامع بالقصيم)
13. الشيخ/ وليد بن عثمان الرشودي (رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بالرياض)
14. الشيخ/ حسن بن صالح الحميد (عضو هيئة التدريس بقسم القرآن وعلومه بجامعة القصيم )
بيان من الشيخ سلمان حول أحداث الصومال
إن ما جرى من عدوان أثيوبيا على دولة الصومال الإسلامية هو جريمة نكراء بكل المقاييس وتجاوز لأبسط الحقوق الإنسانية والمواثيق الدولية.
لقد ظلت الصومال سنين طويلة تعيش اضطراباً وفوضى وضياعاً، دون أن تتحرك أي قوة دولية مجاورة أو بعيدة لضبط الأمن وحفظ مصالح الناس، وبعد أن ظهرت قوات المحاكم الإسلامية بداء المكر والتآمر، والتدخل الفاجر خفية في الماضي، ثم علانية ودون مواربة كما يحدث الآن.
إن المحاكم الإسلامية ذات وجود منبثق من حاجة الشعب الصومالي المسلم، وليس لها أي امتداد خارجي، ولا يوجد لها علاقة مع أي جهة خارجية، وإلصاق تهمة الإرهاب بها كما تروجه بعض الوسائل والقوى هو لمجرد افتعال ذريعة كاذبة للتدخل السافر والحرب الشعواء.
إن واجب المسلمين شعوباً وحكومات وعلماء وجمعيات خيرية وإنسانية، يحتم عليهم أن يسارعوا لتطويق الموقف، وحفظ خيار الشعب الصومالي المسلم ودعمه ومساندته بكل احتياجاته الإغاثية، والإنسانية، والطبية، والمادية، والمعنوية.
إلى متى تظل البلاد الإسلامية مجالاً للمغامرة، وممارسة التسلط والعدوان بمأمن عن ردود الأفعال.
إن النظام الدولي ومؤسساته بما فيها الأمم المتحدة وكذلك الدول الكبرى ستظل بعيدة عن شعاراتها المتعلقة بالعدل والسلام إذا وقفت في صف الظالم والمعتدي ولم تعترف بحقوق المسلمين.
إن مجرد الضعف الذي يعيشه المسلمون ليس مسوغاً للاستخفاف بهم، فالضعيف لديه ما يفعله وسيظل قادراً على إلحاق الأذى بالمعتدين والظالمين وبمن ساندهم وأيدهم والدهر دول والأيام قلّب.
إن العالم الإسلامي كله يحتفظ بعشرات الأمثلة التي يختص بها من بين دول العالم كله، والتي تجعله استثناء في التعامل، وتسمح بتفعيل السلاح القاتل في أهله وشعوبه وتتجاهل معاناته وآلامه، ولا تصغي لصوت الاحتجاج بل وتغالط في الحقائق وتزور الواقع وتفتعل الأكاذيب.
والواقع أثبت أن المسلمين مهما ضعفوا فهم أقوياء في الممانعة والمقاومة، والمطاولة لعدوهم، وهم أصبر وأطول نفساً وأجدر بالتضحية وأوثق بالنصر.. ولتعلمن نبأه بعد حين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.. والحمد لله رب العالمين.