التعاون
قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا» (البخاري: 481). قال ابن بطَّال: "تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا في أمور الدُّنْيا والآخرة مندوبٌ إليه بهذا الحديث". وقال أبو الفرج ابن الجوزي: "ظاهره الإخبار، ومعناه الأمر، وهو تحريضٌ على التَّعاون".
- التصنيفات: محاسن الأخلاق -
- قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا» (البخاري: 481). قال ابن بطَّال: "تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا في أمور الدُّنْيا والآخرة مندوبٌ إليه بهذا الحديث". وقال أبو الفرج ابن الجوزي: "ظاهره الإخبار، ومعناه الأمر، وهو تحريضٌ على التَّعاون".
وعن ابن عمر رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربةً، فرج الله عنه كربةً مِن كربات يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة» (البخاري: 2442). قال ابن بطَّال في شرح هذا الحديث: "وباقي الحديث حضٌّ على التَّعاون، وحسن التَّعاشر، والألفة، والسِّتر على المؤمن، وترك التَّسمع به، والإشهار لذنوبه". وقال ابن حجر والعيني: "في الحديث حضٌّ على التَّعاون، وحسن التَّعاشر والألفة".
وعن أنس رضي الله عنه، قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالـمًا أو مظلومًا، قيل: يا رسول الله، هذا نصرته مظلومًا، فكيف ننصره ظالـمًا؟ قال: تأخذ فوق يده» (البخاري: 2444). قال ابن بطَّال: "والنُّصرة عند العرب: الإعانة والتَّأييد، وقد فسَّره رسول الله أنَّ نصر الظالم منعه مِن الظُّلم؛ لأنَّه إذا تركته على ظلمه ولم تكفه عنه أدَّاه ذلك إلى أن يُقْتَصَّ منه؛ فمنعك له مما يوجب عليه القصاص نصره، وهذا يدلُّ مِن باب الحكم للشَّيء، وتسميته بما يؤول إليه". وقال العيني: "النُّصرة تستلزم الإعانة".
وعن أبي عبد الرَّحمن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن جهَّز غازيًّا في سبيل الله فقد غزا، ومَن خلَّف غازيًا في أهله بخيرٍ فقد غزا» (مسلم: 1895). قال ابن بطَّال: "قال الطَّبري: وفيه مِن الفقه أنَّ كلَّ مَن أعان مؤمنًا على عمل برٍّ فللمُعِين عليه أجر مثل العامل، وإذا أخبر الرَّسول أنَّ مَن جهَّز غازيًا فقد غزا، فكذلك مَن فطَّر صائمًا أو قوَّاه على صومه، وكذلك مَن أعان حاجًّا أو معتمرًا بما يتقوى به على حجِّه أو عمرته حتى يأتى ذلك على تمامه فله مثل أجره. ومَن أعان فإنَّما يجيء مِن حقوق الله بنفسه أو بماله حتى يغلبه على الباطل بمعونة، فله مثل أجر القائم، ثمَّ كذلك سائر أعمال البرِّ، وإذا كان ذلك بحكم المعونة على أعمال البرِّ فمثله المعونة على معاصي الله وما يكرهه الله، للمعين عليها مِن الوزر والإثم مثل ما لعاملها".
وقال ابن عثيمين: "هذا مِن التَّعاون على البرِّ والتَّقوى، فإذا جهَّز الإنسان غازيًا، يعني براحلته ومتاعه وسلاحه، إذا جهَّزه بذلك فقد غزا، أي كُتِب له أجر الغازي؛ لأنَّه أعانه على الخير. وكذلك مَن خَلَفَه في أهله بخير فقد غزا، يعني لو أنَّ الغازي أراد أن يغزو ولكنَّه أُشْكِل عليه أهله من يكون عند حاجاتهم، فانتدب رجلًا مِن المسلمين وقال: اخلفني في أهلي بخير، فإنَّ هذا الذي خلفه يكون له أجر الغازي؛ لأنَّه أعانه".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن نفَّس عن مؤمن كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيا نفَّس الله عنه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يوم القيامة، ومَن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدُّنْيا والآخرة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدُّنْيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (مسلم: 2699). قال ابن دقيق العيد: "هذا الحديث عظيم جامع لأنواعٍ مِن العلوم والقواعد والآداب، فيه فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما يتيسَّر مِن عِلْم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة أو غير ذلك". وقال ابن حجر: "في الحديث حضٌّ على التَّعاون وحسن التَّعاشر والألفة". وقال النَّوويُّ في تعليقه على حديث: «مثل المؤمنين في توادهم»: "صريحٌ في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم بعضًا، وحثِّهم على التَّراحم والملاطفة والتَّعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ".