المُبذِّرة والحقيقة المؤلمة!
هناء بنت عبد العزيز الصنيع
- التصنيفات: فقه الملبس والزينة والترفيه - الواقع المعاصر -
تشتري حذاء بأربعة مائة ريال...! أي تضع تحت قدمها اليمنى مئتي ريال، وتحت قدمها اليسرى مئتي ريال وتمشي عليهما.. مالفرق؟!
وكثير من أخواتها المسلمات حافيات القدمين! بمبلغ حذاء واحد كانت تستطيع أن تشتري أحذية لثلاثين امرأة!
• تُلبِس أطفالها الصغار -الذين تتغيّر مقاساتهم سريعًا- ملابس ثمينة جدًا، شهر واحد أو شهران ثم لا تصلح... قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء من الآية:27]، أي: أشباههم في التبذير والسُّفه وارتكاب المعصية.
• ترتدي فستانًا باهظ الثمن لتحضر به مناسبة واحدة فقط، وأخرى بالكثير تلبسه ثلاث مرات وانتهت مدة صلاحية الفستان! هي لن تلبسه ليوم كامل بل لأربع ساعات أو تقل!
إنها مجموعة فساتين وليس فستانًا واحدًا، وليتها تستر على نفسها معصية التبذير وتسكت؛ بل تتحدَّث بين النساء -من باب الخُيلاء وحب المظاهر- بأن سعر فستانها كذا وكذا! بينما هناك من لا يجدون ملابس قديمة تُدفئ أطفالهم من البرد... بثمن فستان واحد لامرأة مُبذِّرة نستطيع كسوة ثلاثة أطفال كسوة الشتاء كاملة.
• تُغيِّر أثاث بيتها كل عام وهو ما زال جديدًا! فهي لا تدري ماذا تفعل بالمال الذي في يدها، ومن الخذلان أن ينسى الإنسان حق الله في ماله، وينسى أن بإمكانه أن يرتفع في الجنة درجات عالية إذا أنفق ماله في الخيرات والطاعات.
• تُسافِر إلى أقاصي الأرض، وتدفع في تلك الأسفار مبالغ كبيرة وتُبذِّر في الفنادق والمطاعم والأسواق، وإذا قيل لها: ألا تذهبين إلى بيت الله الحرام؟
تنهَّدت وقالت: "من أين ياحسرة؟ عليَّ ديون كثيرة الله يقضيها عني"...!
• تُقدِّم هدايا باهظة الثمن؛ ثم تتأوَّه وتتألَّم من الخسائر المادية التي لحِقت بها، وكان يمكنها أن تُقدِّم ما يُرضي ربها، وتكسَب به الأجور دون تبذير وحب للتفاخر وليقال فلانة هديتها أغلى من هدية فلانة، أو لتطلب بها مثلها أو أحسن منها، أو تُقدِّم هدايا لا يُقدِّمها إلا الأثرياء لترفع نفسها فتقع في مشاكل كبيرة، فما أفقرنا حينما تُصبِح الأموال بأيدي المُبذِّرات.
هل شعرتِ ماذا يفعل التبذير؟!
* يُسرِع بكِ إلى الفقر.
* يجعلك تُذلِّين نفسكِ للآخرين بطلب أموالهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « [تعالى] » (رواه البخاري).
* يُغرِقكِ في الديون، ويُعرِّضكِ للإهانة والمِنَّة والرد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (رواه مسلم).
* يجعلكِ هدفًا للحُسَّاد والحاقدين.
* تحملين آثامكِ وآثام من يُقلِّدكِ فيه.
لماذا نُبذِّر؟!
الفراغ، ضعف الإيمان، الشعور بالنقص، التقليد، كلها تدفع البعض للتبذير دون وعي.
عندما يملأ الإنسان حياته بما ينفعه، ويرفع حرارة إيمانه، ويعتزُّ بذاته؛ سيذهب التبذير أدراج الرياح.. ولن يبقى إلا تقليد الصالحين والصالحات والتوازن في الحياة.
المُبذِّرة والحقيقة المؤلمة:
إن الحقيقة المؤلمة للمُبذِّرة تتمثَّل في هذه الآية قال الله تعالى: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام من الآية:141].
من الفواجع أن تعرفي أن الله لا يُحبكِ... فهل هذا ما تسعين إليه في دنياكِ! هذه النهاية المفجعة المؤلمة؟!
إن ترككِ لكثير من التبذير مع قدرتكِ عليه؛ هو من علامات التقوى لعل الله أن يُحبكِ ويشملكِ برضاه.. فكِّري أن تنفقي أموالكِ فيما يُرضي ربكِ...
قال الشافعي رحمه الله: "التبذير هو إنفاق المال في غير حقه، ولا تبذير في عمل الخير".
إن المال يرفع صاحبه في الجنة درجات، أو ينزل به في النار دركات.. فأيهما تريدين؟
فالمال في يدكِ والخيار بيدكِ...