محاكم الغربان

أثبتت الدراسات العلمية في سلوك عالم الحيوان وجود ما يسمى بـ(محاكم الغربان)، وفيها تحاكم الغربان أي فرد يخرج على نظامها حسب قوانين العدالة الفطرية التي وضعها الله سبحانه وتعالى لها، ولكل جريمة عند الغربان عقوبتها الخاصة بها..!

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

ضرب الله مثلا لغراب يبحث في الأرض ليعلم الإنسان ما لم يعلم..
{فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة:31].

فلماذا خص الله تعالى الغربان بذلك:
أثبتت الدراسات العلمية في سلوك عالم الحيوان وجود ما يسمى بـ(محاكم الغربان).
وفيها تحاكم الغربان أي فرد يخرج على نظامها حسب قوانين العدالة الفطرية التي وضعها الله سبحانه وتعالى لها، ولكل جريمة عند الغربان عقوبتها الخاصة بها! فجريمة اغتصاب طعام الفراخ الصغار تقضي العقوبة: بأن تقوم مجموعة من الغربان بنتف ريش الغراب المعتدي، حتى يصبح عاجزًا عن الطيران كالفراخ الصغيرة قبل اكتمال نموها، وجريمة اغتصاب العش، أو هدمه: تكتفي محكمة الغربان بإلزام المعتدي ببناء عش جديد لصاحب العش المعتدى عليه..

وجريمة الاعتداء على أنثى غراب أخر: تقضي محكمة الغربان بقتل المعتدي ضربا بمناقيرها حتى الموت..!
وتنعقد المحكمة عادة في حقل من الحقول الزراعية، أو في أرض واسعة وتتجمع هيئة المحكمة في الوقت المحدد، ويجلب الغراب المتهم تحت حراسة مشددة، وتبدأ محاكمته فينكس رأسه ويخفض جناحيه، ويمسك عن النعيق اعترافًا بذنبه، فإذا صدر الحكم بالإعدام وثبت مجموعة من الغربان على المذنب توسعه تمزيقا بمناقيرها الحادة حتى يموت، وحينئذ يحمله أحد الغربان بمنقاره ليحفر له قبرًا على قدر جسده، ويضع فيه الغراب القتيل ثم يهيل عليه التراب احترامًا لحرمة الموت، وهكذا تقيم الغربان العدل الإلهي في الأرض، أفضل مما يقيمه كثير من بني البشر.

فيا من تدعون إقامة العدل: لا تكونوا أقل خشية لله من الغربان، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة:281]، فيا من حكمتم على شخص بالسجن 30 سنة لأنه سرق عبايه من محل ملابس، وحكمتم بالبراءة على قتلة الثوار في 25 يناير! وحكمتم بالسجن عامًا مع إيقاف التنفيذ لمن قتل 37 نفسًا في سيارة الترحيلات..

ويا من حكمتم  بالإعدام على (٥٢٩) من الثوار الأحرار في أغرب حكم في تاريخ القضاء بالعالم، في أقل من 10 دقائق بدون أدلة ولا فض للأحراز، ولا استماع للشهود ولا تأكد من أسماء المتهمين، ولا حضور المحامين ولا أهالي المتهمين، ولا حضور المتهمين أنفسهم رغم وجود 147 منهم في معتقلات الانقلاب، ومن المتهمين خمسة استشهدوا في رابعة، وثلاثة يعملون في السعودية منذ ثلاث سنوات، وبعضهم تم القبض عليه قبل حدوث هذه القضية من الأساس..! ويا من تحاكمون من في قبورهم، ومن في سجنون الصهاينة منذ سنوات، اتقوا الله يا ليتكم غربانًا تبحث في الأرض لتقيم العدل في الأرض وتواري السوءات.
 

إذا خان الأمير وكاتباه *** وقاضي الأرض داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل *** لقاضي الأرض من قاضي السماء


حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتهيئوا للعرض الأكبر: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة:18]، فإنه أهون عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وإنما شق الحساب على إناس أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة.

 

ماهر إبراهيم جعوان

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام