ومن الحب ما قتل

ملفات متنوعة

  • التصنيفات: مناسبات دورية -

كلمة الشيخ بن جبرين

الحمد لله وحده

وبعد فقد قرأت هذه النشرة التي كتبها أخونا المحب العالم الشيخ محمد بن عبد العزيز الحارثي، وتتعلق بأعياد الكفار كعيد الأم وكعيد الحب ونحوه، وفيها التحذير من التشبه بأعداء الله الكفرة ومشاركتهم في أفراحهم وأعيادهم المبتدعة، مع بيان وإيضاح الفرق بين أعياد المسلمين وأعياد الكفار كعيد الفطر وعيد الأضحى وما فيهما من الأعمال الصالحة والعبادات الشرعية.

فنوصي بنشر هذه المقالة وقراءتها. وفق الله الجميع لكل خير وأرشدنا لما يحبه ويرضاه وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

 

عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

20/12/1426 هـ.

محمد بن عبد العزيز الحارثي

الحمد الله والصّلاة والسّلام على رسول اللّه وآله وصحبه وبعد،

يقول الله تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ} [القصص:50].

ويقول الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم: «من تشبه بقوم فهو منهم» رواه أحمد وأبو داود.

أخي المسلم، أختي المسلمة،

لقد بدأ ينتشر في جسم الأمة المسلمة اليوم العديد من الأمراض العقلية والقلبية التي داهمتها من كل مكان ومن تلك الأمراض الاحتفال بأعياد المغضوب عليهم والضّالين كعيد الحب وعيد الميلاد، وعيد الأم، وغيرها من الأعياد التي ابتلي بها كثير من شباب وفتيات الأمة المسلمة فأعجبوا واحتفلوا بها وتبادلوا الهدايا فيما بينهم كل ذلك في جو تسوده المعاصي والفسق والمجون إرضاء للنّفس والهوى والشيطان وتشبهاً بأعداء الرّحمن في ملابسهم وسلوكياتهم وعاداتهم؛ ومن الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الصّبغة صبغة شياطين الإنس: سيطرت الرذيلة على الكثير من وسائل الإعلام، وضعف الإيمان، والافتتان بكل ما يأتي من أرباب الفساد، واكتفاء ربّ الأسرة وربّة الأسرة بترديد آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وعدم تطبيق ما فيها في واقع الأسرة بشكل عملي للمحافظة على صبغة اللّه ومن أحسن من اللّه صبغه..

يا من ينتمي لأمة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم و وينتظر ما يسمّى "عـيد الحب" ليحتفل به ويعيش معه: هل هو حب في الله ومن أجل اللّه ؟ هل هو تجديد لحب الوالدين والمساكين ليبلغ الذروة؟! هل هــو حب يقود إلى الفضيلة كلاّ إنّ هذا النّوع من الحب طريق للمعاصي والتعاسة والرّذيلة.

أي حب هذا الذي يؤخذ من الضّالين الذين أشركوا مع اللّه في المحبّة حتّى قتلوا الإخلاص الذي هو شرط من شروط قبول عمل العبـد قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ} [البقرة:165] وهذا النوع من المحبّة هو أصل الشقاوة ورأسها والتي لا يبقى في العذاب إلاّ أهلها واللّه شديد العذاب.

أي حب هذا الذي يؤخذ من أناس لا يتبعون رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كيف للمسلم أن يحتفل بعيد لم يقرّه اللّه ورسوله بل أقرّه أناس تكاتفوا وتعاونوا على المستضعفين في الأرض فهجموا على ديارهم وسفكوا دمائهم ورملوا نسائهم ويتموا أطفالهم ونهبوا أموالهم واستخدموا كل أنواع الإجرام والبطش والظلم والفساد في الأرض.

أي حب هذا وهو عيـد أسموه "عيد العشاق" عشاق العلاقات الشاذة بين الذكور والإناث والتي كانت سبباً في غضب الرّب سبحانه وتعالى على الأمّة اللّوطية قال تعالى: {فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:82-83].

أي حبّ هذا وهو عيد لعشّاق قتل العفّة والحياء وإحياء العلاقات المحرّمة التي دمّرت الكثير من الأسر ونشرت الأمراض المهلكة في الشرّق والغرب يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما من ذنب بعد الشرك بالله أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في فرج لا يحل له».

