ماذا أفعل مع ابنتي الموهوبة؟

على الأسرة أن تنظرَ للطفل الموهوب نظرة شاملة، فلا يتمُّ التركيز على القدرات العقليَّة أو المواهب الإبداعيَّة المتميِّزة فقط، وعليها أن تعرِفَ أنَّ على الطفل الموهوب أنْ يُمارس أساليب الحياة العادية مثل غيره ممن هم في فِئته العُمرية، فقد نَظلم الطفل حين نَضَعه مع أطفال مختلفين معه في السنِّ، فلا يجد احتياجاته عندهم من اللعب والتفاعل.

  • التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة -

 

  • السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عزيزي المستشار، إليك سؤالي: لَدَي ابنة من عُمر سنتين وأنا أعلِّمها القراءة والكتابة والأرقام، فأصبَحَت في سنِّ الرابعة تُتقِن ما شاء الله القراءة والكتابة لبعض الأحرف، وتستطيع إخراج الأحرف من وسط الكلمة، وكذلك الأرقام، وحَفِظت معي القرآن حتى سورة الهُمَزة، هذا غير الأعمال الفنيَّة، مثل: بعض الأكلات، وبعض أنواع العصائر ما يناسب عُمرها، ثم بعد ذلك أدْخَلْتُها الروضة، وكانتْ مُتَميِّزة جدًّا عندهم ما شاء الله فعلَّموها منهج التمهيدي، فأصبَحَت تُجيد القاعدة النورانيَّة حتى الدرس السادس، ووصَلَت في القرآن حتى سورة الزلزلة، وكذلك أجادَت الكتابة والتلوين، وكتابة الكلمات المشبّكة وعلى السطر، وقراءة الكلمات القصيرة، فأحْبَبت الآن أن أُسَجِّلها في الصف الأول الابتدائي، لكن للأسف عُمرها القانوني لا يَسمح بذلك؛ لأن عُمرها عند بداية الدراسة لعام 1432هـ خمس سنوات ورُبُع، وهي سِنٌّ قانونيًّا غير مسموح بها للدراسة، فبَحَثت لها عن مستوًى تمهيدي أعلى من الذي درَسَتْه، فلم أجد، وتَعِبت من البحث، ولَم أصِل إلى نتيجة، ووالله إنني الآن في حزن شديدٍ، ولا أعلم ما الذي أفْعَله لها، كلَّمت مديرات لعدَّة مدارس، ورَفَضْنَ قَبولها، ولَم أجِد مَن يَسمعني، فما العمل الآن وأنا الآن على وشْك ولادة تَوْءَمٍ، وأخاف أن يَضيع عُمرها هباءً، وأنا أسكن في جدة، ولَم أجد للموهوبات مكانًا؟، دُلُّوني بارَك الله فيكم، وآسفة جدًّا على الإطالة.
     
  • الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختي الحبيبة، بداية أُهَنِّئك على رعايتك المتميزة لابنتك، ورُؤيتك لِمَلكاتها في سنٍّ مبكرة، وأُقدِّر خوفَك عليها وعلى عدم استمرارها بنفس المستوى الرائع الذي وفَّقكِ الله للوصول معها إليه.

    لكن أُذَكِّرك بأنه على الأسرة أن تنظرَ للطفل الموهوب نظرة شاملة، فلا يتمُّ التركيز على القدرات العقليَّة أو المواهب الإبداعيَّة المتميِّزة فقط، وعليها أن تعرِفَ أنَّ على الطفل الموهوب أنْ يُمارس أساليب الحياة العادية مثل غيره ممن هم في فِئته العُمرية.
    فقد نَظلم الطفل حين نَضَعه مع أطفال مختلفين معه في السنِّ، فلا يجد احتياجاته عندهم من اللعب والتفاعل.

    وهذا لا يعارض أبدًا رَغْبتنا في تنمية مواهبه للأفضل، والنهوض به ورعايته، فتَستطيع الأسرة توفير ما يحتاجه الموهوب من كُتبٍ وبرامجَ وأدوات، وزَرْع الثقة في داخله، والتفاعل مع الحضانة التي بها الطفل، من أجْل صَقْل موهبته، وبعد تفاعل الطفل في الحضانة مع مَن هم في مثل سنِّه، نستطيع أن ننمِّي له ما نتمنَّى من الذهاب معه إلى المكاتب العامة، أو مراكز رعاية الموهوبات، أو تعليمه الفنَّ، أو الرسمَ، أو الكمبيوتر، وغيرها.

    هناك برامج إثرائيَّة أقامَتها مؤسسة الملك عبدالعزيز لرعاية الموهوبين؛ لأنه من المهم ارتقاءُ الأطفال الموهوبين مع بعضهم في مثل هذه البرامج؛ لتنمية مواهبهم، ومساعدتهم بواسطة متخصِّصين في مجال موهبتهم.

    وأُذَكِّرك بأنه تقع المسؤولية الكبرى على الأسرة في رعاية الطفل الموهوب، ولكنَّ توفير مثل تلك البيئة التي تستوعب الخيال الجامح لأبنائنا وبناتنا الموهوبين داخل بيوتنا، يَستلزم الكثير من الجُهد والدَّأب.

    وإليكِ بعضَ الطرق التي على الآباء انتهاجها؛ لرعاية ودعْم مواهب أبنائهم:
  1. تشجيع حبِّ الاستطلاع والاستكشاف، والتجريب والخيال، والتساؤل والاختبار لَدَيهم، وتطوير المواهب الخلاَّقة.
  2. إتاحة الفرصة أمامهم؛ للتعبير عن أفكارهم، وطُرُق حلِّ المشكلات، والاستجابة البنَّاءة للتغييرات والضغوط.
  3. تهيئة الأطفال للتجارب الجديدة، ومساعدتهم في تطوير أساليب مُبتكرة للتفاعل مع تلك التجارب.
  4. البحث عن سُبُلٍ لتحويل السلوكيَّات المُنحرفة لَدَى هؤلاء الأطفال إلى سلوكيَّات بنَّاءة ومُفيدة، بدلاً من اتِّباع أسلوب العقاب في التعامل معهم.
  5. إيجاد طُرق مُبتكرة لحلِّ النِّزاعات والمشكلات التي تنشأ بين أفراد الأسرة، والصِّراعات التي تنشأ عن حاجاتهم.
  6. التأكُّد من أنَّ كلَّ واحدٍ من أفراد الأسرة، يأخذ نصيبَه العادل من الاهتمام والاحترام، وأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يأخذ دورَه المساوي للآخرين في الإسهام في رفاهية الأسرة.
  7. أن يكون للأسرة أهدافٌ والتزامات، وتشجيعها على ذلك.

    وأنصحك بقراءة كتب، أو على الإنترنت عن الأطفال الموهوبين؛ تفكيرهم، وكيفية التعامل معهم.
    ​وفَّقكِ الله وابنتك لكلِّ خير

    زينب مصطفى