عملقة إيران مصلحة غربية

رمضان الغنام

معادلة شديدة التعقيد والصعوبة تلك التي تسعى إلي إحداثها أمريكا وعدد من دول الغرب إلى جانب الكيان الصهيوني؛ وتتمثل تلك المعادلة في العمل الدائم والمستمر على "عملقة" الكيان الشيعي في المنطقة العربية والمتمثل في الدولة الإيرانية، وصعوبة تلك المعادلة تكمن في رعاية هذه الدول لحالة العملقة والتضخيم للشأن الإيراني مع الحرص الشديد -في الوقت ذاته- على تأطير هذه "العملقة"، وتحجيم دورها

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


معادلة شديدة التعقيد والصعوبة تلك التي تسعى إلي إحداثها أمريكا وعدد من دول الغرب إلى جانب الكيان الصهيوني؛ وتتمثل تلك المعادلة في العمل الدائم والمستمر على "عملقة" الكيان الشيعي في المنطقة العربية والمتمثل في الدولة الإيرانية، وصعوبة تلك المعادلة تكمن في رعاية هذه الدول لحالة العملقة والتضخيم للشأن الإيراني مع الحرص الشديد -في الوقت ذاته- على تأطير هذه "العملقة"، وتحجيم دورها، فهي من جانب تسعى للتضخيم من الشأن الإيراني بكافة السبل، ومن جانب آخر تعمل على الحد منه راسمة له فضاءً بعيدًا عن مصالحها وأطماعها في المنطقة، وإيران بدورها تقنع بهذا الدور، وتحاول -جاهدة- استثماره، والقيام به على أكمل وجه، بحيث أتقنته، وأجادت فيه بشكل يفوق كل التوقعات والأهداف التي يريدها الغرب.

ولهذا نستطيع القول: إن ما نشاهده ونسمعه من خلافات بين أمريكا وإسرائيل -وغيرهما من الدول- من جانب، وبين إيران من جانب آخر؛ ما هي إلا أزمات مفتعلة لحبك اللعبة التي تدار من الباطن؛ أو هي أزمات حقيقية ناتجة عن تضارب في الحسابات، أو اختلافات حول المحاصصة وحجم المكاسب، والتي سريعًا ما يصل الطرفان فيها إلى حل وتسويات مرضية، وبهذا نفهم أن ما تفعله أمريكا مع إيران ليس تفضلًا أو مَنًّا لكنه المقابل الطبيعي لسلسة المساعدات -الخيانات- التي قدمتها إيران.

والرؤية السابقة؛ أشار إليها تقرير صادر عن المعهد الملكي للشؤون الدولية ببريطانيا أكد على عدة أمور تخص إيران وعلاقتها بأمريكا وبريطانيا، منها أن السياسات الأمريكية والبريطانية في الشرق الأوسط عززت من وضع إيران، وجعلتها أقوى لاعب في المنطقة، وأن غزو أفغانستان والعراق أطاح بخصمي إيران، وأشار التقرير إلى شيء أخطر من ذلك وهو أن إيران هي المستفيد الرئيسي من الحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط، وأنه بالإطاحة بنظام حركة طالبان في أفغانستان، ونظام صدام حسين في العراق؛ أزالت الولايات المتحدة وحلفاؤها خصوم إيران الإقليميين، مما مكَّن إيران من التحرُّك فيما بعد لملء الفراغ الذي أحدثته الحرب.

وقبل الخوض في تفاصيل هذا المقال يحسن بنا الإجابة على السؤال الآتي:


 

ما هي الأدلة على التواطؤ والتصالح بين أمريكا وإسرائيل من جانب والدولة الإيرانية من جانب آخر؟

وللإجابة على هذا السؤال نورد النقاط الآتية:

أولًا: التاريخ يُثبِت ويُسجِّل أنْ لا عِداء بين الطرفين، فلا حروب بينهما، ولا إجراءات سياسية صارمة، وحتى التصريحات المتبادلة بين الطرفين عبارة عن عمومات لا هدف لها إلا البروبوجندا الإعلامية، فما هي إلا صرخات تصدر من هنا وهناك، ثم ما تلبث أن تذوب وتنتهي بانتهاء الحدث، وإن أسفرت عن ضحايا فلا ضحايا لها إلا العُزَّل من المسلمين "السنة"، وهذا الأمر يشبه إلى حد كبير ما كان يحدث بين الإتحاد السوفيتي من تراشقات وتصريحات ضد الإمبريالية الأمريكية، وكان المشهد وقتئذ كأنه ينذر بحرب طاحنة بين القوتين، لكن بدلًا من هذا كانت بارجاتهم وقواتهم تقصف في المسلمين هنا وهناك في الشيشان وأفغانستان وغيرها من بلداننا الإسلامية.