هكذا هي الأعياد المصنوعة بأيدي البشر الذين وإن وصلوا إلى أعلى درجات التقدم العلمي والتكنولوجي إلا أنهم قد وصلوا إلى أنزل الدركات من الانحطاط والقذارة والتمزق والضياع في الأسر والعلاقات الاجتماعية وصلوا إلى أنزل الدركات في العيوب، والقسوة في القلوب قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الزمر:22] لماذا في ضلال مبين؟

لأنهم ساروا على منهجهم وابتعدوا عن المنهج الرباني الذي إن ساروا عليه تحقق فيهم قول الله تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقا} [الجن:16].

يا من ينتظر ما يسمّى شهر "فبراير" ليحتفل بـ "عيد الحب":

شتّان شتّان بين الشّهور التي صنعها الإنسان وبين شهور الرّحمن ومواسم الطّاعات والنّفحات؛ فلنضرب مثلا على ذلك ونقـف قليلاً عند شهر اللّه شهر ذي الحجّة لنتعرّف على بعض ما فيه من ثمرات وخيرات أنعم بها علينا رب الأرض والسماوات.

شهرنا شهر ذي الحجة فيه يتجه المسلمون نحو مكة المكرمة ويقطعون المسافات الطويلة ويتحملون مشاق السفـر و ويهجرون الأهل والأحباب ويتركون الدّنيا ومشاغلها وملذاتها في رحلة مع الله طلبا في رضاه ليؤدوا فريضة الحج؛ وليخرجوا كَيَوم ولدتهم أمهاتهم يقول الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج كيوم ولدته أمه»؛ فالمولود عندما تلده أمّه على صبغة اللّه صبغة الطهر والصفاء والنقاء قـلـبه سليم من كـل الأمراض ليس فيه هم ولا غــم ولا غـيظ ولا شهوات بهيميّة.. إذا أتته المنيّة أتى اللّه بقلب سليم وأدخـله جنّـات النّعيم. المولود فيه البراءة والطّهر نفسه مطمئنة وقلبه أبيض صاف من أدران الدنيا كالحقـد والكذب والغش والكبر والشك والحسد، والمكر والخداع والجور. لا يظلم الناس في أموالهم وأعراضهم وأبدانهم. فرجه محصّن من الكبائر التي تسبب غضب الرب ويده لم تتلطخ بأكل أموال الناس بالباطـل.. يا لجمال لسان هذا المولود فقد نظفه اللّه مـن اللّعن و الغيبة والنميمة وشهادة الزور والفسق والفجور في وجهه نور الكــل لا يمـل من النظـر فيه تتناقله الأيدي وتقبله مرة وتريد أن تقبله مرة أخرى لا يكرهه أحـد يحـبه الجميع ويحـيطونه بالعناية والحب والحنان والقبول. المولود طهــّره الله مـن الشرك و الكفـر والذنوب صغـيرها وكبيرها.

ذو الحجة فيه عيد يختلف عن كل أعياد الأمم ففيه من الحكم العظيمة والمعاني السامية النبيلة والثمار المسعدة الجميلة مالا يوجد في غيره لأن عيدنا عبادة من العبادات العظيمة ومدرسة تربوية كسائر المدارس العظيمة التي تعلمناها من خير خلق الله محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسّلّم الذي أرسله الله تبارك وتعالى رحمة للعالمين.

نتعلم في هذه المدرسة حقوق الله وحقوق الوالدين، والجار والمساكين والناس أجمعين. تتجدد في عيدنا الروابط الاجتماعية المستمرة طوال العام وتبلغ القمة في الصلة بين الأرحام والأقارب والزيارات بين الجيران وتبادل الهدايا، وتفريح الأطفال بشتى أنواع الألعاب النظيفة.. كل ذلك في جو ملؤه الحب والعدل والوفاء والإخلاص..

نحن في عيدنا عندما نتقي اللّه ونتقرّب إليه بالأضحية والهدي نتذكر آية من آيات الله سبحانه وتعالى.. نتذكّر قصة إبراهيم ورؤياه عليه أفضل الصلاة والتسليم، تلك القصة التي تعلم الجن والإنس حقيقة الإسلام وهو الانقياد لله والخشوع وتقديم حبه على حب أي أحد فنضحي بأموالنا وأنفسنا وكل ما نملك من أجل وجهه الكريم

تعلّمنا طاعة اللّه وطاعة الوالدين، وأن الشدة سيأتي بعدها الفرج بإذن الواحد الأحد، وأن المؤمن معرض للابتلاء والامتحان في الدنيا فإذا صبر واحتسب وثبت على حب الله وطاعته كافأه الخالق بالخير الكثير في الدنيا والآخرة وهذا ما حدث لإبراهيم عليه السلام عندما تجرد من عاطفة الأبوة وآثر حب الله على حب ابنه أصبح من المحسنين الذين بشرهم الخالق بجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا.

