القرآن والمؤامرات الحديثة

محمد سلامة الغنيمي

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -


  قال الله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام من الآية:38]، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى"، أخرج أبو الشيخ في كتاب العظمة عن أبي هريرة مرفوعًا: "إن الله لو أغفل شيئًا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة".
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود "أنزل في هذا القرآن علم كل شيء وبيّن لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصّر عما بين لنا في القرآن"، وقال ابن عباس: "لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى" (روح المعانى، لشهاب الدين الآلوسي)، وقال الشافعي رحمه الله مرة في مكة: "سلوني عما شئتم أخبركم عنه في كتاب الله".

تعالوا نستعرض القرآن الكريم لنقف على الداء، لنرى تشخيصًا دقيقًا لما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط الإسلامية، ولنستلهم من آياته الدواء الذي تستطيع من خلاله أمتنا مواجهة هذه التحديات الرهيبة التى فرضت على الأمة، ووضعت أمامها عقبة كئود ليس فقط لتعوق تقدمها بل لتردها إلى غيابات الجاهلية.
قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة من الآية:120]، إذن لن يتحقق ذلك الرضا إلا بترك المسلمون دينهم ولن يحدث ذلك الاتباع، والرضا هنا يعنى قبول الآخر والاعتراف بوجوده، ونكران اليهود والنصارى للمسلمين يستدعي المحاولات المستمرة لمحو الدين الإسلامي أو إذابة المسلمين في الديانة اليهودية أو النصرانية، وهو ما يعرف بالتغريب، أو بصهر الإسلام نفسه فى بوتقة المناهج والأيديولوجيات الإلحادية المعاصرة كالشيوعية أو العلمانية.

ولاشك أن ملة الكفر تضمر للإسلام حقدًا بالغًا كامنًا فى صدورهم ولا يحتاج إلى باعث أو ما يستثيره، فبمجرد وجود الإسلام ورؤيتهم المسلمين تنبعث أحقادهم وتظهر ضغائنهم، قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة من الآية:217]، وعندما يدركون صعوبة تنصير المسلمين أو إذابتهم فى أي منهج من المناهج الوضعية، حينئذ يتوجهون بأغراضهم الخبيثة نحو صرف المسلمين عن دينهم وإلقاء الشبهات أمامهم، للحيلولة دون تمسكهم بمصدر قوتهم وسر عظمتهم، وفي ذلك يقول الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مائة عام على استعمار الجزائر: "إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرأون القرآن، ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم، ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم".

وفي مؤتمر المبشرين الذى عقد بالقاهرة عام 1906م وقف الخطباء يقولون: "لقد فشلنا! فقد فتحنا المدارس والمستشفيات والملاجئ، وأعطينا الأموال وقدمنا الخدمات، ثم لا يدخل فى النصرانية بعد ذلك إلا طفل صغير خطفناه من أهله قبل أن يعرف عقيدة أهله، أو رجل كبير جاء إلينا من أجل المال ولا نضمن عقيدته مع ذلك!" فقام (الأب زويمر)  مقرر المؤتمر يرد عليهم: "لقد استمعت إلى إخواني الخطباء، ولست موافقاً على ما يقولون. فليست مهمتنا هى تنصير المسلمين، فهذا شرف ليسوا جديرين به! ولكن مهمتنا هي صرف المسلمين عن التمسك بالإسلام، وفي ذلك نجحنا نجاحًا باهرًا بفضل مدارسنا التبشيرية، والسياسية التعليمية التي وضعناها للبلاد الإسلامية".

وعندما وقف كرزون وزير خارجية إنكلترا في مجلس العموم البريطاني يستعرض ما جرى مع تركيا، احتج بعض النواب الإنكليز بعنف على كرزون، واستغربوا كيف اعترفت إنكلترا باستقلال تركيا، التي يمكن أن تجمع حولها الدول الإسلامية مرة أخرى وتهجم على الغرب، فأجاب كرزون: "لقد قضينا على تركيا، التي لن تقوم لها قائمة بعد اليوم، لأننا قضينا على قوتها المتمثلة في أمرين: الإسلام والخلافة". فصفق النواب الإنكليز كلهم وسكتت المعارضة.

