(10) الوقفة السابعة: التوقف عن حكم ما لم يعلموا حكمه

عبد العزيز بن محمد السدحان

  • التصنيفات: سير الصحابة -

إن من منهج الصحابة رضي الله عنهم ومواقفهم المشهورة أنهم وقّافون عن التصدر للفتوى وإصدار الأحكام عامة، وفيما لم يبلغهم فيه شيء من الوحي خاصة، وكان شعارهم رد العلم إلى الله ورسوله بقولهم: "الله ورسوله أعلم".

وفي خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ما تكلم أحد منهم؛ بل تركوا الأمر لكبارهم وعلمائهم، فما تكلم أحدٌ ولا خاض أحدٌ منهم؛ بل كانوا ينتظرون ماذا يقول كبارهم وعلماؤهم. فالقول قولهم، وهم أصحاب الإرشاد والفتيا ولا يتعدون كلامهم. وهم قد خرجوا عليهم بالنتيجة وهي أن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حقٌ لا ريب فيه. فماذا حدث؟ هل خالفوهم؟ بل تأدبوا معهم وأنصتوا لهم، لماذا؟ لأنهم تعلموا توقير كبارهم وعلمائهم فهم قدوتهم وهم أهل الحل والعقد، وهم أهل الشأن، فلماذا الكلام والتقدم عليهم؟؟

ولهذا نجد من الجناية والعجلة المذمومة أن يتسلق الإنسان سورًا ما يستطيعه إلا كبار أهل العلم، فيُحلل ويُحرم، ويُكفر ويٌفسق، ويُبدع ويَسُنّ، ولو سألته من قدوتك في ذلك؟ لكانت عاطفته الجياشة وتسرعه غير المنضبط!! ولا شك أن هذا من ضعف الديانة، ومن ضعف الوازع الإيماني؛ لأن صاحب الوازع الديني يحذر من أن يقول: هذا حرام، وهذا حلال، وهذا كذا... وهذا كذا...

فالقول على الله بغير علم من أعظم الشرك.. قد يقول بعضكم عجبًا: أليس الشرك أعظم ذنب؟!! بلى؛ ولكن الشرك متفرع من القول على الله بغير علم، فالحذر والتحذير من القول على الله بلا علم؛ قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33].

 

ملخص من كتاب: وقفات منهجية تربوية دعوية من سير الصحابة.