ثانيًا: ومن الأدلة على حالة التواطؤ والتصالح ما حدث في العراق وأفغانستان، وما يقوم به حزب الله الشيعي في لبنان على الحدود الإسرائيلية، فقد دعمت إيران الحرب على البلاد السنية حتى أفتى السيستاني بعدم جواز قتال القوات الأمريكية لأنها قوات تحرير وليست قوات احتلال.

ثالثًا: إن التعاملات السريّة بين إيران وأمريكا وإسرائيل باتت لا تخفى على أحد في كل المجالات عسكريًا وتجاريًا، ولا زالت فضيحة "إيران جيت" تدوي، ولا زال أثرها حتى الآن مطبوعًا في ذاكرة الكثيرين، ففي الوقت الذي كانت تصف فيه إيران أمريكا بأنها الشيطان الأكبر، والعدو الأوحد، وكان الإيرانيون الشيعة يُصِرُّون على التظاهر في مكة ضد أمريكا وإسرائيل، جاءت هذه الفضيحة لتكشف خداعهم وكذبهم، ولتبين للعالم كله أنه لا عِداء بين من يُسمُّون أنفسهم بالشيعة وبين أمريكا من ناحية وبينهم وبين دولة الكيان الصهيوني من ناحية أخرى.

إلى جانب هذا؛ فهناك تعاملات تجارية بين إيران ومئات الشركات اليهودية، وقد ذكرت عدة تقارير العام الماضي بأن أكثر من 200 شركة صهيونية تُقيم علاقات تجارية مع إيران بينها استثمارات في مجال الطاقة الإيرانية، وكان آخر هذه العلاقات والتعاملات ما نُقِل عن عدة مواقع بأن السلطات الإيرانية تلقت مؤخرًا معدات استخباراتية "إسرائيلية" متطورة لتستخدمها في قمع التحرُّكات المناوئة لها في الداخل خاصة منطقة "عربستان" غرب إيران التي تشهد تظاهرات مستمرة للمطالبة برحيل الإحتلال الفارسي عنها.

رابعًا: الناظر إلى كثير من التصريحات الإسرائيلية يجدها لا تتحدَّث عن حالة عِداء لإيران، وإنما غاية الأمر أنه صراع حول النفوذ لا حول الوجود، بل ذهب بعض اليهود إلى أن الأهداف مشتركة بين اليهود والشيعة فيما يخص المقاومة الفلسطينية، وظهر ذلك من خلال تأييد شارون لشيعة لبنان حيث قال في مذكراته: "اقترحت إعطاء قسم من الأسلحة التي منحتها إسرائيل -ولو كبادرة رمزية- إلى الشيعة الذين يعانون هم أيضًا مشاكل خطيرة مع منظمة التحرير الفلسطينية، ومن دون الدخول في أي تفاصيل لم أرَ يومًا في الشيعة أعداء إسرائيل على المدى البعيد".

وقال الصحفي اليهودي "اوري شمحوني" في صحيفة معاريف اليهودية: "إن إيران دولة إقليمية، ولنا الكثير من المصالح الإستراتيجية معها، فإيران تؤثر على مجريات الأحداث، وبالتأكيد على ما سيجري في المستقبل، إن التهديد الجاثم على إيران لا يأتيها من ناحيتنا بل من الدول العربية المجاورة، فإسرائيل لم تكن أبدًا ولن تكن عدوًا لإيران".

وعلاقة التوافق والتعاون هذه أشار إليها الكاتب الأمريكي "تريتا بارسي" في كتابه (التحالف الغادر أسرار التعاملات بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة)، و"تريتا بارسي" هو أستاذ في العلاقات الدولية في جامعة "جون هوبكينز"، وخبير في الشأن الإيراني، وقد خلص من هذه الدراسة بنتيجة مفادها أنّ العلاقة بين المثلث (الإسرائيلي - الإيراني - الأمريكي)، تقوم على المصالح والتنافس الإقليمي وليس على الأيديولوجيا والخطابات والشعارات التعبوية الحماسية.

