إساءة السويد وأزمة أمة

أبو الهيثم محمد درويش

فلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كفة كفة فقال ما شأنك يا زبير قال
سمعت أنك قتلت قال فما كنت صانعا قال أردت والله أن أستعرض أهل مكة
قال فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بخير

  • التصنيفات: العقيدة الإسلامية -


{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)} [الأنعام:112-113].

إساءة بعد إساءة وصفعة بعد صفعة, ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدفع ثمن ضعفنا, ويدفع ثمن خيانة حكام باعوا دينهم بدنياهم, وصفوة مثقفة نست ضمائرها, وشعوب دخلت في تيه لا نهاية له رسمه لها أعدائها.

الأمة في أزمة حقيقية, ولعل صفعات الأعداء المتكررة والتي لا حياء فيها ولا نهاية لها على ما يبدو حتى يفيق الرجل المريض, ويصحو الهزبر, وتدب العافية في جسد الأمة الواهن.

دول لا سمع لها ولا أي صوت على الساحة العالمية تمتهن الإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لتنال شهرة أو لترضي دوائر صهيونية, أو قل تدور في فلك الصهاينة آملة في نيل بعض فتاتهم, لينجح أبناء صهيون في إدارة حرب إعلامية وتسليحية, خلاف الحرب التحريضية التي تشنها أمريكا نيابة عنهم, لتكتمل الدوائر حول الأمة الإسلامية شديدة الوهن, ولترسم باقي خيوط الأزمة الطاحنة التي تمر بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

محمد صلى الله عليه وسلم شوكة قوية في حلوق أهل الكفر في كل زمن بعد ظهوره و ظهور رسالته عليه صلوات الله فعقيدته الواضحة الناصعة تقتل الشرك قتلاً في قلوب معتنقيه فلا تبقى لهم إلّا الجحود والمكابرة أو الدخول في دين الله أفواجاً, وكذا منهجه الواضح يزيل مناهج طواغيت الأرض بكل قوة ليرسي منهج ربّ السماء, فيثير في قلوب الطواغيت الحقد الدفين, فإمّا التنازل عن استعباد العباد والدخول في سعة الإسلام وعبادة ربّ العباد أو الاستئصال والمحاربة والتي إن لم تنجح في الدنيا فنار الآخرة أشد وأبقى.

ولمّا ضعف المسلمون ولم يجد الطواغيت من ينازلهم ويعيدهم إلى رشدهم عاثوا في الأرض فساداً, فجال طواغيت الغرب وعتوا في أرض الإسلام, وسلطوا طواغيت الشرق على أممهم فمنعوا الدعاة واعتقلوا الصالحين, ووالوا أسيادهم من جند إبليس وعادوا شعوبهم ممن ارتضوا الإسلام ديناً, وحسبنا الله ونعم الوكيل.

ولمّا اكتمل تكميم الأيدي والأفواه, دارت بالمسلمين الدوائر, وأصبحوا ألعوبة وأضحوكة, حتى طال الاستهزاء مؤسس الإسلام ومعلم التوحيد وخير أنبياء الله وخاتمهم بأبي هو وأمي صلوات ربّي وسلامه عليه, ليعلن هذا الاستهزاء أنّ مرض الأمة قد بلغ مداه, ولابد من التعجيل بالتصحيح والإفاقة فليس بعد هذا الضعف ضعف, وليس فوق هذا الهوان ذل, إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

قال صلى الله عليه وسلم : «الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة». قيل: لمن يا رسول الله؟ قال : «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» [رواه مسلم].

ومن هذه الوصية فتلك بعض رسائل لطوائف الأمّة عسى أن نخرج من هذا الدرس القاسي بثمرة وتصحيح مسار:

الرسالة الأولى : إلى زعماء الأمة الإسلامية :

بالله عليكم ألم تسمعوا عن أمير مملكة هي أكبر من ملك أكبركم, أمير حكم فعدل فأمن فنام, أما سمعتم عن أمير الدنيا ينام تحت ظل شجرة لا يخاف إلّا الله بعدما عدل في رعيته, أسألكم بالله أيستطيع أحدكم أن يفترش نعله وينام تحت ظل شجرة في أرضه؟؟؟؟

بالله عليكم ألا تسألوا أنفسكم ما الذي دعا اليهود و الدنمارك والفاتيكان والسويد والله أعلم بالبقية إلى هذا الاستهزاء وهذه الإهانات, وهل تعتقدوا أنّكم بمنأى عن الإهانة والله الذي لا إله إلّا هو إنّ سب رمز الأمّة وأنتم حماتها لهو أكبر صفعة على أقفيتكم, فهلا وقفتم وقفة لله ثم أمام أنفسكم ونويتم إصلاح المسار وتبييض الصحائف السود, أأمنتم مكر الله, أما فقدتم حبيب أو قريب وواريتموه التراب, فبالله عليكم أخبروني ماذا تعدون لسؤال الله عن أمانة في أعناقكم يا حماة الإسلام, وبالله عليكم ماذا تجيبون ربّكم إذا سألكم عن الأمانة وقد منعتم الدعاة واعتقلتم الصالحين وأكلتم أموال النّاس وكثير منكم انتهك الدماء الزكية بدلاً من الحفاظ عليها ليحافظ على كرسيه, فهل ستلاقوا ربّكم بكراسيكم, أبداً والله .... أبداً والله, أين أنتم وكراسيكم {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [ابراهيم:48], أين أنتم يوم يزول الملوك وينادي منادي السماء {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:16].