عــيدنا عيد رحمة، وصدقة، وبر، وصلة للأرحام، وتعاون. تظهر فيه أمة الجسد الواحد متوادة متراحمة متعاطفة؛ فتتجلى هذه المعاني والصفات الدائمة بين الصغير والكبير والفقير والغــني والأبيض والأسود والأحمر لا فرق بينهم إلا بالتقوى..

عـــيدنا عــــيد مرح معتل يحمل بين طياته كل معاني الحب والرحمة والفرح مبتعــداً عن كل فسق وفجر ومجون.. تتجسد فيه أنبل الصفات الإنسانية وأرقها وأجملها صفة الشعـور بالآخر؛ فعندما نفرح ونبتهج لا ننسى بأن هناك شعوبا تظلم انتهكت أعراضها وسرقـتً أموالها معرضة للإبادة الكاملة. لا ننسى بأن لنا إخوانا في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها من البلاد ينحرون في كل يوم أمام مرأى من العالم أجمع بلا ذنب اقترفوه. نحن عندما نمرح ونستمتع بالأمن والأمان لا ننسى إخواننا الذين نحرت أطفالهم أمام أعينهم، وهدمت بيوتهم على رؤوسهم وشردوا من أرضهم، لا ننسى السجن الجائر الظالم الذي يعيشه مئات الآلاف من ا لرجال والنساء والأطفال، والعجزة والمرضى في فلسطين اليوم..

عندما تفرح الأسر المسلمة في العيد فتسعـد وتسعـد أطفالها تتذكر بأن هناك يتامى وأياما ومعاقين ومساكين يحتاجون إلى المساعدة... نتذكر في عيدنا كل هؤلاء وأمثالهم فلا نسرف ولا نظلم ولا نفجر ولا نفسق ونلجأ إلى الله بالذكر والعبادة والدعاء لهم، ومساعدتهم بكل ما يمكن أن يقدم لهم...

فهل في شهر المعتقدين بعيد الحب والمتبعين لهم والمتشبهين بهم مثل هذا الحب و السّمو وهذه العطايا والهبات؟!

يا خير أمّة أخرجت للنّاس

ديننا كلّه حب وهو يدعوا إلى الحب المشروع الحب السامي العفيف العظيم حب اللّه وحب رسول اللّه والأنبياء، والصحابة والصالحين.

حبّنا أولاً أعظم وأسمى وأطهر حب؛ وهذه المحبة هي أصل السعادة ورأسها التي لا ينجو أحد من العذاب إلا بها حبّنا للّه جل في علاه مع غاية الّذل والخشية والخضوع والوقوف مع أوامره ونواهيه ومحابه ومساخطه فنتقرب إليه بالتوكل والتوبة والطّهارة والصبر والتقوى والعدل والإحسان، والابتعاد عن الظلم والكبر والإسراف والاعتداء والخيانة والإفساد والفساد وموالاة الكفار والتشبه بهم... نتقرب إلى اللّه بفعل الأوامر وترك كل النواهي.. نتقرب إليه بالنوافل والطاعات لنحصل على الحب الذي يجعله جل في علاه ينادي جبريل ليخبره بهذا الحب ويأمره أن ينادي في كل من في السماء ليخبرهم بهذا الحب ويأمرهم بأن يحبونه كما أحبه ثم يوضع له القبول في الأرض.

نتقرّب إليه بحبّنا لخير خلق اللّه محمد بن عبدا لله صلّى اللّه عليه وسلّم حبّ لا يتحقق إلاّ بالإتباع، قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم واللّه غفور رحيم} [آل عمران:31]. ولا يجد حلاوة الإيمان بل لا يذوق طعمه إلا من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما كما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان وفي لفظ لا يجد طعم الإيمان إلا من كان فيه ثلاث من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله تعالى منه كما يكره أن يلقى في النار».

