الدور المفقود للمدرسة

أبو الهيثم محمد درويش

في ظل انشغال ربّ الأسرة الدائم بالسعي على الرزق لكفاية أسرته في ظل ظروف اقتصاد عالمي مبني على رأس مالية لا تراعي إنسانية البشر... تترك الأسرة للمدرسة دور التنشأة التعليمية، بل والمفترض أن تساهم المدرسة أيضاً في التربية وتضرب فيها بسهمٍ كبير.

  • التصنيفات: قضايا الشباب - قضايا إسلامية معاصرة - المناهج الدراسية - الإسلام والعلم -

بسم الله الرحمن الرحيم

في ظل انشغال ربّ الأسرة الدائم بالسعي على الرزق لكفاية أسرته في ظل ظروف اقتصاد عالمي مبني على رأس مالية لا تراعي إنسانية البشر... تترك الأسرة للمدرسة دور التنشأة التعليمية، بل والمفترض أن تساهم المدرسة أيضاً في التربية وتضرب فيها بسهمٍ كبير.

إلا أننا للأسف؛ نلحظ الدور السلبي للمدرسة في مجال التربية فضلاً عن تأثر الأبناء بالسلوكيات الخاطئة لأقرانهم بالمؤسسات التعليمية بمراحلها المختلفة، مع عدم وجود المرشِد والموجِّه للسلوك الذي نلتمس فيه الصدق والإخلاص الكافي؛ للاضطلاع بالنهوض الأخلاقي للأبناء وتصحيح مساراتهم السلوكية -إلا من رحم الله وهم نادرون- مع افتقادها التدريجي للدور التعليمي أيضاً.

من هنا أصبحت المدرسة كمؤسسة تعليمية تحتاج من يصلح المسار المعوج لأبناءها، بل وتحتاج من يعالج آثار الانحراف أو السلبيات السلوكية التي يتشربها الأبناء من داخل المؤسسات التعليمية ذاتها، بداية من مراحل رياض الأطفال مروراً بالتعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي -فترة المراهقة الحرجة التي يتأثر فيها الطلاب بزملاء الدراسة أكثر من الآباء والأمهات، وفي الغالب لا يجدون من يُصحِّح ما يتلقونه من الزملاء- وصولاً إلى مرحلة الجامعة التي يتشكَّل فيها السلوك النهائي لمخرجات التعليم متمثلة في رجال ونساء المستقبل -والتي يسهل فيها تعرُّف الطالب أو الطالبة على قرين السوء الذي يؤثر على حياته المستقبلية أو حياتها المستقبلية، وبالتالي يؤثر سلبياً على مستقبل مجتمع بأثره؛ فتلك الثمرات التي ينتظرها المجتمع بشوق للاضطلاع بمهمة بناء الأمة وإصلاحها، وفيها يندر وجود من يُوجِّه أي سلوك سلبي بين الطلاب والطالبات، وبالتالي نشأت ظاهرة الإدمان بين طلاب الجامعات في بعض المجتمعات، وفي مجتمعات أخرى انتشر الزنا بين الطلاب والطالبات نتيجة الاختلاط في هذه المرحلة الحرجة، وسمَّوه بهتانًا بالزواج العرفي دون علم ولي الأمر، وفي سرية تامة وسط اشتعال الشهوة المجنونة بين الجنسين، دون وجود مصلح أو ناصح إلا أن يشاء الله شيئاً-.

هذه السلبيات؛ تؤثر بكل وضوح في المخرج التعليمي النهائي الذي يتمثل في شباب الأمة من الجنسين، فالتعليم العربي مخرجاته محرجة وهي تمثيل واقعي لتأخرنا العلمي والعملي، بل هي أيضاً -وللأسف- مؤشر قوي على مستقبل لا يعلمه إلا الله.

نحتاج لوقفةٍ جادة من مسئولي التربية والتعليم في مجتمعنا العربي للإصلاح العاجل للمنظومة التعليمية بالكامل، وإعطاءها الأولوية القصوى من الاهتمام؛ وإلا فأبشروا بمستقبل لن يُنتِج لنا إلا ما زرعت أيادينا من نبتٍ مشوَّه.

الدول التي تريد النمو والتقدُّم؛ تهتم بمواردها البشرية، ونحن محترفون في قتل المواهب، والفشل في بذر البذرة الصالحة والعناية بها... ثم نبكي عندما نجني الشوك.

أيها المحترمون: لا بد من وقفة جادة.




 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام