التربية الإسلامية سياج يقي الشباب من مخاطر المراهقة

أوضح الخبير النفسي والاجتماعي الدكتور محمد سمير عبد الفتاح؛ أستاذ علم النفس بكلية الآداب؛ جامعة المنيا؛ وعميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها في مصر؛ أن منهج التربية الإسلامية هو السياج الآمن والقوي والقادر على حماية الشباب من المخاطر التي يتعرض لها في فترة المراهقة، معتبِرًا أن أصل كل المشكلات التي يعاني منها المجتمع تتلخص في البعد عن الله، وأن حل كل المشكلات يكمن في كلمتين هما: "الدين والقيم".

  • التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة - تربية الأبناء في الإسلام - الندوات والمؤتمرات والحوارات -

أوضح الخبير النفسي والاجتماعي الدكتور محمد سمير عبد الفتاح؛ أستاذ علم النفس بكلية الآداب؛ جامعة المنيا؛ وعميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها في مصر؛ أن منهج التربية الإسلامية هو السياج الآمن والقوي والقادر على حماية الشباب من المخاطر التي يتعرض لها في فترة المراهقة، معتبِرًا أن أصل كل المشكلات التي يعاني منها المجتمع تتلخص في البعد عن الله، وأن حل كل المشكلات يكمن في كلمتين هما: "الدين والقيم".

وقال الخبير النفسي؛ الدكتور سمير عبد الفتاح في حوار خاص لـ"القسم التربوي" بموقع المسلم:

شباب الأمة هم رأس مالها؛ ولهذا فإن أعداء الأمة يخططون ليل نهار لإفساد القاعدة العريضة من شبابها، مشيرًا إلى أن ظاهرة التقليد الأعمى للغرب أحد أبرز المشكلات في ذلك العصر، وأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، غير أن غالب الآباء اليوم صاروا مشغولين عن أداء دورهم كموجهين ومرشدين لأبنائهم بالبحث عن لقمة العيش".

وأضاف عبد الفتاح صاحب المؤلفات العديدة في (علم النفس العام والصحة النفسية والإحصاء النفسي): "هناك العديد من الأساليب التربوية المعتمدة؛ منها على سبيل المثالك أسلوب الثواب والعقاب؛ والذي يقوي السلوك بالثواب ويكفه بالعقاب، وأسلوب الترغيب والترهيب؛ وهو أسلوب تربوي معتمد أشار إليه القرآن في غير ما موضع؛ وجربه الخبراء والمربون"؛ معتبرًا أنه "توجد فروق فردية بين الأبناء؛ فمن يصلح معه الترغيب قد لا يصلح معه الترهيب، فضلًا عن القاعدة النفسية التي تؤكد على أن كل ممنوع مرغوب".

مزيد من التفاصيل في الحوار التالي:

في ظل هذا الكم الهائل من المؤثرات المحيطة بنا، ما هي -في نظرك- وسائل التربية الصحيحة للأبناء؛ والتي يمكن أن تجنبنا مساوئ هذه المؤثرات؟

نحن نعيش في عصر ما يسمى بـ"الانفجار المعرفي" أو "الثورة المعلوماتية" أو "العولمة" أو "الكوكبة"، وذلك لما فيه من معارف عديدة، ومتصارعة، ومتزايدة، نتلقاها ويتلقاها أبناؤنا بما فيها من عيوب ومميزات، وهذه المعارف محملة بالعديد من السلبيات التي قد يقع الأبناء في فخاخها بسهولة، متجرعين سمها دون وعي منهم، ولهم العذر كل العذر؛ فالمسئولية ليست على عاتقهم وحدهم، فكان الله في عونهم وعوننا.

ومن هذه المؤثرات ظهور ألعاب الكمبيوتر، وانتشار الإنترنت؛ وهو ما أثر بشكل سلبي على الأبناء؛ سواء على المستوى الجسمي أو العملي أو الروحي أو الاجتماعي، فعلى المستوى الجسمي؛ قُتلت حركة الجسم، ومُنع من أداء وظائفه التي شرعها الله له، مقتصرين على الأداء العقلي فقط، حيث يجلس الأبناء بالساعات، ساعة تلو الأخرى حتى ينتهي يوم كامل دونما أكل جيد أو شرب كاف، أو حركة رشيقة لأعضاء الجسم، أو نوم تستريح به الأبدان.

أما على المستوى العملي فيتمثل في إضاعة الوقت وهدر المال، والإخفاق في عمل الواجبات المكلف بها، وعدم استذكار الدروس، كما تؤثر هذه المؤثرات بشكل سلبي على الجانب الروحي فيفقد الإنسان علاقته بربه تاركًا صلاته، وقرآنه، وذكره، ومجالس العلم.

وعلى المستوى الاجتماعي تنقطع الصلات بين الآباء والأبناء، ويقل إن لم يندر الحوار بينهم؛ مما يؤدي إلى اللامبالاة والعدوان والعنف، وتتقطع صلة الأرحام لعدم التزاور أو السؤال عنهم.

