فن التدليس الذي حير إبليس
رضوان بن إبراهيم شكداني
لا ينبغي للمسلم أن يعيش ناقلاً للكلام بين الناس سواء كان ماينقله صحيحًا أو غير صحيح المهم عنده إشعال الفتن وتوسيع دائرة الشقاق بين المسلمين. ففي صحيح مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ماسمع».
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
هذه الشبكة العنكبوتية الإلكترونية (الإنترنت) ينشر فيها كل غث وسمين، كل صالح وطالح فعلى المسلم أن يكون ذا فطنة عالية فالمسلم كيِّس فطن، لا يَخدع ولا يُخدع، فإذا ما مرَّ على صفحاتها عرف من خلال المقروء مصداقيته من عدمها.
وقد وقع في مشكلة ومعضلة التدليس كثير من طلبة العلم اليوم فيقولون عبارات موهمة مؤولة تحتمل وجوه عن سابق قصد ونية بالتلبيس على الناس والتدليس على العامة. وتعد الشائعات والأراجيف والإتهام دون دليل، من أخطر الرذائل التي فشت بين بعض من يسمون أنفسهم دعاة، وأخطر مافي الشائعة سرعة انتشارها على يد الحاقدين الذين ملئت قلوبهم حقداً وكرهاً.
فتجد شخصًا يتهم غيره لمجرد خلاف فقهي أو فكري، والمهم عنده تشويه سمعته وصورته أمام الناس. وهناك من يتهم فقط لأنك لاتوافقه على مواقفه، فكم وقع هؤلاء في أعراض الناس واتهموهم بتهم خطيرة فقط لمجرد عدم الإتفاق. فتجد تلبسًا وخداعًا وقصًا ولصقًا وتغييرًا للسياقات وحذفًا وزيادات وهذا ما فعله بعضهم إذ نقل كلامًا عني بعضه كذب صراح والبعض الآخر وجهه في غير المقصود به لإيقاع الفتنة والمشي بالنميمة وإيغال الصدور بالحقد و توريث العدوان والصد. لهذا ينبغي التنبيه على أمور هي:
- نقل العلم أمانة، فكل من أراد النقل فليكن أميناً ويتثبت فيما ينقل وينسب القول لقائله دون تحريف لمضمونه.
-لا ينبغي للمسلم أن يعيش ناقلاً للكلام بين الناس سواء كان ماينقله صحيحًا أو غير صحيح المهم عنده إشعال الفتن وتوسيع دائرة الشقاق بين المسلمين. ففي صحيح مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « »
- لا يجوز لمسلم أن يتهم النيات، ويحكم على السرائر، فهذه علمها عند الله، الذي لا تخفى عليه خافية، ولا يغيب عنه سر ولا علانية.
- الفطن يميز بين خبر الفاسق وخبر العدل، ومن يفرق بين خبر عدل عن ندٍ له، أو عمن يحمل له حقدًا، وبين شهادة العدل المبرأة من حظ النفس، والظن لا يغني شيئًا، ومن يفرق بين خبرٍ دافعه التقوى، وخبر غرضه الفضيحة أو التشهير.
- حري بكل مسلم أن يرد الأخبار الأمر لأهلها فإما يصححون الخبر أو ينفونه ويبطلونه، لكن مثل هذه المعاني لايدركها إلا العاقلون.
- أسوأ مافي الإنسان أن يفكر بعقل غيره، أو يصبح نسخة طبق الأصل عن غيره، فتنطبق عليه القاعدة المنحرفة: أطفا سراج عقلك واتبعني.
فالمدلس ما دلس وما زيّف وما لبّس إلا لكي يقبل كلامه، فكان لزاماً رد كلامه وقوله وحديثه حتى نرى ونتبين، وذلك كي تكون العقوبة من جنس العمل.
والله أعلم