يا زعماء الإسلام أفيقوا من غفلتكم وغيكم وارجعوا إلى بارئكم وتوبوا إلى ربّكم فباب التوبة مفتوح حتى تغرغر الأنفس, ولو تاب فرعون لتاب الله عليه ولفتح صفحة جديدة ولكّنّه أبى إلى الكفر فاستحق الدرك الأسفل من النّار فسارعوا بالتوبة هداكم الله.

يا حكام الأمّة صالحوا ربّكم وحكموا شريعة نبيكم فهذه أفضل وسائل النصرة, أفسحوا الطريق للعلماء والدعاة الربانيين, وفكوا وثاق الصالحين المعتقلين, واجعلوا ولائكم لربّكم وقاطعوا المستهزئين, فإن أبيتم فأنتم وشأنكم أمام ربّكم, وأقل ما تصنعون من أجل فقط رجولتكم منع بضائع المستهزئين وطرد سفرائهم, حتى يقال فقط يحكم الشرق رجال !!!! فهل أنتم فاعلون؟؟؟؟؟

الرسالة الثانية : إلى العلماء والدعاة :

علماؤنا الكرام ومربونا الأفاضل ودعاتنا الأبرار, كفانا اختلاف ولنجتمع حول الأصول ولنترك تحريش الشيطان وراء ظهورنا, فلا ننكر أن لنا دور فيما يحدث بتكاسلنا, وتفرق كلمتنا, فلنجتمع لنعلم الأجيال القادمة من هو محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن تنالهم أيادي التشويه المتربصة حتى لا نكون سبباً في خيانة الأمانة والتفريط في الرسالة, فالجهد الجهد, والقطار سريع ولا وقت لبطيء أو متكاسل.

الرسالة الثالثة : إلى النواب الإسلاميين في مجالس النواب بمختلف الدول الإسلامية :

اخترتم هذا الطريق لإيصال كلمة الإسلام, وقد جاء دوركم بل أقول جاءت أقل وقفة إن لم تنصروا فيها نبيكم وتستصدروا مواقف جادة من حكوماتكم من مقاطعات وطرد سفراء حتى لا تتكرر الإهانات فلا خير في تواجدكم في أماكنكم هذه ولا أمل في مجالسكم يرتجى إلا أن تطلبوا دنيا فأنتم وشأنكم مع الله, هذا اختبار لكم أمام شعوبكم.

الرسالة الثالثة : إلى شباب الأمّة :

عن سعيد بن المسيب قال : " أول من سل سيفه في ذات الله الزبير بن العوام وبينما الزبير بن العوام قائل في شعب المطابخ إذ سمع نغمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل فخرج من البيت متجردا بيده السيف صلتا فلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كفة كفة فقال : «ما شأنك يا زبير», قال :سمعت أنك قتلت. قال : «فما كنت صانعا» , قال :أردت والله أن أستعرض أهل مكة. قال : فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بخير. قال سعيد : أرجو أن لا تضيع له عند الله عز وجل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ".

هذا شاب من شباب الإسلام خرج صادقاً في حرب بلدة بأكملها وحده من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم, أين أنت منه, وأين أنت من تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأين أنت من ترك المعاصي والتوبة إلى الله, أين أنت من القرآن, أين أنت من الدعوة, أين أنت من الأمر بالمعروف, أين أنت من إنكار المنكر, أين أنت من صلاتك ومن مسجدك, وأين أنت من الأمة ,,, أين أنت أين أنت,,
وأنت يافتاة الإسلام أين حجابك وأين عفافك, يامن نأمل أن يخرج منها جيل النصر والتمكين.

وأخيراً : لا أريد أن نختزل نصرة النبي صلى الله عليه وسلم في المقاطعة لبضائع القوم فحسب فالمقاطعة أقل القليل, بل ننصر نبينا بعودتنا لتطبيق شرعه والمطالبة به ونشر رسالته وبذل الغالي والثمين لإيصال دينه إلى أنحاء الأرض, وبذل ما نملك لتصحيح الأوضاع ورفع جبين الأمة.

والله المستعان

أبو الهيثم

محمد أبو الهيثم
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام