الغضب؛ عاصفة تزلزل الحياة الزوجية
خالد سعد النجار
الغضب جزء من مكونات شخصيتنا البشرية، فمن مِنَّا لا يغضب، ومن مِنَّا لا يفقد أعصابه، وتتوتر نفسيته، خاصة مع أحداث الحياة المعقدة، وكبواتها التي لا تنتهي، فالحلم بزوجين هادئين لا يعدو كونه خيال لا يلمس أرض الواقع مطلقًًا، لكن التعامل الحكيم مع ثورات غضب الشريك هو الواقع المثالي الذي ننشده، والقوة النفسية الهائلة التي نتمناها لكل زوج وزوجة، كي تمر العاصفة بسلام ويخرج الطرفان منها بأقل خدوش، يجمعهما سياج متين من الحب والود والعشرة، لا تفت في متانته العواصف، ولا توهن من تماسكه الخطوب.
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
الغضب جزء من مكونات شخصيتنا البشرية، فمن مِنَّا لا يغضب، ومن مِنَّا لا يفقد أعصابه، وتتوتر نفسيته، خاصة مع أحداث الحياة المعقدة، وكبواتها التي لا تنتهي، فالحلم بزوجين هادئين لا يعدو كونه خيال لا يلمس أرض الواقع مطلقًًا، لكن التعامل الحكيم مع ثورات غضب الشريك هو الواقع المثالي الذي ننشده، والقوة النفسية الهائلة التي نتمناها لكل زوج وزوجة، كي تمر العاصفة بسلام ويخرج الطرفان منها بأقل خدوش، يجمعهما سياج متين من الحب والود والعشرة، لا تفت في متانته العواصف، ولا توهن من تماسكه الخطوب.
• خطأ أحد الزوجين لابد أن يتبعه لين جانبه للطرف الآخر، فما أقسى الخطأ مع التعنت والتبجح والإصرار، ولين الجانب قد يكون في كلمة دعابة أو سرعة استجابة للطلبات، مع احتمال كلمات العتاب وربما التوبيخ من الطرف الآخر، وغض الطرف عن بعض التصرفات العكسية المتوقعة.
• للغضب ثورة أشبه بالسكر الذي يفقد عقل الإنسان، وهذا يتطلب مرونة فائقة من الطرف الآخر وتجنب مقاطعته في الحديث أو الرد عليه بكلمات استفزازية، بل حبذا لو جاريناه ببعض الكلمات الرقيقة مثل: "معك الحق"... "أعرف أنك مرهق"... "لا تُتِعِب نفسك"... فمثل هذه الكلمات تطفئ ثورة الانفعالات، وتشعره بأنك تهتم به وبهمومه.
بعد أن تهدأ العاصفة يمكن أن ندندن حول فضيلة الحلم، وأنه لا ينبغي أخذ الأمور دومًا بعصبية؛ وإنها مشاكل بسيطة وحلها بالعقل والروية أفضل من العصبية، وما أروع الحديث بأسلوب لبق يشعره بالخطأ، ويجعله يندم على انفعالاته، بل ربما يعتذر عما بدر منه.
• لنحرص على التحكم في انفعالاتنا وألا تفارق وجهنا الابتسامة والبشاشة فهي بريد الوئام والتفاهم، وهي رسالة غير مباشرة لإعلان وقف المشاحنات في البيت وإنهاء الخصام.
وفي الحديث النبوي الشريف: « » (متفق عليه).
قال العلماء: "أي إنما القوي من كظم غيظه عند ثوران الغضب، وقاوم نفسه وغلب عليها، فحوَّل المعنى فيه من القوة الظاهرة إلى القوة الباطنة، ومن ملك نفسه عنده فقد قهر أقوى أعدائه وشرّ خصومه، لخبر أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك، وهذا من قبيل المجاز وفصيح الكلام لأن الغضبان لما كان بحال شديدة من الغيظ وقد ثارت عليه سورة الغضب وقهرها بحلمه وصرعها بثباته كان كمن يصرع الرجال ولا يصرعونه".
• تبسمك في وجه أخيك صدقة، فما بالنا بشريك العمر ورفيق الدرب بالطبع ستكون صدقات وصدقات، فالابتسامة المشرقة المضيئة والفكاهة والبشاشة كفيلة بأن تُبدِّد غيوم الكآبة وشبح البغضاء وتضفي على البيت أجواء من السعادة قد لا ينعم بها الكثير بسبب البخل في ابتسامة صافية وكلمة حانية لا تكلفهم الكثير من الوقت والجهد.
• اللامبالاة بغضب الشريك أسوأ درجات الاستفزاز، وأسوأ منه التعبير بعبارات تبين له مدى استهانتك بشخصيته، فهذا من شأنه أن يسير بكما في نفق مُظلِم لا خروج منه، ويعقد المشكلة التي بدأت بسيطة لكنها صارت ككرة الثلج التي كبرت حتى أتت على كل شيء.
