فضل صلاة الضحى

زيد بن مسفر البحري

إذا صليت ركعتين من الضحى كفتك عن الصدقات الملزم بأدائها كل يوم عن كل مفصل فيك.

  • التصنيفات: فقه الصلاة -

 

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد قال الله عز وجل: {وَالضُّحَى} [الضحى:1]، أقسم هنا بالضحى، وإذا أقسم الله عز وجل بشيء دل على عظمة هذا الشيء.

الضحى: ما هو؟ قال بعض المفسرين: النهار، أي أقسم الله عز وجل بالنهار، لأنه ذكر بعده الليل.

وقال قتادة وغيره: "وقت الضحى الذي يكون بعد طول الشمس وارتفاعها قيد رمح إلى ما قبل الزوال، هذا هو الضحى، وسواء قيل بهذا أو بهذا فإن وقت الضحى يدخل في وقت النهار، لا شك في ذلك، ومن ثمَّ فإن قسم الله عز وجل بالضحى يدل على فضيلة هذا الزمن وهذا الوقت، وهو وقت الضحى، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أحيانه يصلي صلاة الضحى، أخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله".

وهذا يدل على سنية الضحى، والقول الصواب في هذه المسألة أن صلاة الضحى سنة على وجه الإطلاق، لِمَ؟

لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما عند مسلم من حديث أبي ذر: «يُصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة» السلامى هو المفصل، معنى ذلك أن على المسلم أن يتصدّق في كل يوم صدقة عن كل مفصل فيه، وابن آدم فيه ثلاثمائة وستون مفصلاً، فيلزمك أن تتصدّق شكراً لله عز وجل على نعمة هذه المفاصل أن تتصدّق عن كل واحد منها بصدقة فقال عليه الصلاة والسلام: «فكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة» إلى أن قال: «ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى». إذا صليت ركعتين من الضحى كفتك عن الصدقات الملزم بأدائها كل يوم عن كل مفصل فيك.

وصلاة الضحى إما أن يصلي ركعتين، وهذا أقل ما يكون، وليس فيها صعوبة، وإما أن يصلي أربعاً كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان، وإما أن يصلي ثماني ركعات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال بعض العلماء لما فتح مكة صلى في بيت أم هانئ ثمان ركعات وذلك ضحى، وإما أن يصلي ثنتي عشرة ركعة، ولتعلوا أنه لا حدَّ لصلاة الضحى لو زاد على ثنتي عشرة ركعة كان خيراً وأطيب، لكن لماذا قلنا ثنتي عشرة ركعة؟ جاء حديث عن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصراً في الجنة» قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: "وهذا الحديث له شواهد يتقوى بها".

متى تبدأ صلاة الضحى؟

بعد طلوع الشمس وارتفاعها قدر رمح إلى أن يقوم قائم الظهيرة، يعني قبل زوال الشمس، يعني يبدأ وقت صلاة الضحى بعد الإشراق بثلث ساعة، لأن ما قبله وقت نهي، ويستمر إلى قبل أذان الظهر بربع ساعة، لأن ما قبل أذان الظهر بربع ساعة وقت نهي حين يقوم قائم الظهيرة، وأفضل زمن أداء صلاة الضحى كما قال صلى الله عليه وسلم عند مسلم: «حين ترْمَض الفِصال» والفصال جمع فصيل وهو ولد الناقة، سُمّيَ بذلك لأنه ينفصل عن أُمّه، يعني حينما تشتد حرارة الشمس وتحرق أخفاف هذه الفصال، في آخر وقت صلاة الضحى يعني قبل أذان الظهر مثلاً بنصف ساعة أو ما شابه ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوَّابين» من هو الأوَّاب؟ هو الرَّجاع إلى طاعة الله، قال: «صلاة الأوابين حين ترْمَض الفصال» لماذا سمّاهم أوابين؟

لأن الناس في مثل هذا الوقت منشغلون في دنياهم، لكن من حرص عليها دل على أنه أوّاب.

ولو قال قائل: النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عند مسلم من حديث عائشة قالت: "ما كان يصلي الضحى إلا إذا رجع من مغيبه" يعني من سفره، دل هذا على أنه لم يكن يصليها دائماً، فما الجواب؟

نقول: قالت عائشة رضي الله عنهما كما عند مسلم: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمله خيفة من أن تعمل به أمته فيفرض عليها وما رأيته صلى صلاة الضحى وإني لأصليها" ولذلك كانت تصلي ثمان ركعات رضي الله عنها وتقول: "لو نُشِر لي أبواي ما تركتهما" يعني لو أن أبوي خرجا من قبريهما ما تركت هذه الصلاة، فإذا ً ينبغي لنا أن نحرص على نؤدي صلاة الضحى ولو بما قلَّ، وأقلها كما أسلفت ركعتان، إن زاد الإنسان فهذا خير له، وإن فعل مثل ما أتى في حديث الترمذي وحسّنه ابن حجر من أنه يصلي ثنتي عشرة ركعة يُبنى له قصر في الجنة، وهذا فضل عظيم من الله عز وجل وهو عمل يسير ولله الحمد، نسأل الله عز وجل أن يعيننا وإياكم على أنفسنا.

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.