حبّنا لوطن التّوحيد ومهد العقيدة.. دمنا وكل ما نملك رخيصة في سبيل أمنه واستقراره وعزّه.. نقف مع ولاة أمورنا في وجه كل من يسعى لزعزعته وإشاعة الفتنة فيه لأنه مهبط الوحي، ومنبع النور الذي أضاء ولا زال يضئ كلّ الدنيا ولأن فيه أقدس مكانين على وجه هذه الأرض يفد إليهما كلّ المسلمين لإكمال أركان الإسلام التي بني الإسلام عليها، وزيارتهما والعودة إلى ديارهم بعبادة مقبولة وذنب مغفور، بإذن اللّه تعالى.

حبّنا للأهل والوالدين والأزواج والأبناء وغير ذلك من محاب الدّنيا المباحة لكنها محبّة لا تزاحم حب اللّه وحبّ رسوله، ولا تلهينا عن ذكر القائل جلّ في علاه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ}

حبّنا في اللّه ومن أجل اللّه وأوثق عرى الإيمان هو الحب في الله والبغض في اللّه فنحن إذا أحببنا نحب لله ونبغض لله ونعطي لله ونمنع للّه. عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال أين تريد قال أريد أخا لي في هذه القرية قال هل لك عليه من نعمة تردها قال إني أحببته في الله عز وجل قال فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه.

نحن نحب في اللّه لأننا نعلم أن المتحابين في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء.

أيها الآباء:

إن فلذات أكبادكم من بنين وبنات أمانة في أعناقكم ستسألون عنها يوم القيامة فلا تهملوا في تربيتهم. ذكروهم وحذروهم من السير مع قرناء السوء فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: « المرء على دين خليله ».

واعلم أيها الرّاعي أن اللّه قد توعد من فرّط في حق رعيته. يقول الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصحيح: «ما من راع يسترعيه اللّه رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلاّ حرّم اللّه عليه الجنّة».

يا شباب وفتيات الإسلام:

إذا كانت نسبة كبيرة من الشباب والشابات لا يعترفون بهذا العيد لكنهم يتابعون احتفالاته عبر وسائل الإعلام فيخشى أن يكون ذلك طريقاً إلى الرّغبة فيه والرّضا والتّعلق به فينتج عن ذلك انحرافات سلوكية لا تحمد عقباها لاسيما ونحن نعلم أنّ أعداء الله يعلمون الدور الكبير لوسائل الإعلام في تغيير القيم والمبادئ والهيمنة الفكرية لذا فهم يبثون سمومهم من خلالها.

فالحذر الحذر أختي وأخيّ:

إن أي محبة هدفها معصية الله تعالى فستنقلب إلى عداوة يوم القيامة يقول الله تعالى: {الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67].

وأي فتاة أو فتى يحتفل بعيد الحب معتقداً به أو مبتدعاً وممارساً فيه لأنواع المعاصي من شرب للخمر وسماع لمعازف الشيطان ومضيّعاً للصّلوات فقد قتل قلبه وأماته وأصبح همّه شهوته، إِنْ أحَـب أحَب لهواه وإنْ أبغض أبغض لهواه وإن أعطى أعطى لهواه وإن مـنع منع لهــواه فهَوَاه آثر عنده وأحب من رضى مولاه.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في "روضة المحبين":

أنه يخاف على من اتبع الهوى أن ينسلخ من الإيمان وهو لا يشعر فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى».

ويقول الفضيل بن عياض: من استحوذ عليه الهوى واتباع الشهوات انقطعت عنه موارد التوفيق.

فهذه ذكرى لنبتعد عن طرق المغضوب عليهم والضّالين طرق الذل والهوان والحسرة والندامة يقول الله تعالى في سورة الفرقان: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً . يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً . لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً} [الفرقان:27-29].

اللهم إني أسألك حبّك وحبّ عملٍ يقربني إلى حبّك، اللّهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوّة لي فيما تحب وما زويت عنّي ما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب، اللّهم حبّبني إليك وإلى ملائكتك وأنبياءك ورسلك وعبادك الصالحين، واجعلني ممن يحبّك ويحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك وعبادك الصالحين، اللّهم أحيي قلبي بحبّك واجعلني لك كما تحب اللهم اجعلني أحبك بقلبي كلّه، وأرضيك بجهدي كلّه، اللّهم اجعل حبّي كلّه لك وسعيي كلّه في مرضاتك.

وصلى الله على نبينا وحبيبنا ورسولنا وقرة أعيننا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين