هذه حبال اليهود فمن يقطعها ؟
محمد جلال القصاص
- التصنيفات: اليهودية والنصرانية -
برز النفاق في المدينة ولم يكن له ذكر في مكة ، ويذهب بعضهم إلى أن السبب في ذلك هو قوة الإسلام في المدينة وضعفه في مكة ، إذ أن نفاق البعض للمسلمين سببه ــ في نظر القائلين بهذا الرأي ــ قوة المسلمين .
وهذا الكلام فيه نظر .!!
النفوس تتشابه ، ولكل قوم وريث ، ففي أي بيئة ــ تجمع بشري كبير ـــ تجد ( الملأ ) وتجد دعاة الخير وتجد الإمعة ، وتجد من يتقبل مبدأ النفاق ... من يلتحق بالدعوة بحثا عن ذاته أو لقناعته بها ، ومع الفتنة ـــ بالمال أو بالتعذيب ــ يتنازل عن مبادئه ويسلك طريقا وسطا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، أو يدخل في ( اتفاقية ) مع ( الغير ) ينال بها من حمى الدين وإن ظل منتسبا إليه , ويتخذ من ماضيه ومواقفه السابقة أمارة على صحة مبادئه الحديثة.
أي أن بروز النفاق يتوقف على عاملين .
أولهما : وجود الشخصية التي تتقبل هذا الوضع ـــ أن تظهر خلاف ما تبطن أو أن تسلك طريقا وسطا بين هؤلاء وهؤلاء ـــ وهي موجودة في كل مكان .
وثانيهما : وجود من يراودها ــ أو قُل من يروضها ــ حتى تحترف النفاق بمعناه العملي ... تخذيل وتفريق ونشر للبدع بين المؤمنين .
وكان في مكة فريق من الناس أسلم وحين جاءت الهجرة لم يهاجر إيثارا للأهل والدار وحين أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ، وخرج يوم بدر تحت راية الشيطان يقاتل أولياء الرحمن ونزل فيهم قول الرحيم الرحمن { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً } [ النساء : 97 ]،
وكان ممن أسلم في مكة فريق من الناس حين أُمر بالهجرة هاجر ثم لم يصبروا على فراق الأهل والدار فتعللوا وعادوا أدبارهم إلى مكة .
ووصف الله عز وجل الفريقين بالنفاق في آيات تتلى إلى يوم القيامة . قال تعالى { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } [ النساء : 88 ]
فكانوا موجودين إذا بمكة .
والسؤال : ما الذي جعل النفاق ــ بهيئته وصفاته المعروفة ـــ يبرز في المدينة دون مكة ؟
إنه العامل الثاني : وجود من يراود ويروض ، وهم اليهود .
كان بين اليهود وأهل يثرب حبال ممدودة في الجاهلية ، وحين جاء الإسلام ، عملت العقلية اليهودية الخبيثة عملها ، فاتصلت بضعاف النفوس الشانئين على الإسلام والمسلمين ، أصحاب الأهداف الدنية الدنيئة . . . راودتهم ثم روضتهم حتى كونت منهم طابورا خامسا داخل الصف المؤمن ، ولولا أن الوحي كان لهم بالمرصاد لقلعوا فسيل الأمة النابت وهو بعد لم يستوِ على سوقه .
لا تستطيع العقلية اليهودية أن تعيش بين الناس إلى بحبلين حبل من الكافرين ، وحبل من المنافقين. . .هذا حالهم من يوم كانوا .
هدموا الديانة المسيحية بــ (بولس الرسول ) الذي تحول بين عشية وضحاها من قاتل ( للمؤمنين ) أتباع المسيح عليه السلام إلى رسول للمسيح عليه السلام ، وأتى بدين غير الدين ، وصار من أمره أنه هو الذي يتبعه النصارى كلهم اليوم على الحقيقة ، فالموجود اليوم هو ديانة ( بولس الرسول ) لا رسالة المسيح ـ عليه السلام ــ . وهم الذين أدخلوا على النصرانية فكرة ( اللوجس ) التي انتهت بتأليه المسيح ــ عليه السلام ــ .
وهم الذين قطفوا ثمرة الثورة الفرنسية في أوروبا . ومنهم مارتن لوثر الذي احتج على الكنيسة وخرج بالبروتستانت ، فأحدث في المسيحية شرخا جديدا صدع بنيانها حينا ، وجعل بأسهم بينهم حينا من الزمن .ومنهم كان عبد الله بن سبأ الذي أوقع الفتنة بين خير أمة أخرجت للناس ، وأخرج التشيع للناس . ولولا أن الله تكفل بحفظ هذا الدين لصرنا على خطا القوم .
والحبلان اليوم ظاهران ، حبل النفاق الذي خضب شوكة الدين ، ونزع الكراهية من صدور ( المسلمين ) تجاه اليهود ، فمدَّ يد ( السلام ) ، وبذر ( بذور السلام ) ، وقاتل كل من أرهب أبناء العم سام . ، وأعني بذلك ( الملأ ) أرباب السلطان وكذا المفكرين أرباب الأقلام .
فمن لهذا الحبل الممدود بين ظهرانينا ؟!
والحبل الآخر ممدود مترهل في أرض العراق والشيشان . فمن يعين إخواننا هناك ؟؟