الضمير الغربي.. ولعبة النفاق السياسي !
محمد مورو
ليس جديداً أن تزعم إحدى هذه الدول صداقتها لنا، ثم نكتشف في النهاية
أنها كانت خنجراً مسموماً في جنبنا دون أن ندري، وليس جديداً علينا أن
نعرف أن التناقضات بين القوى الأوروبية يمكن أن تتلاشى فجأة، أو يتم
حلها على حسابنا أساساً.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
ليس
جديداً على الذاكرة العربية والإسلامية أن تقوم دول أوروبية أو غيرها
بدور مشبوه لصالح قوة أخرى، بل ليس جديداً أن تزعم إحدى هذه الدول
صداقتها لنا، ثم نكتشف في النهاية أنها كانت خنجراً مسموماً في جنبنا
دون أن ندري، وليس جديداً علينا أن نعرف أن التناقضات بين القوى
الأوروبية يمكن أن تتلاشى فجأة، أو يتم حلها على حسابنا أساساً.
لدينا خبرة تجربة محمد علي مع فرنسا، تلك التي زعمت صداقتها له، وقدمت له كل المعونات الفنية لتغريه بالصدام ضد الخلافة العثمانية في بداية القرن التاسع عشر، وكانت النتيجة أنه استنزف طاقات جبّارة في مصر كان يمكن أن تكون نواة لمشروع مصري إفريقي عملاق، واستنزف أيضا قوة الخلافة العثمانية، وعندما كان محمد علي يسعى لإسقاط الخلافة العثمانية، وأصبح على بعد أميال من قصر السلطان في استنبول، أي كان من الممكن أن يصبح هو الخليفة، ويجدّد شباب الخلافة، قامت الدول الأوروبية بما فيها فرنسا بإنذار محمد علي بالتوقف، وتجمّعت عليه، وقامت بضرب أسطوله في موقعة (نافارين) واضطرته للتراجع وتوقيع اتفاقية لندن 1840 م.
وتكرّر الأمر مع الثورة العرابية حين فضّلت فرنسا التضحية بنفوذها في مصر ـ وكان أكبر من النفوذ الإنجليزي، وقتها سنة 1881، وسمحت لإنجلترا بالفوز بالكتلة كلها، واحتلال مصر بالجيش الإنجليزي في مقابل ذبح الثورة العرابية، وعلى حد قول وزير الخارجية الفرنسية وقتها، فإن ذلك أفضل من نجاح ثورة إسلامية يمكن أن تهدد المشروع الاستعماري عموماً، والمشروع الفرنسي في شمال إفريقية خصوصاً.
ومرة أخرى ثالثة مع الحركة الوطنية المصرية "مصطفى كامل"، حين زعمت فرنسا تعاطفها مع الحركة الوطنية، ثم في عام 1904، وقّعت الاتفاق الودّي مع إنجلترا، وتخلّت عن الحركة الوطنية المصرية مقابل مكاسب في إفريقية.
ومرة رابعة مع الاتحاد السوفيتي السابق ومصر عام 1967، ثم خامسة مع صدام حسين 1991؛ وهكذا...
إنه الضمير الأوروبي المطاط!! وأحمق من يعتمد عليه.
وفي الأيام الأخيرة تكشّفت حقائق مريرة عن دور ألماني مريب في الغزو الأمريكي للعراق عام 2003؛ فعلى الرغم من أن المعلن والمعروف أن كلاًً من ألمانيا وفرنسا عارضتا الغزو بقوة ؛ إلا أن المفاجأة كانت في قيام ألمانيا بدور سري تكشّف تباعاً في ذلك الغزو، وهو ما يمثل فضيحة كاملة للأخلاق الأوروبية عموماً والألمانية خصوصاً.
وقد قامت كل من صحيفة (زود دويتشه تسايتونج) والقناة الألمانية الأولى (ard) بنشر تقارير تؤكد أن المخابرات الألمانية ـ وبديهي بمعرفة الحكومة الألمانية ـ قد قدمت خدمات استخباراتية جليلة للقوات الأمريكية إبان غزو العراق في مارس 2003، وأن عدداً من عناصر المخابرات الألمانية قد بقوا في بغداد طوال مدة الحرب، وقدّموا معلومات عسكرية هامة للقوات الأمريكية، وجهاز المخابرات الألمانية ـ بعلم الحكومة وموافقتها ـ قام بجمع معلومات وتحليلها وتقديمها للأمريكان، وقد اعترف الأمريكان أنفسهم أن المخابرات الألمانية قدّمت لهم دعماً هاماً في إطار عملية الغزو، وأن من ضمن تلك المعلومات، أماكن تواجد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وقد قُصِف أحدُ المطاعم في بغداد في 7 أبريل 2003 بناء على معلومات من المخابرات الألمانية بأن صدام حسين كان موجوداً فيه في ذلك الوقت، مما أدّى إلى وفاة (12) مدنياً عراقياً وجرح العشرات.
