الشك في الحق

عبد الكريم بن عبد الله الخضير

أنا رجل والحمد لله مستقيم محافظ على الصلاة في وقتها، ولكن -حفظكم الله- دائماً ما يخالجني أمر عظيم بيني وبين نفسي، وهو هل فعلاً هذا الإسلام هو الدين الحق؟ ولماذا كل من له علاقة بهذا الدين متخلف؟

  • التصنيفات: قضايا إسلامية -

أجاب عليها فضيلة الشيخ د.عبد الكريم الخضير التاريخ 11/1/1433 هـ

السؤال: أنا رجل والحمد لله مستقيم محافظ على الصلاة في وقتها، ولكن -حفظكم الله- دائماً ما يخالجني أمر عظيم بيني وبين نفسي، وهو هل فعلاً هذا الإسلام هو الدين الحق؟ ولماذا كل من له علاقة بهذا الدين متخلف؟ 

فحين نرى الدول التي تعتنقه تجدها أكثر الدول فقراً وتخلُّفاً، مع أنها تملك من الثروات ما الله به عليم، وحينا تجد الفرد لا يعتز بكونه مسلماً بعكس أفراد الديانات الأخرى، وخاصة اليهودية والنصرانية، وسؤالي -حفظكم الله- من شقين:

أولاً: هل أنا آثم من تردد هذه الوساوس بيني وبين نفسي؟ وكيف أتخلّص منها؟

ثانياً: هل الإسلام له دور في هذا التخلُّف أم لا؟

وجزاكم الله خيراً.

الجواب: 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهذه الوساوس إذا كانت مجرّد حديث نفس من غير كلام ولا عمل فلا مؤاخذة عليها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدَّثت به أنفسها، ما لم تتكلَّم به أو تعمل به» (أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه). 

لكن يجب على الإنسان أن يجاهد نفسه، ويسعى لطرد هذه الوساوس، ويُكثِر من ذكر الله عز وجل والالتجاء إليه سبحانه وتعالى، ويدعو الله عز وجل بأن يُحبِّب إليه الإيمان ويُزيّنه في قلبه، وأن يُكرِّه الله إليه الكفر والفسوق والعصيان وأهلها.

ويجب عليه أن يعتقد أن دين الإسلام هو دين الله الحق، الذي لا يقبل الله من أحد ديناً سواه، يقول الله تعالى: "{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85].

وما ذكر في السؤال من تخلُّف المسلمين فليس سببه الدين، بل سببه الحقيقي هو عدم الالتزام بهذا الدين؛ يقول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96].

فبركات السماء والأرض، ومنها: العلم النافع لا يعطيها الله تعالى إلا لأهل الإيمان والتقوى.

أما الكفار؛ فإنهم لما أخذوا بأسباب التقدم وعملوا وجدُّوا واجتهدوا في سبيل ذلك، أعطاهم الله تعالى ما عَمِلوا من أجله في الدنيا، أما في الآخرة فليس لهم عند الله إلا النار، كما جاءت بذلك الأدلة الشرعية.

ومن أسباب تخلُّف المسلمين كذلك تكالب الأعداء عليهم، وتآمرهم على الأمة بحرمانهم الحرية وأسباب التقدُّم، والمسلمون أنفسهم عليهم كِفلٌ من هذا التخلُّف، فهم السبب الحقيقي في ذلك؛ لبُعدِهم عن دين الله عز وجل وتحاكمهم إلى غيره، والانبهار بالأعداء وحضارتهم، وإلا فالإسلام دينٌ كاملٌ شامل لما يصلح أمور الدنيا والآخرة.

نسأل الله جل وعلا أن ينصر دينه ويُعلِي كلمته.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.