مسلمو أفريقيا الوسطى في مواجهة الإبادة
تصاعدت بصورة كبيرة أعمال الإبادة ضد مسلمي أفريقيا الوسطى, خلال الأيام القليلة الماضية, مما اضطر آلاف المسلمين إلى الفرار بكل الوسائل المتاحة لديهم نحو دول مجاورة بينها الكاميرون وتشاد بعد تزايد أعمال القتل التي تنفذها ضدهم ميليشيا "أنتي بالاكا" المسيحية.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
تصاعدت بصورة كبيرة أعمال الإبادة ضد مسلمي أفريقيا الوسطى, خلال الأيام القليلة الماضية, مما اضطر آلاف المسلمين إلى الفرار بكل الوسائل المتاحة لديهم نحو دول مجاورة بينها الكاميرون وتشاد بعد تزايد أعمال القتل التي تنفذها ضدهم ميليشيا "أنتي بالاكا" المسيحية.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن تسعة آلاف شخص غالبيتهم مسلمون من عدة جنسيات أفريقية فروا من أفريقيا الوسطى إلى الكاميرون خلال الأيام العشرة الأخيرة. وكانت قوة عسكرية تشادية قدمت لإجلاء مدنيين مسلمين تعرضت الثلاثاء الماضي لهجوم من قبل ميليشيا "أنتي بالاكا" في بلدة بوسومبيلي (150 كيلومترا شمال غرب العاصمة بانغي) مما أدى إلى مقتل قائد القوة التشادية.
وقال متحدث باسم القوة التشادية إن خارجين على القانون نفذوا الهجوم, مضيفا أن القوة ردت وأوقعت خسائر بين المهاجمين. وحسب شهود عيان فإن هجوما آخر وقع قرب بلدة بوالي (تسعين كيلومترا شمال بانغي) أثناء عملية إجلاء مسلمين.
وكان جنود نظاميون قد أعدموا الأربعاء الماضي رجلا في أحد شوارع بانغي وأحرقوا جثته بعد قطع بعض أطرافها بحجة أنه قد يكون من جماعة "سيليكا" التي طردت الرئيس السابق بوزيزي من الحكم في مارس من العام الماضي.
وفي نهاية الشهر الماضي, قتلت ميليشيا "أنتي بالاكا" رجلين مسلمين قرب مطار بانغي وقطّعت جثتيهما على مرأى من القوات الفرنسية.
وطالبت منظمة هيومن رايتس ووتش -التي وثقت عمليات الإعدام- حكومة رئيسة أفريقيا الوسطى الانتقالية كاثرينا سامبا بانزا بالتحقيق في حادثة الأربعاء الماضي. ووصفت المنظمة في بيان عمليات الإعدام التي حدثت مؤخرا في الشوارع بحق مسلمين بالوحشية, وقالت إنها "باتت حدثا عاديا في بانغي".
وفي مواجهة أعمال القتل العرقية, حذر قائد القوات الأفريقية المنتشرة في أفريقيا الوسطى (أكثر من خمسة آلاف عنصر) السبت المجموعات المسلحة الخارجة على القانون من أنها ستُجابه بحزم أكبر مستقبلا. وكانت صحيفة "هافينجتون بوست" الأمريكية، سلطت الضوء على تزايد أعمال الاستهداف والإبادة العرقية ضد المسلمين فى جمهورية أفريقيا الوسطى، مما يُلقى بظلال قاتمة حول مستقبل المسلمين فى البلاد.
وأشارت الصحيفة فى سياق تقرير أوردته، إلى أن المسلمين أثناء محاولتهم الفرار من البلد تقوم الأغلبية المسيحية بملاحقتهم وتضرم النيران فى المساجد التى يحاولون الاختباء بها، وفى القوافل التى تنقلهم إلى القرى الحدودية، مما يشير إلى تصاعد أعمال العنف بحق المسلمين هناك وحملات الإبادة الجماعية المنظمة.