ولن نطيل في هذا الجانب أكثر من ذلك، ولننتقل إلى الجانب الآخر من المقال الخاص بالحديث عن حالة العملقة الإيرانية، والبحث عن آلياتها، ثم نتائجها على المستوى الإقليمي والعالمي:

أولًا: آليات ووسائل صناعة الوهم الإيراني

1- كانت التصريحات الأمريكية من جانب، والإسرائيلية من جانب آخر؛ من أقوى الآليات والخدع التي صُوِّرت بها إيران على أنها القوى العظمى في الشرق الأوسط، وأنْ لا منافس لها، وأن برنامجها النووي فيه خطر إسرائيل والحلم الأمريكي، مما دفع قطاعًا كبيرًا من الناس للانبهار بهذه القوة، والتعاطف معها لحملها لواء المعاداة -زعمًا- لقوى الغرب، وحقيقة الأمر أن أية دولة في مثل حال إيران لا تستطيع أن تنبغ وتنهض في أي مجال، فإيران دولة ذات نظام سياسي مهلهل، قائم في الغالب على الديكتاتورية والتزوير، إضافة إلى عنصريتها الشديدة تجاه أهل السنة داخل إيران وفي الأهواز المحتلة، وهم بمثابة القنابل الموقوتة التي من الممكن أن تنفجر في أية لحظة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يرى كثير من الخبراء أن غالب ما تمتلكه إيران من أسلحة وتُروِّج له ما هي إلا نماذج أنتج منها عدد قليل‏،‏ وأنها لا تستطيع إنتاجها بكميات كبيرة لأسباب اقتصادية، وهذا فضلًا عن مدى تقدير فاعلية هذه الأسلحة؛ كما أن برنامجها النووي لم يتم بعد.

2- التهديدات المتبادلة بمهاجمة أهداف عسكرية ما بين إيران وإسرائيل وهو كارت دعائي تسعى إليه كلا الدولتين من حين لآخر لأهداف هي في الغالب سياسية، ولا شك أن للأمر مكاسب على كلا الجانبين، وباتت القضية الفلسطينية لدى الإيرانيين سلعة يتاجرون بها عبر تصريحاتهم النارية التي يطلقونها من قبيل: سنحرق إسرائيل، سنقتل اليهود، سنمسح إسرائيل من الخارطة، فهم ضجيج لا طحن لهم.


 

3- ومن آليات العملقة (الوهمية) التي تعيشها إيران حالة التناقض في المواقف، ففي الوقت الذي تخرج فيه إيران لتهدد وتُندِّد بإسرائيل، وتتوعدها بالزوال والهلاك؛ نرى على الجانب الآخر تصريحات ناعمة، ومواقف هادئة، مما يوحي للرأي العام خاصة المتابع العربي أن لإيران سطوة وسلطة على الجانب الأمريكي والإسرائيلي، وهو ما يُفسِّر عادة بالثقة والقوة العسكرية.

4- للخطاب الإعلامي الإيراني المنتشر داخل إيران وخارجها دور كبير في صنع حالة الانبهار والإعجاب بالنموذج الإيراني، وساعد في هذا الأمر الدعاية الإيرانية وسائل إعلامية عربية تنتمي إلى التيارين: العلماني، والليبرالي، إلى جانب الإعلام الغربي المسيطر عليه من قبل اليهود.

5- كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006م من أعظم الوسائل التي زادت من شعبية القوة الإيرانية، نظرًا للتضليل الإعلامي، والترويج لحسن نصر الله على أنه البطل الذي جاهد ووقف في وجه العدو الإسرائيلي، وانتصر عليه، في الوقت الذي جبن فيه الكثيرون، وهي دعاية كاذبة فقد خسرت لبنان أرضًا وشعبًا خسائر فادحة، والكاسب الوحيد منها كانت إيران، فمن خلال هذه الحرب أكدت إيران للجميع -خاصة أمريكا وإسرائيل- أنها اللاعب الأقدر في المنطقة، وأن لها أياد قريبة جدًا من إسرائيل تستطيع العبث بها في أية لحظة شاءت، ومن جانب آخر خففت الضغط الغربي بشأن مشروعها النووي الساعية إليه.

