وجعلنا من الماء كل شيء حي
أحمد كمال قاسم
أتعجب كثيراً ممن يهملون هذه الآية كآية من أكثر الآيات التي تحوى إعجازاً وإفحاماً لمخالفي القرآن في كل العصور، فإن هذه الآية يستحيل أن تصدر عن بشر عاقل لأنها فيها جزم مطلق أن الكائنات الحية في كل مكان وكل زمان في الكون كله (وليس على الأرض وحسب) لا يمكن إلا أن تكون محتوية على الماء كعنصر أساسي في تكوينها، فلا يمكن لأي إنسان عاقل أن يجزم بذلك مهما على علمه لأن العاقل كلما يعلو علمه يعلو معه إدراكه بضخامة الكم المحجوب عن علمه.
- التصنيفات: التفسير -
أتعجب كثيراً ممن يهملون هذه الآية كآية من أكثر الآيات التي تحوى إعجازاً وإفحاماً لمخالفي القرآن في كل العصور، فإن هذه الآية يستحيل أن تصدر عن بشر عاقل لأنها فيها جزم مطلق أن الكائنات الحية في كل مكان وكل زمان في الكون كله (وليس على الأرض وحسب) لا يمكن إلا أن تكون محتوية على الماء كعنصر أساسي في تكوينها، فلا يمكن لأي إنسان عاقل أن يجزم بذلك مهما على علمه لأن العاقل كلما يعلو علمه يعلو معه إدراكه بضخامة الكم المحجوب عن علمه.
فلو كان محمد صلى الله عليه وسلم هو مؤلف القرآن لما جرأ أن يضع القرآن في تحدٍ يستمر إلى يوم الدين حيث أنه لو ثبت في أي وقت أو أي مكان أنه يوجد كائن حي لا يحتوي على الماء فإن الآية تبطل في الحال، ولو سرنا وراء فرضهم بأن محمد صلى الله عليه وسلم هو مؤلف القرآن فإن القرآن يشهد بأن هذا الإنسان هو في منتهى الحكمة والعبقرية البشرية ليؤلف كتاباً بهذا الحجم هو معجز في كل شئ ولم يستطع بشر حتى الآن أن يأتي بسورة من مثل أقصر سورة منه.
أقول لو سرنا جدلاً معهم في هذا الفرض فإنه لا يليق بهذا الإنسان العبقري أن يضع نفسه وقرءانه في هذا المأزق الخطير وهذا التحدي الذي يعرض مؤلَفه للانهيار في أي مكان أو وقت يثبت فيه عكس ذلك. وبالتالي يوجد هنا تناقض ناشىء عن الفرض وهذا يؤدي إلى بطلان فرضية أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو قائل الآية إذن لابد أن قائل هذه الآية هو خالق الكون الذي يعلم كل شيء فيه زماناً ومكاناً.
ومن الواضح لأي إنسان يفقه اللغة العربية أن اسلوب الآية وسَمتَها اللغوي متناغم وغير شاذ عن باقي آيات القرآن المعجز وبالتالي يعد هذا دليلا واضحاً على أن هذا القرآن الذي بين يدينا هو من لدن الحكيم العليم الله عز وجل.
وبالطبع لا يفوتني أن أقول أن هذا دليلٌ هو مقنع لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ولكن من اختار أن يجحد فلن يقنع بأن القرآن من لدن الله حتى لو نزل عليه من السماء رأي بصره.
قال تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33].
والله تعالى أعلم