ونقلت الصحيفة عن بيتر بوكارت بمنظمة هيومان رايتس وواتش قوله "نحن فى حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات دولية فورية حاسمة لوقف عمليات القتل الممنهج ضد مسلمى أفريقيا الوسطى، محذراً من مغبة "زوال الجالية المسلمة فى البلاد".
ولفتت الصحيفة إلى أن المناطق المسلمة فى الكثير من المدن فى جمهورية أفريقيا الوسطى تتعرض لهجمات انتقامية على المدنيين، ما أدى إلى ذبح وتشريد الآلاف من المسلمين، داعية إلى ضرورة تحرك المجتمع الدولى للحيلولة دون استمرار أعمال العنف هناك.
وخلال الأيام القليلة الماضية اضطر آلاف المسلمين إلى الفرار بكل الوسائل المتاحة لديهم نحو دول مجاورة بينها الكاميرون وتشاد بعد تزايد أعمال القتل التى تنفذها ضدهم مليشيا "أنتى بالاكا" المسيحية.
وشملت عمليات الإبادة ضد مسلمي أفريقيا الوسطى قتل المسلمين في الشوارع وحرق جثثهم. وقد أعلنت مدعية المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق تمهيدي في جرائم حرب محتملة في هذا البلد.
وغادرت قافلة ضخمة من شاحنات وسيارات أجرة تنقل مدنيين مسلمين العاصمة بانغي باتجاه تشاد وسط صيحات حشود غاضبة من المسيحيين، وفقا لشهود عيان.
وسلكت القافلة الطويلة المحور المؤدي إلى المدخل الشمالي لبانغي وسط شتائم السكان الذين اصطفوا على طول الطريق.
وأكد بعضهم أن أحد المغادرين سقط من أعلى شاحنة كانت تقله وتعرض للضرب حتى الموت, وأن جثة الضحية ألقيت على حافة الطريق.
كما تعرضت شاحنة أخرى من القافلة لهجوم من عناصر مليشيات مسيحية سرعان ما فرقتهم القوة الأفريقية الموجودة عند المحور المروري مطلقة أعيرة تحذيرية.
ومع استمرار أحداث العنف والقتل رجح وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان -الذي يزور بانغي مطلع الأسبوع- تمديد الأمم المتحدة تفويضها لقوات بلاده في أفريقيا الوسطى التي ينتشر فيها حاليا 1600 عسكري فرنسي.
وقد أعلنت مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا أنها باشرت القيام بدراسة أولية ستمهد لإجراء تحقيق حول جرائم خطيرة قد تكون ارتكبت في أفريقيا الوسطى التي تجتاحها أعمال عنف. وقالت بنسودا في بيان "إن مكتبي اطلع على العديد من التقارير التي تتحدث عن أعمال ذات وحشية فائقة ارتكبتها مختلف المجموعات في أفريقيا الوسطى, وعن ارتكاب جرائم خطيرة يمكن أن تعود صلاحية البت فيها إلى المحكمة الجنائية الدولية".
وأضافت أن المحكمة الجنائية الدولية قررت إجراء دراسة أولية حول تلك الأعمال والجرائم، لافتة إلى أن الوضع المأساوي الذي يعيشه السكان المدنيون في جمهورية أفريقيا الوسطى لم يتوقف عن التدهور، حسب تعبيرها.
ونوهت الصحيفة الأمريكية إلى أن الأسر المسلمة النازحة تتجمع فى العاصمة بانجى فى مخيم منفصل بالمطار والمسجد الكبير، بالإضافة إلى عدد آخر من المواقع فى انتظار المغادرة أو آملين فى بعض الحماية.
ويشكل المسلمون نحو 15% من إجمالى سكان إفريقيا الوسطى الذى يبلغ نحو 4.6 مليون شخص، فر منهم حتى الآن آلاف الأشخاص من منازلهم، وذلك وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.