6- تُعتبَر الرعاية المباشرة للمنظمات الشيعية في العالم الإسلامي واحدة من أهم الآليات المنتهجة من قبل الإدارة الأمريكية لدعم الدولة الإيرانية، فوِفقًا لوكالة أنباء "أمريكا إن أرابيك" أظهر التقرير المالي السنوي للوقف القومي الأمريكي للديمقراطية إحدى منظمات التمويل الأمريكي؛ أنه موَّل منظمة شيعية أمريكية تعمل في مصر اسمها الكونجرس الإسلامي الأمريكي (AIC)، وهذه المنظمة منظمة أمريكية قريبة من الحزب الجمهوري الأمريكي، أسستها أمريكية عراقية كانت تُروِّج للغزو الأمريكي للعراق وتُدعى "زينب السويج" وهي ناشطة شيعية سابقة، ومعارضة لحكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ودعم كل منظمة تعارض الإسلام الصحيح غاية يسعى إليها الغرب لتقليص الوجود السني ومحاصرته.

ثانيًا: الأهداف أو النتائج من مسألة "عملقة" الوجود الإيراني

1- يُعدُّ الحفاظ على الوجود الإسرائيلي في المنطقة، وحماية مصالحه؛ من أهم الأهداف التي من أجلها تسعى أمريكا وإسرائيل لدعم الموقف الشيعي، وعملقة حجمه، وهو ما تحقق فعليًا حتى الآن، فعلى الصعيد الإيراني لا نرى سوى التصريحات العنترية، واكتفى الجانب السوري النصيري برفع شعار "المقاومة والممانعة" دون أن نرى رصاصة واحدة تخرج باتجاه إسرائيل لتحرير الجولان المحتل، ناهيك عن فلسطين.


 

بل خرجت عدة تصريحات تقول: بأن بقاء نظام الأسد يحمي إسرائيل، ومن هذا ما صرَّح به رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد؛ قال: "لن يكون هناك استقرار في إسرائيل ما لم يكن هناك استقرار في سوريا"، والدور نفسه قام به حزب الله التابع لإيران، فَمِن المعروف أنه -ولا يزال- يُمثِّل أكبر عائق أمام أي عمل جهادي ضد إسرائيل من قِبل الجنوب اللبناني، وهو الأمر الذي صرَّح به زعيم حزب الله السابق "صبحي الطفيلي" في لقاء مصور قال فيه: "إن حزب الله هو حرس حدود إسرائيل".


 

وقالت جريدة معاريف اليهودية في تاريخ (8/9/1997م) نقلًا عن أحد ضباط المخابرات الإسرائيليين: "إن العلاقة بين إسرائيل والسكان اللبنانيين الشيعة غير مشروطة بوجود المنطقة الأمنية، ولذلك قامت إسرائيل برعاية العناصر الشيعية، وخلقت معهم نوعًا من التفاهم للقضاء على التواجد الفلسطيني، والذي هو امتداد للدعم الداخلي لحركتي حماس، والجهاد".

ولذلك؛ فإن مارك سلفربرج في كتابه "سدنة الإرهاب" يرى أن إيران تُمثِّل "نقطة أمل مضيئة" بإسلامها "الشيعي المعتدل" -على حدِّ زعمه- الذي يعد بسلام مع اليهود والمسيحيين، ويعد المؤلف كذلك بانقسام داخلي في دول الإسلام الراديكالي على يد "الشيعة"؛ سيكبح (هذا الانقسام) جماح "الانشداد الذهني للمسلمين نحو القضية الفلسطينية" (حقائق الصراع الأمريكي الإيراني؛ تقرير من إعداد: مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية).

2- حماية المصالح الأمريكية، والمساعدة في فرض نفوذها، وتثبيت وضعها، وقد حدث ذلك في العراق وأفغانستان، وهناك دلائل قوية على أن إيران تسعي للقيام بنفس الدور في سوريا في حال سقوط الأسد، فقد ساهمت إيران إلى حد كبير في حربي العراق وأفغانستان، وهو الأمر الذي صرَّح به بعد ذلك عدد من المسؤولين الإيرانيين من باب المَنِّ على أمريكا، وتذكيرها بـ"الجميل" الإيراني.

3- إحداث حالة من الإرباك في المحيط السياسي العربي والإسلامي بالتركيز على الخطر الإيراني، والمشروع الشيعي بالمنطقة، وفي هذا أكبر ضمانة للأمريكان وغير الأمريكان من دول الغرب لاستمرار صفقات بيع السلاح للطرفين، وبالأخص دول الخليج.


