حي ولو مات

هي حياة وعمل، جد وأمل، سبب في القيام بالواجبات الدينية والدنيوية، وسبب في تميز فلان عن فلان، هي ثورة عقل تثمر إبداعاً وتألقاً، عطاء بلا حدود، وعزم بلا قيود، إنها الإيجابية.. صاحبها حياته راحة بلا كدر وﻻ قلق، يرى المحن منح، يتألم لألم أمته ويسعد لنجاحها، علاقته مع غيره حب واحترام، يساعد هذا ويرشد ذاك، ودود رحيم، كريم حليم، هذه حياته وهذا منهجه، فطابت الحياة واستقام المنهج.

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -


هي حياة وعمل، جد وأمل، سبب في القيام بالواجبات الدينية والدنيوية، وسبب في تميز فلان عن فلان، هي ثورة عقل تثمر إبداعاً وتألقاً، عطاء بلا حدود، وعزم بلا قيود، إنها الإيجابية.. صاحبها حياته راحة بلا كدر وﻻ قلق، يرى المحن منح، يتألم لألم أمته ويسعد لنجاحها، علاقته مع غيره حب واحترام، يساعد هذا ويرشد ذاك، ودود رحيم، كريم حليم، هذه حياته وهذا منهجه، فطابت الحياة واستقام المنهج.

إن رأيت العابد الصالح فاعلم أنه إيجابي، وإن رأيت المرشد الناصح فاعلم أنه إيجابي، وإن رأيت الحريص على وطنه فاعلم كذلك أنه إيجابي وهلم جرا.. عكس ذلك اللاهي الغافل عن مصلحة نفسه، أو ذلك الذي همه هواه يحرص على قيادة المرأة ودخولها الملاعب أكثر من حرصه على تعلم أركان وشروط الصلاة، فيأتي (مهايطا) يسطر أفكاره الغربية في زوايا وأعمدة تغشاها الظلمة والغموض.

الإيجابي ذلك الذي يظل حياً ولو كان تحت الثرى، الإيجابي لديه آمال يحققها، وغيره أوهام ينثرها، يلحق بالعمل أملا، وغيره يتبع العمل ألما، أفكاره سديدة، وغيره أعذاره عديدة، يتمسك بقيمه عن تباب المساوئ، وغيره يتشبث بالصغائر على حساب المبادئ، لك أن تتأمل في تلك النملة الإيجابية التي أبت إلا وأن تخلد ذكرا لها، عندما رأت جيشا جرارا قد يهلك قومها، فقامت مسرعة منادية {..يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ..} [النمل: 17]، فلم تتردد في تقديم النصح لقومها، مع إمكانيتها بالفرار لوحدها، فصنعت معروفا لقومها فخلد ذكرها، بل ازدادت إيجابية وعذرت ذلك الجيش عندما قالت: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.

ولك أن تتأمل في قوله تعالى عندما عاب ذلك السلبي، فقال: {وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ..} [النحل: 76]، فتراه كسولاً ثقيلاً على مجتمعه، عديم النفع عاجزاً عن فعل خير، فما ترجو منه أي شيء، وخذ درساً من دروس المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي ملأت سيرته العطرة أجمل معاني الإيجابية وخاصة في الرسالة العظيمة (بل أرجو)، عندما خرج من مكة صلى الله عليه وسلم فقال له ملك الجبال: «إن شئت أطْبَقْتُ عليهم الأخشبين»، فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن قال: «بل أرجو أن يُخرِجَ الله من أصلابهم مَنْ يعبد الله وحده لا يُشرك به شيء» (صحيح مسلم: 1795)، وبالفعل خرج من أصلاب مشركين معاندين مؤمنون صالحون.

وأخيرا أعزز مقالتي هذه بقوله جل وعز: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم} [الرعد: 15]. 

عبد الله بن أحمد بيه