ومن أساليبهم في صرف المسلمين عن دينهم، إثارة النعرات القومية والعصبيات العرقية بهدف تفكيك أواصر الوحدة الإسلامية وزعزعة الإيمان لدى المسلمين، وقد صرح أحد المستشرقين فى كتاب (الشرق الأدنى: مجتمعه وثقافته): "إننا فى كل بلد إسلامي دخلناه، نبشنا الأرض لنستخرج حضارات ما قبل الإسلام ولسنا نطمع بطبيعة الحال أن يرتد المسلم إلى عقائد ما قبل الإسلام، ولكن يكفينا تذبذب ولائه بين الإسلام وبين تلك الحضارات".

وقد حدد الله تعالى موقف المسلمين من الكفر بكل صورة وأشكاله فى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال:73]، إذ الكفر أمام الإسلام ملة واحدة، يذوب ما بينهم من أحقاد وضغائن فى مواجهة الإسلام، فرغم ما كان ببن اليهود والكفار فى صدر الإسلام من عداوة وأحقاد، إلا أنها تلاشت تحت راية الأحزاب لدحر المسلمين والقضاء على الإسلام، واليوم تتداعى الأمم الكافرة بكل صورها وصنوفها حول طاولة الأمم المتحدة ضد المسلمين، إذا كان هناك قرارًا ضد المسلمين تجد إجماعًا على الموافقة والعكس بالعكس، بل لا يكادون يجتمعون إلا من أجل المسلمين.


 

والأمر لا يتعلق بزعمات الكفر فقط بل الشعوب أيضًا، فقد خرجت مظاهرات فى أوروبا قبل حرب الـ 1967م تحمل لافتات في باريس وغيرها من المدن الاوربية، سار تحت هذه اللافتات جان بول سارتر، كتبت على هذه اللافتات، وعلى جميع صناديق التبرعات لإسرائيل جملة واحدة من كلمتين، هما: "قَاتِلُوا المُسْلِمِينَ". فالتهب الحماس الصليبي الغربي، وتبرع الفرنسيون والألمان بالملايين خلال أربعة أيام فقط. كما طبعت إسرائيل بطاقات معايدات كتبت عليها "هَزِيمَةُ الهِلاَلِ". بيعت بالملايين، لتقوية الصهاينة الذين يواصلون رسالة الصليبية الأوروبية في المنطقة، وهي محاربة الإسلام وتدمير المسلمين. وفى قوله {إِلَّا تَفْعَلُوهُ} من الإتحاد والتضامن فيما بينكم والبراء والبغض لعدوكم، تكن فتنة فى الأرض وفساد عظيم، ولم يفصل سبحانه بين الشرط وجوابه بأية فواصل لإفادة التلازم، وقد زاد فى قوله {فِي الْأَرْضِ} وفى قوله {كَبِيرٌ} للتهويل من مغبة ما يترتب على ذلك من أضرار ومفاسد تعم الأرض كلها ولا تقتصر على المسلمين فقط.


ففى انحياز المسلمين لبعضهم البعض ضمانة للحفاظ على هويتهم الإسلامية، وفى عدم تضامنهم وموالاتهم للكفار ذوبان لخصوصيتهم الإسلامية وقيمهم الإيمانية فى انحرافات الكفر وضلالاته، حيث أن اختلاط المسلمين بالكفار يعلي من قيم الكفر وعاداته الفاسدة، فيتشرب المسلمين تلك القيم والعادات جيلًا بعد جيل، إلى أن يحدث اختلال فى التوازن الإيمانى عند المسلمين بمرور الوقت، حتى يأتى زمان على المسلمين لا يعرفون فيه فروع أو حتى أصول دينهم إلا القدر اليسير، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ  بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} [آل عمران:14].


 

وذلك ما فطن إليه الكفار وشرعوا فى تحقيقه بكل ما يستطيعون من أدوات وأساليب، ففى الحروب الصليبية الأولى وفى آخر تلك الحملات وقع لويس التاسع ملك فرنسا فى الأسر بعد هزيمة حملته الصليبية، وبقي سجينًا فى المنصورة فترة من الوقت حتى افتداه قومه وفك أسره، وفى أثناء سجنه أخذ يتفكر فيما حل به وبقومه، ثم عاد يقول لقومه: إذا أردتم أن تهزموا المسلمين فلا تقاتلوهم بالسلاح وحده فقد هزمتم أمامهم فى معركة السلاح ولكن حاربوهم فى عقيدتهم، فهى مكمن القوة فيهم.