 

فعلى سبيل المثال فإن حجم الإنفاق السعودي لشراء السلاح سنويًا يُقدَّر بثمانية عشر مليار دولار، هذا بخلاف أضعاف هذا الإنفاق على المرافق العسكرية كرادارات، ونظم التوجيه، والتحكم والمطارات.

ويُشير الباحثون إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تُعتبَر المورد الرئيسي للسلاح لدول الخليج، وأنه خلال الفترة من (1950م-2006م)، اشترت دولة خليجية واحدة سلاحًا ومعدات من الولايات المتحدة بما قيمته 79.8 مليار دولار، بما يساوي تقريبًا خُمس ما تصدره الولايات المتحدة لباقي دول العالم، ويتبين من ذلك أهمية الخليج لصناعة الدفاع الأمريكية، وبداية من يناير 2010م ركزت الإدارة الأمريكية مع دول الخليج على تقوية دفاعات هذه المنطقة الحساسة عالميًا، وتحديث قدراتها الدفاعية من خلال إمدادها بنظم أسلحة حديثة.

ويُعلِّل الباحثون هذا الأمر؛ بأنه ناتج عن تخوفات من دول الخليج من احتمالات تعرُّضها لهجوم ليس فقط من إيران ولكن أيضًا من حلفاء إيران في المنطقة مثل: حزب الله في لبنان وسوريا، وذلك في حالة إقدام الولايات المتحدة وإسرائيل على تدمير القدرات النووية الإيرانية (صفقات السلاح الرئيسية بعد الثورات العربية؛ للدكتور قدري سعيد، مجلة السياسة الدولية؛ العدد: [184]، إبريل 2011م).

4- ومن ذرائع التضخيم الإعلامي والشكلي لإيران أنه ذريعة قوية لبقاء القواعد العسكرية بعدد من الدول العربية ومنها: (الكويت، وقطر، والبحرين، وعمان، والإمارات، والأردن، ومصر، والعراق، وجيبوتي)، وهذه القواعد تُعد شكلًا من أشكال الاستعمار الجديد، حتى أن مساحة بعضها يتسع لهبوط ما يزيد عن 100 طائرة مقاتلة (القواعد العسكرية الأمريكية في العالم العربي؛ لـ محمد السيد غنايم، المعرفة الجزيرة نت، (8/9/2006م).

فإيران بتركيبتها الطائفية؛ عنصر توتر في المنطقة، وهو ما يستدعي من دول المنطقة الضعيفة أن ترمي بنفسها في حضن أمريكا ودول الغرب؛ ليحموها من البعبع الإيراني، ومن طموحاته التوسعية، وأمريكا بحاجة -في المنطقة- إلى كلب عقور ترخي له الحبل وقتما تشاء لتُرهِب به من تشاء، وفي تصريح لنائب الرئيس الإيراني كشف رحيم مشائي أن الجمهورية الإسلامية في إيران تُشكِّل مطلبًا أميركيًا، كما أعلن أن إيران هي اليوم صديقة الشعب الإسرائيلي، والشعب الأميركي (حقائق الصراع الأمريكي الإيراني).

5- أمريكا ليس من مصلحتها تدمير إيران على النحو الذي تم في العراق، وإسرائيل تشاركها هذه الرؤية بصفتها أكبر المستفيدين من وجود خطر إيراني على العرب.


 

فبقاء إيران كقوة عسكرية في هذه المنطقة مصلحة أميركية وإسرائيلية في المقام الأول، والخلاف ليس على بقاء هذه القوة أو عدمه، وإنما على حجمها ودورها، فالمحافظة على القوة الإيرانية يعني في الإستراتيجية الأميركية تشتيت وإضعاف ما يُسمَّى بالخطر الإسلامي، فإيران -بحكم دوافعها الطائفية الدينية الخطيرة القائمة على الاختلاف والمخالفة لكل ما يَمتُّ إلى الإسلام بصلة- تلعب دورًا هامًا في تقسيم الأمة إلى أمتين حتى في أعيادها.


 

لذلك؛ فإن أمريكا تعمل جاهدةً على مساعدة وتقوية كافة المذاهب والاتجاهات المنحرِفة عن الإسلام، حتى دعا عدد من المفكرين الإستراتيجيين الأمريكيين صراحة إلى تمكين الشيعة في المنطقة ليُشكِّلوا (كالصفويين مع العثمانيين) شوكة في خاصرة السنة الذين يُمثِّلون الخطر الحقيقي على الغرب بمعتقداتهم (حقائق الصراع الأمريكي الإيراني).