كما نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية في 27 / 2 / 2006 تقريراً قالت فيه: "إن وكالة الاستخبارات الألمانية قد أدّت خدمات جليلة للولايات المتحدة الأمريكية أثناء حربها على العراق، وأنّها زوّدت القوات الأمريكية بمعلومات حساسة عن خطط دفاع الحرس الجمهوري العراقي عن العاصمة العراقية "بغداد" قبل شهر من اندلاع الحرب، وأن ضابط الاستخبارات الألماني الذي سلّم هذه المعلومات للأمريكان كان يلازم الجنرال تومي فرانكس قائد قوات الغزو في القاعدة الأمريكية بقطر "، ونشرت صحيفة (النيويورك تايمز) وثيقة ثبّتت تقديم ضابط المخابرات الألماني حوالي (25) تقريراً استخباراتياً عن وضع القوات العراقية في ذلك الوقت، مرفَقة برسوم وخرائط للخطط العراقية الدفاعية.
وهكذا فإن الموقف الألماني بخصوص معارضة الحرب لم يكن أكثر من موقف مطاط يستهدف خداع العراق والعرب من ناحية، والمشاركة السرية في الكعكة البترولية من ناحية أخرى.
وفي الحقيقة فالمسألة بالنسبة للمراقبين المحايدين الذين لم يتم برمجتهم أمريكياً وأوروبياً ليس مفاجأة؛ فالرئيس الفرنسي نفسه قال عندما تعاظمت المقاومة العراقية، وبات من الممكن هزيمة أمريكا في العراق: إنّه على الرغم من معارضته للحرب فإنه لا يحبّ أن يرى الغرب "وأمريكا" تنهزم هناك على يد المقاومة الإسلامية، وهو ما ردّده أيضاً وزير الخارجية الألماني هانز جينشر، وبديهي أن نفس الكلام، وأوضح منه قاله كل من توني بلير رئيس الوزراء البريطاني، وهنري كسنجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق الذي لخّص المسألة كلها بقوله: "إن خسارة أمريكا للحرب في العراق تعني ضياع جهود أربعة قرون على الغرب كله، وليس أمريكا وحدها".
إنّه الغرب كل الغرب وليست أمريكا وحدها .
لدينا خبرة تجربة محمد علي مع فرنسا، تلك التي زعمت صداقتها له، وقدمت له كل المعونات الفنية لتغريه بالصدام ضد الخلافة العثمانية في بداية القرن التاسع عشر، وكانت النتيجة أنه استنزف طاقات جبّارة في مصر كان يمكن أن تكون نواة لمشروع مصري إفريقي عملاق، واستنزف أيضا قوة الخلافة العثمانية، وعندما كان محمد علي يسعى لإسقاط الخلافة العثمانية، وأصبح على بعد أميال من قصر السلطان في استنبول، أي كان من الممكن أن يصبح هو الخليفة، ويجدّد شباب الخلافة، قامت الدول الأوروبية بما فيها فرنسا بإنذار محمد علي بالتوقف، وتجمّعت عليه، وقامت بضرب أسطوله في موقعة (نافارين) واضطرته للتراجع وتوقيع اتفاقية لندن 1840 م.
وتكرّر الأمر مع الثورة العرابية حين فضّلت فرنسا التضحية بنفوذها في مصر ـ وكان أكبر من النفوذ الإنجليزي، وقتها سنة 1881، وسمحت لإنجلترا بالفوز بالكتلة كلها، واحتلال مصر بالجيش الإنجليزي في مقابل ذبح الثورة العرابية، وعلى حد قول وزير الخارجية الفرنسية وقتها، فإن ذلك أفضل من نجاح ثورة إسلامية يمكن أن تهدد المشروع الاستعماري عموماً، والمشروع الفرنسي في شمال إفريقية خصوصاً.