وقد تبنت الحملات الصليبية الحديثة تلك النصيحة الخبيثة فقد جاء نابليون الى مصر بآلات الطباعة ذات الأحرف العربية ومعه العلماء والمفكرون، ثم بعد ذلك استقطاب الشباب المميز للتغريب وليس للتعليم فى أوروبا، ثم إنشاء المدارس والإرساليات والصحف والمجلات التى تنشر التغريب داخل الأوساط الإسلامية، أضف إلى ذلك وسائل الإعلام، حتى خرج إلينا جيلاً من أبناء المسلمين نسبًا ومن أبناء الكافرين فكرًا وقيمًا إلا من رحمه الله وقليل ما هم، لذلك حرص الإسلام حرصًا شديدًا فى تأكيد عقيدة الولاء والبراء عند المسلمين.



 

وفى انخراط المسلمين مع الكفار وموالاتهم أيضًا شراً عظيماً فى تمزيق وحدة المسلمين وضعف قوتهم وضياع هيبتهم التى ميزهم الله بها عن غيرهم من الأمم «نصرت بالرعب مسيرة شهر» حيث يستهين بهم العدو ويتجرأ عليهم ويتناولهم قطعة قطعة، أما إذا كانوا متحدين متضامنين كسلفهم صارت لهم قوة وهيبة تمنع عدوهم من الاجتراء عليهم وإن كانوا قلة فى العدد أو العتاد. وقد صرح سالازار في مؤتمر صحفي قائلا: "إن الخطر الحقيقي على حضارتنا هو الذي يمكن أن يحدثه المسلمون حين يغيرون نظام العالم"، فلما سأله أحد الصحفيين: لكن المسلمين مشغولون بخلافاتهم ونزاعاتهم، أجابه: "أخشى أن يخرج منهم من يوجه خلافهم إلينا".

ومن وسائلهم الخبيثة ضد الإسلام والمسلمين العمل على تمزيق الوحدة الإسلامية والحيلولة دون قيامها، انطلاقاً من إدراكهم أن قوة المسلمين فى وحدتهم المبنية على العقيدة الإسلامية، حتى وإن لم تقم هذه الوحدة على قدر معقول من القوة العددية والإعدادية، وقد أمر الله تعالى المسلمين بالاعتصام بحبله ونهاهم عن الفرقة، وحذرهم من التنازع الذى مآله الضعف والفشل وتبديد القوة، قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:46]، وقد عطفت الآية الفشل على التنازع بالفاء لإفادة التعقيب والقرب، ويأمرهم الله تعالى فى عجز الآية بالصبر، وكأن ذلك يحتاج الى مجاهدة، لأن أعداء الإسلام سيضعون الفتن وينصبون الشراك للإيقاع بالمسلمين فى النزاع الداخلي، قال تعالى: {قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم:46].

يقول المبشر لورنس براون: "إذا اتحد المسلمون في إمبراطورية عربية، أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطرًا، أو أمكن أن يصبحوا أيضًا نعمة له، أما إذا بقوا متفرقين، فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير"، ويكمل حديثه: "يجب أن يبقى العرب والمسلمون متفرقين، ليبقوا بلا قوة ولا تأثير".
من أخطر ما يذكر من أخبار حول هذه النقطة أيضاً المؤتمر الأوروبى الكبير المنعقد عام 1907م، الذى ضمّ أضخم نخبة من المفكرين والسياسيين الأوروبيين برئاسة وزير خارجية بريطانيا الذي قال في خطاب الافتتاح: "إن الحضارة الأوروبية مهددة بالانحلال والفناء، والواجب يقضي علينا أن نبحث في هذا المؤتمر عن وسيلة فعالة تحول دون انهيار حضارتنا".


 

واستمر المؤتمر شهراً من الدراسة والنقاش، واستعرض المؤتمرون الأخطار الخارجية التي يمكن أن تقضي على الحضارة الغربية الآفلة، فوجدوا أن المسلمين هم أعظم خطر يهدد أوروبا، فقرر المؤتمرون وضع خطة تقضي ببذل جهودهم كلها لمنع إيجاد أي اتحاد أو اتفاق بين دول الشرق الأوسط، لأن الشرق الأوسط المسلم المتحد يشكل الخطر الوحيد على مستقبل أوروبا، وأخيرا قرروا إنشاء قومية غربية معادية للعرب والمسلمين شرقي قناة السويس، ليبقى العرب متفرقين، وبذا أرست بريطانيا أسس التعاون والتحالف مع الصهيونية العالمية التي كانت تدعو إلى إنشاء دولة يهودية في فلسطين.