• من الخطأ أن نقابل الانفعال بانفعال واتهام، فغضب الزوج -مثلًا- لا يقابل بشكوى الزوجة من مشاكل الأطفال وهموم المنزل، لأن هذا من شأنه أن يؤجج نار العداوة ويوغر الصدور أكثر فأكثر، وما أجمل أن نحتسب عند الله الصبر على الضراء لأن هذا يهون على النفس مرارة الموقف، فكل عمل لله تعالى فيه نصيب فهو هيَّن ويسير على النفس.
• عزيزتي الزوجة: تذكري دائمًا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: « » (رواه ابن ماجة).
لا تنامي وهو غضبان منكِ، فبعد أن تهدأ الأمور، وتتأكدي من هدوء أعصاب زوجكِ، حاولي المبادرة لاسترضائه، فالواجب الشرعي يقول: إن المبادرة تكون من خيرهما دِينًا وعقلًا، أو من أقدرهما في الغضب والرضا، كما قال أبو الدرداء لأم الدرداء رضي الله عنهما: "إذا غضبتُ فاسترضيني، وإذا غضبتِ أسترضيكِ، وإلا لم نجتمع".
• حَذارٍ من النكد المستمر والشحناء المتواصلة، فهي السوس الذي ينخر في بيت الزوجية حتى يستحيله خرابًا ودمار، والبيت المملوء بالحب والهدوء والتقدير المتبادل والاحترام والبساطة في كل شيء خير من بيت مليء بما لذَّ وطاب وأجواء النكد والخصام متوغلة في كافة أركانه وأجوائه.
• الزوج المتوتر يؤثر بتوتره على حياته الزوجية وعلى زوجته وأطفاله، وعلامات التوتر عنده أنه دائمًا في عجلة من أمره، ويبحث دومًا عن الكمال، وأي عمل أمامه دائمًا ناقص، كما أنه دائمًا ما يجعل المسؤولية على عاتقه في العمل والمنزل، ولا يعرف كيف يستمتع بوقته وبحياته.
نصائح لتخفيف التوتر
تقول الدكتورة "روزاليت" أخصائية علم النفس الأمريكية: "إن هناك عدة نصائح لتخفيف التوتر عند زوجكِ، أهمها:
ـ ابحثي عن الأشياء التي تستمتعان بممارستها معًا مثل الخروج للتنزه، ويفضل ممارسة بعض التمارين الرياضية.
ـ تجنبي الألعاب التنافسية مع زوجكِ، فبدلاً من ممارسة التنس مثلًا يمكنكِ التريض معه سيرًا على الأقدام.
ـ كافئي زوجكِ إذا تمسك بهدوئه في موقف صعب بدعوته مثلًا على العشاء داخل أو خارج المنزل، أو إهدائه كتابًا مضحكًا أو فكاهيًا مرحا يجعلكما تضحكان من الأعماق".
• الحالة الاقتصادية وظروف المعيشة الصعبة وشد الأعصاب في العمل وزحام المواصلات وصعوبة التعامل مع الدواوين الحكومية. كلها عوامل تجعل أفراد الأسرة في حالة توتر مستمر، خاصة الأزواج، حيث تكثر مشاحناتهم التي قد تتحوّل إلى خلافات عميقة.
وكثيرًا ما تبدأ شرارة هذه المشاكل أثناء المناقشة بين الزوجين عقب عودة الزوج من يوم حافل بالعمل الشاق بعد استهلاكه لقدر كبير من طاقته، وتكون نسبة السكر في دمه قليلة للغاية، ويقول الأطباء: "إن النقص في السكر يجعل الزوجين في حالة تعب وإرهاق لا تسمح لهما بمناقشة هادئة".
لذا؛ يجب على الزوجات الإسراع بتقديم وجبة الغداء فور عودة الزوج، وعدم إثارة أي من الأمور العائلية أو المشاكل الأسرية حتى ولو كانت أمورا تافهة لأن ذلك يثير الأعصاب.
ويقول خبراء الاجتماع: "إن الجوع يساعد علي سرعة انفلات الأعصاب، لذا فهم ينصحون الزوجات بالتروي عند عرض وجهات نظرهن وعدم مناقشة أي موضوعات مع الأزواج إلا بعد الأكل حتى يكون السكر قد عاد إلى مستواه المعتاد في الدم، كما أنهم ينصحون بتقديم عصير أو مشروب سكري للزوج عند عودته إلى المنزل".
• الغضب ليس نهاية الطريق وليس علامة تلاشي الحب والود بينكما، فكبَد الحياة لا ينتهي، وإنما سُمِّيَ القلب قلبًا لأنه يتقلب، وما من محنة إلا ويتبعها منحة، فالصبر الصبر وحذار من وساوس الشيطان الإبليسية.