صبراً عراق الرافدين

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -


 
ليلُ القطيعةِ والخلافِ يُعَسْعِسُ
 
فمتى نشاهدُ صُبْحَه يتنفَّسُ؟
 
ومتى نشاهدُ وقفةً مشهودةً

يَهوي بها متآمِرٌ ومدلِّسُ؟
 
هذا العراقُ يئنُّ من مأساتِه

عيناهُ في وجه الأَسى تتفرَّسُ
 
يبكي، لأنَّ خلافَكم أَوْدَى به
 
ولأنَّ أفواهَ الحقائقِ تُخْرَسُ
 
ولأنَّ شيطانَ التآمُرِ لمْ يَزَلْ
 
يُغري القلوبَ بحقدِها ويُوَسْوِسُ
 
وَيْحَ العراقِ فقد تناثَر عِقْدُه
 
ورمى كرامتَه العدوُّ الأَشرسُ
 
قَتْلٌ جماعيٌّ يمزِّقُ شَمْلَه
 
وكتابُ وحدتِه العظيمةِ يُطْمَسُ
 
والرَّاكضون إلى العدوِّ، عقولُهم
 
بقطار أوهام المصالحِ تُدْعَسُ
 
يامَنْ سَلَلْتُم في العراقِ سيوفَكُم
 
بغيًّا، ويا مَنْ للعدا يتجسَّسُ
 
يا من لهم في كلِّ حادثةٍ يَدٌ
 
سوداءُ، تُوْضَعُ في الدِّماءِ وتُغْمَسُ
 
طِرْتُم على مَتنِ الخلافِ وإِنَّه
 
طَيَرانُ مَنْ أَوهامُه تتكدَّسُ
 
وأَثرتُم الحقدَ الدَّفينَ وإنَّما
 
بالحِقْدِ، أَعلامُ الصُّمودِ تُنكَّسُ
 
وغرستُم الأحقادَ شَوْكاً مُؤْذيًّا
 
فمتى أَزاهيرُ المودَّةِ تُغْرَسُ؟!
 
ما بالُ أثوابُ الأَمانةِ مُزِّقَتْ
 
فيكم وأَثوابُ الخيانةِ تُلْبَسُ
 
عجباً لحقدٍ طائفيٍّ نارُه
 
تغلي، ومُوْقِدُ نارِهِ يَتَغَطْرَسُ
 
يَقْتَاتُ لَحْمَ أخيه في جُنحِ الدُّجَى
 
فأخوه من غدَرائِه يَتَوجَّسُ
 
يمشي برجلِ عدوِّنا متعامياً
 
وبحقدِهِ في أرضنا يَتدَسَسُ
 
يهذي بباطِلهِ لكلِّ إذاعةٍ
 
لكنَّهُ عِنْد الحقيقةِ أَخْرَسُ
 
متحمِّسٌ لعدوِّنا في أرْضِنَا
 
يا ليتَهُ لبلادِهِ يَتحمَّسُ
 
ياتاجرَ الأَوهامِ في سوقِ الهوى
 
مهلاً فأنتَ -وإنْ رَبِحتَ- المُفْلِسُ
 
صبراً عراقَ الرَّافدينِ، فلم يَزَلْ
 
في ليلِكَ الدَّاجي جَوارٍ كُنَّسُ
 
إني لأسمعُ فيك صـوتَ مُروءَةٍ
 
يدعو، ومَوْجُ ندائِهِ لا يُحْبسُ:
 
يا مَوْجَةَ (ابن العلقـميِّ) تخلَّفي
 
عنَّا، فوجهُكِ بالتآمُرِ يَعْبسُ
 
يا وَعَي أمَّتِنا تـأمَّلْ كُلَّما
 
يجري، فَظَهْرُ المُستبدِّ مُقوَّسُ
 
والحيَّةُ الرَّقْطاءُ يَقْطُرُ نابُها
 
بسمومِهَا، والجِلْدُ منها أَمْلَسُ
 
يتفنَّنُ الشيطانُ في نَزَغَاتِهِ
 
وإذا استفدنا بالمُهيمنِ يَخْنَسُ
 
أعِراقَنا صبراً فليلُكَ رَاحلٌ
 
سيذودُه عَنكَ النَّهارُ المُشْمِسُ
 
لا يَاْسَ من عونِ الإلهِ، فإنَّ مَنْ
 
جعلَ المُهيمنَ قَصْدَه لا يَيْأَسُ 
المصدر: عبد الرحمن بن صالح العشماوي