ولم يكتفوا بتلك الحدود التى رسمها الاستعمار لتمزيق جسد الأمة إلى دول متفرقة على أساس قومي وعرقي ووضع العقبات فى طريق تقدم تلك الدول والتحريض على الانقلابات والثورات وإثارة القلاقل وآخرها التخطيط لتقسيم تلك الدول إلى دويلات على أساس عقدي وعرقي.
فقد دبروا ثورات الربيع العربى في مصر وغيرها من البلدان العربية، بدعم وتخطيط من  الماسونية العالمية التي تدير العالم من أمريكا وتعمل على إقامة نظام عالمي جديد تكون الغلبة فيه لليهود.
وقد قدم  برناردلوبس المفكر اليهودي الماسوني عضو الكونجرس الأمريكي بوثيقتة المشهورة إلى الكونجرس في السبعينيات فتم رفضها لأنه لم يكن الوقت آنذاك مهيأ لها، فعرضها في 1982م فأقرها الكونجرس الأمريكي، وهذه الخطة ليست سراً وإنما معلنة ومنشورة منذ عام 1982م حيث عقدت المنظمة الصهيونية العالمية بالتعاون مع منظمة (إيباك) اليهودية بأمريكا مؤتمرًا لتفعيلها، وأعلنتها كذلك كونداليزا رايس حين قالت: "لابد من أحداث فوضى خلاقة تغير وجه الشرق الأوسط"، وقد تحدث الكثير من الزعماء المعروفون بانتمائهم للحركات والتنظيمات اليهودية عن النظام العالمى الجديد.

وقد أخذ هذا المخطط فى تطبيقه أربعة مراحل:


 

1- إقامة أنظمة دكتاتورية قمعية.

 

2- التحريض ضد هذه الأنظمة من خلال منظمات المجتمع المدني والإعلام، وذلك من خلال استخدام عبارات ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}.

 

3- وضع الفتن بين الثوار وتوجيه تلك الثورات باتجاه الفوضى والتخريب، قال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة:47]، وقد حاولوا في هذا الشأن كثيراً لولا فضل الله ثم إخلاص الإسلاميين ورفضهم الانسياق وراء هذه الفتن أو الطرف الثالث.


وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:36]. أكد الله تعالى فى هذه الآية أن الذين كفروا تشمل كل من أنكر معلومًا من الدين بالضرورة سواء كانوا عربًا أو عجمًا.
وقد جاء التعبير بقولة {
يُنْفِقُونَ} في صيغة المضارعة ليفيد الديمومة والاستمرار في الإنفاق إلى قيام الساعة، وحتى لا يتوهم القارئ أن الأمر قاصرًا على أولئك الذين كانوا معاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء الكفار مستمرون فى الإنفاق ليصدوا الناس عن سبل الهداية إلى سبيل الله المتمثل في الإسلام وتعاليمه وشرائعه، سواء بالإنفاق على منظمات مشبوهة أو دعم المفسدين إلى خلاف ذلك مما هو واضح للعيان.


وقد أخذوا فى تدريب الشباب العربى على الثورات والتحريض عليها ممن تربوا في كنف أمريكا في مؤسسة (فريدم هاوس) بأموال الملياردير اليهودي جورج سوروس في مؤسسة إدارة الازمات الدولية (TCG) والعضو فيها شيمون بيريز رئيس اسرائيل وشيلو موبن عامي وزير الخارجية الإسرائيلي السابق وتربوا أيضًا في أكاديمية التغيير في لندن وفي جمعية (أوبرسربيا) وأخيرًا في أكاديمية التغيير التي نقلت مقرها إلى إحدى الدول العربية.


 

وهكذا يحقد الكفار والمشركين على المسلمين فى كل زمان ومكان على امتداد التاريخ، لا يسأمون التدبير ولا يملون التخطيط للنيل من الأمة فكرياً وعسكرياً فى فترات الضعف التى تعتري الأمة ومحاولة الانقضاض عليها بين الفينة والفينة. ويرد عليهم القرآن قائلاً: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:32]، وقال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف:8-9]،  وقال أيضاً: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا . فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطارق:15-17].
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام