المقاومة والممانعة تقتل فلسطينيي سوريا
إن سجل اليهود الأسود المليء بالمجازر والجرائم بحق الفلسطينيين عبر التاريخ يغسله اليوم ويلمعه أقطاب المقاومة والممانعة المزعومة, من خلال اقترافهم جرائم لم يرى ولم يسمع التاريخ بمثلها, لتبدو جرائم اليهود وتاريخهم الملطخ بدماء الفلسطينيين لا شيء أمام ما يرتكبه مدعو المقاومة والممانعة.
لم يكتف مدعو المقاومة والممانعة في سوريا بعدم إطلاق رصاصة واحدة باتجاه إسرائيل, وإفراغ جميع ذخائرهم في صدور المواطنين السوريين واللاجئين الفلسطينيين, وتدمير البنى التحتية للدولة السورية بالبراميل المتفجرة وصواريخ سكود وغيرها فحسب, بل ذهبوا إلى ما هو أبشع من ذلك وأشنع, حين قتلوا من السوريين والفلسطينيين أكثر مما قتلت إسرائيل على مدى سنوات احتلالها لفلسطين, ليس بالسلاح التقليدي فحسب, بل بسلاح الحصار والتضييق والجوع.
وما لم تستطع إسرائيل فعله في قطاع غزة أو غيرها فعله بشار في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بسوريا, وما لم يجرؤ اليهود على ارتكابه من فظائع وشنائع ارتكبه النصيرية وأعوانهم من الروافض بحق الفلسطينيين, فضد من هذه المقاومة والممناعة المزعومة إذن؟!!
إن سجل اليهود الأسود المليء بالمجازر والجرائم بحق الفلسطينيين عبر التاريخ يغسله اليوم ويلمعه أقطاب المقاومة والممانعة المزعومة, من خلال اقترافهم جرائم لم يرى ولم يسمع التاريخ بمثلها, لتبدو جرائم اليهود وتاريخهم الملطخ بدماء الفلسطينيين لا شيء أمام ما يرتكبه مدعو المقاومة والممانعة.
لقد مر على حصار مخيم اليرموك الجزئي أكثر من عام كامل, بينما تجاوزت أيام حصاره المطبق من قبل قوات بشار أكثر 190 يوما كاملا, مما تسبب بموت أكثر من 35 شخصا من الجوع منذ ديسمبر الماضي فقط, والأيام القليلة القادمة تهدد بموت العشرات بسبب الجوع وفقدان أي سبب من أسباب البقاء على قيد الحياة.
وعدد سكان المخيم كان يقدر بمائتي ألف لاجئ فلسطيني عدا السوريين, ولم يبق منهم في المخيم إلا حوالي عشرين ألفا فقط, بعد أن هرب الباقون من شدة القصف وهول الجرائم التي ترتكبها قوات بشار الأسد.
ورغم مناشدات هيئات ومنظمات الأمم المتحدة المتتالية لفك الحصار عن هذا المخيم, والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لإنقاذ المهددين بالموت جوعا داخله, إلا أن كل ذلك ذهب أدراج الرياح, ووقف العالم بأسره عاجزا عن تنفيذ واجباته تجاه المحاصرين وإنقاذهم من الموت المحتم.
إنه العجز الدولي المصطنع الذي يحمل في ثناياه دلائل الانحطاط الأخلاقي والإنساني الموجود لدى الدول التي تمتلك أكبر قوة عسكرية في العالم, ولكنها تفتقد لأبسط واجبات القيادة الإنسانية والأخلاقية.
إن صيحات وإنذارت هيئات الأمم المتحدة وغيرها بدءاً بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على لسان المتحدثة باسم الوكالة كريس غانيس, والتي حذرت من التدهور التدريجي لأوضاع نحو عشرين ألف فلسطيني محاصر هناك, وصولا إلى المفوض العام للوكالة فليبو غراندي الذي بين أن الألاف قد يفقدون حياتهم في حال لم يسمح للمساعدات الإنسانية بالدخول للمخيم وبشكل عاجل, وليس انتهاء بتجمع الأطباء الفلسطيني في أوربا الذي حاول استنهاض الحس الإنساني لدى الدول القادرة على فك الحصار, إن كل ذلك يشير إلى مدى التواطؤ والتخاذل الدولي تجاه موت أطفال سوريا واللاجئين الفلسطينيين فيها جوعا.
فبينما سارعت القوى الدولية الكبرى بإلزام بشار على تسليم سلاحه الكيماوي من خلال التهديد بضربة عسكرية, تتقاعس في التلميح بتلك القوة لإرغامه على فك الحصار عن مخيم اليرموك وغيره من المناطق الكثيرة المحاصرة في سورية منعا لوقوف كوارث إنسانية.
ومن أعجب ما يحصل الآن بالقضية الفلسطينية التي صدع أقطاب المقاومة والممانعة رؤوس الناس بالدفاع عنها, أن تخرج مظاهرة في قطاع غزة المحاصر أيضا من قبل إسرائيل إلا أنه حصار لا يقارن بحصار بشار تضامنا مع اللاجئين الفلسطينيين المحاصرين في مخيم اليرموك بقلب العاصمة دمشق, وأن يطالبوا برفع هذا الحصار ليس من اليهود والأمريكان والغرب, بل من بشار وأمثاله من الحكام المستبدين.
أعلم أن هذا الموضوع قد تكررت الكتابة والكلام فيه أكثر من مرة, ولكن المتابع لأخبار ما يجري في جنوب العاصمة دمشق بشكل عام و في مخيم اليرموك بشكل خاص, لا يستطيع إلا أن يعاود الكتابة في هذه المأساة, نظرا لهول الفاجعة الإنسانية التي تجري هناك, عسى أن تكون سببا في تحريك المياه الراكدة في المأساة السورية.
المصدر: تقرير إخباري ـ المسلم | 13/3/1435 هـ