ومرة أخرى ثالثة مع الحركة الوطنية المصرية "مصطفى كامل"، حين زعمت فرنسا تعاطفها مع الحركة الوطنية، ثم في عام 1904، وقّعت الاتفاق الودّي مع إنجلترا، وتخلّت عن الحركة الوطنية المصرية مقابل مكاسب في إفريقية.
ومرة رابعة مع الاتحاد السوفيتي السابق ومصر عام 1967، ثم خامسة مع صدام حسين 1991؛ وهكذا...
إنه الضمير الأوروبي المطاط!! وأحمق من يعتمد عليه.
وفي الأيام الأخيرة تكشّفت حقائق مريرة عن دور ألماني مريب في الغزو الأمريكي للعراق عام 2003؛ فعلى الرغم من أن المعلن والمعروف أن كلاًً من ألمانيا وفرنسا عارضتا الغزو بقوة ؛ إلا أن المفاجأة كانت في قيام ألمانيا بدور سري تكشّف تباعاً في ذلك الغزو، وهو ما يمثل فضيحة كاملة للأخلاق الأوروبية عموماً والألمانية خصوصاً.
وقد قامت كل من صحيفة (زود دويتشه تسايتونج) والقناة الألمانية الأولى (ard) بنشر تقارير تؤكد أن المخابرات الألمانية ـ وبديهي بمعرفة الحكومة الألمانية ـ قد قدمت خدمات استخباراتية جليلة للقوات الأمريكية إبان غزو العراق في مارس 2003، وأن عدداً من عناصر المخابرات الألمانية قد بقوا في بغداد طوال مدة الحرب، وقدّموا معلومات عسكرية هامة للقوات الأمريكية، وجهاز المخابرات الألمانية ـ بعلم الحكومة وموافقتها ـ قام بجمع معلومات وتحليلها وتقديمها للأمريكان، وقد اعترف الأمريكان أنفسهم أن المخابرات الألمانية قدّمت لهم دعماً هاماً في إطار عملية الغزو، وأن من ضمن تلك المعلومات، أماكن تواجد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وقد قُصِف أحدُ المطاعم في بغداد في 7 أبريل 2003 بناء على معلومات من المخابرات الألمانية بأن صدام حسين كان موجوداً فيه في ذلك الوقت، مما أدّى إلى وفاة (12) مدنياً عراقياً وجرح العشرات.
كما نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية في 27 / 2 / 2006 تقريراً قالت فيه: "إن وكالة الاستخبارات الألمانية قد أدّت خدمات جليلة للولايات المتحدة الأمريكية أثناء حربها على العراق، وأنّها زوّدت القوات الأمريكية بمعلومات حساسة عن خطط دفاع الحرس الجمهوري العراقي عن العاصمة العراقية "بغداد" قبل شهر من اندلاع الحرب، وأن ضابط الاستخبارات الألماني الذي سلّم هذه المعلومات للأمريكان كان يلازم الجنرال تومي فرانكس قائد قوات الغزو في القاعدة الأمريكية بقطر "، ونشرت صحيفة (النيويورك تايمز) وثيقة ثبّتت تقديم ضابط المخابرات الألماني حوالي (25) تقريراً استخباراتياً عن وضع القوات العراقية في ذلك الوقت، مرفَقة برسوم وخرائط للخطط العراقية الدفاعية.
وهكذا فإن الموقف الألماني بخصوص معارضة الحرب لم يكن أكثر من موقف مطاط يستهدف خداع العراق والعرب من ناحية، والمشاركة السرية في الكعكة البترولية من ناحية أخرى.
وفي الحقيقة فالمسألة بالنسبة للمراقبين المحايدين الذين لم يتم برمجتهم أمريكياً وأوروبياً ليس مفاجأة؛ فالرئيس الفرنسي نفسه قال عندما تعاظمت المقاومة العراقية، وبات من الممكن هزيمة أمريكا في العراق: إنّه على الرغم من معارضته للحرب فإنه لا يحبّ أن يرى الغرب "وأمريكا" تنهزم هناك على يد المقاومة الإسلامية، وهو ما ردّده أيضاً وزير الخارجية الألماني هانز جينشر، وبديهي أن نفس الكلام، وأوضح منه قاله كل من توني بلير رئيس الوزراء البريطاني، وهنري كسنجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق الذي لخّص المسألة كلها بقوله: "إن خسارة أمريكا للحرب في العراق تعني ضياع جهود أربعة قرون على الغرب كله، وليس أمريكا وحدها".
إنّه الغرب كل الغرب وليست أمريكا وحدها .
المصدر: الإسلام اليوم