ولكن.. ألا يمكن لأولياء الأمور أن يتصدوا لهذه السلبيات فيوقفوها ويحولها إلى إيجابيات؟

بلى.. فإنه يجب على أولياء الأمور أن يجتهدوا لتحويل تلك السلبيات إلى إيجابيات، وذلك من خلال عدة جوانب هي:

أولًا: الاهتمام بتعليم الأبناء، سواء كان تعليمًا مباشرًا؛ وهو الذي يتم في المدرسة والجامعة والمؤسسات التعليمية، أو تعليمًا غير مباشر كالخبرات التي يكتسبها الأبناء من البيئة المحيطة بهم، وإن الأكثر تأثيرًا هو التعليم غير المباشر الذي يبدأ منذ الميلاد، فقد أكدت الأبحاث العلمية الحديثة أن الخمس سنوات الأولى من عمر الطفل هي أساس سلوكه وتعاملاته في المستقبل حيث يتم إعادة ما تعلمه من سلوكيات في الخمس سنوات الأولى بعد سن الواحد وعشرين عامًا سواءً كان إيجابيًا أو سلبيًا، وهذا ما يؤكده القول بأن "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر"، لذا يجب علينا أن نهتم بتلك المرحلة كي نخرج شبابًا قادرًا على مواجهة ما يقابله من مؤثرات، قادرًا على تمييز الصواب من الخطأ، والغث من الثمين، وإلا سيجد نفسه فارغًا خاويًا لا يملك سلاحًا، ولا يرى معايير ثابتة لديه يرتكز إليها.

ثانيًا: المشاركة من قبل الوالدين للأبناء، فلا نجعلهم معتمدين بشكل رئيسي على الوالدين، بل يجب ان نعود الشاب على المشاركة؛ كي يكتسب تلك القيمة ويمارسها في كبره وكي يتحمل مسؤولية نواتج أفعاله، وأن يكون قادرًا على مواجهة مشكلاته. وتتمثل المشاركة أيضًا في مجالسة الآباء للأبناء أمام الكمبيوتر أو الإنترنت وتعليمهم الصواب والخطأ، وتعريفهم ببعض المواقع المفيدة وكيفية الاستفادة منها، في تعلم ما هو جديد، وهذا يتطلب أن يكون الأب على وعي وعلم بذلك.

ثالثًا: مراعاة النظام والتنظيم من قبل الوالدين لأوقات الأبناء، فيتم تحديد أوقات معينة للعب وثانية للراحة وثالثة للاستذكار ورابعة للعبادة، ملتزمين بكل جانب دون إهمال لأحدهم على حساب الآخر.

رابعًا: خلق علاقة ودودة بين الوالدين والأبناء، فلكي يتقبل الأبناء نصائح آبائهم لابد أن تربطهم علاقة ود ومحبة بهم، لأن هناك قاعدة نفسية تقول بأن "كل ممنوع مرغوب"، فالنهي والإجبار واستخدام السلطة ليس حلًا لكي تعين أبناءك على مواجهة مؤثرات البيئة.

خامسًا: استخدام أسلوب الترغيب والترهيب ولا بد أن يعرف الآباء أي الأسلوبين يناسب ابنهما، حيث توجد فروق فردية بين الأبناء فما يصلح معه الترغيب قد لا يصلح معه الترهيب، وهذا يدفعنا للحديث عما يسمى "بميكانزمات الدفاع" وهو مصطلح نفسي يقصد به الحيل التي يلجأ إليها الأبناء لتبرير أخطائهم، وهو الطريقة التي يفكر الولد بها، لذا يجب على الآباء أن يكتشفوا ميكانزم الدفاع عند أبنائهم وطريقة تفكيرهم كي يستطيعون التعامل معهم، هل يتعامل بأسلوب المخالفة في الرأي فتقول له شمالًا يقول لك يمينًا، وهنا عليك ألا تأمر بل تحلل المواقف وإبراز ما بها من سلبيات، وأخطاء، فمن خلال الخطأ نصل للصواب.

سادسًا: استخدام الثواب والعقاب: وذلك لكف وتقوية السلوك؛ فيقوى السلوك بالثواب ويكف بالعقاب، ولا نقصد بالعقاب الضرب والإهانة إنما نقصد الاعتراف بالخطأ، كمنعه من دفع اشتراك الرحلة المدرسية كعقاب له على ما فعل، وهنا يجب أن نذكر أمرًا ضروريًا؛ وهو أن يكون العقاب من وجهة نظر الأبناء ليس من وجهة نظر الآباء، لأن ما يعتبره الآباء عقابًا قد لا يعتبره الأبناء كذلك، كطرد تلميذ مشاغب من الفصل يشعره بالسعادة، ويحاول أن يطرد كل حصة؛ كما يجب أن يكون العقاب سريعًا عقب الخطأ مباشرة كي يؤتي ثماره بشكل جيد.

فمِن خلال تلك الجوانب نستطيع أن نقدم جيلًا قادِرًا على مواجهة ما يعرض عليه من معارف ومثيرات، ويحدد قيمة كل منها وأهميتها بالنسبة له.

إذا انتقلنا إلى مرحلة من أخطر المرحل التي يمرُّ بها الناشئ ألا وهي مرحلة المراهقة، ما هي -في نظرك- آليات التعامل مع هذه المرحلة الحرجة؟ وكيف نستطيع توجيه وتقويم أبناءنا الشباب في هذه المرحلة؟

تعد مرحلة المراهقة بالفعل من أخطر مراحل النضج لدى الإنسان، وفيها يحدث نوعان من النضج، النضج الجنسي والنضج النفسي، أما النضج الجنسي فيتمثل في الاكتمال البيولوجي للذكر والأنثى، أما الاكتمال النفسي فيتمثل في نظرة المراهق لنفسه على أنه قد كبر؛ فإما أن أكون أو لا أكون، لذا يشعر بنوع من التخبط والتشتت في الأفكار، والصراع ما بين الغريزة المتأججة والقيم والعادات، وخاصة وأن قوة الغريزة يقابلها ضعف في التفكير، فالعلاقة بين الغريزة والتفكير علاقة عكسية.

هنا يجب أن ننوه إلى أن هناك ما يسمى بالبلوغ وما يسمى بالمراهقة، فالبلوغ يحدث أولًا ثم تحدث المراهقة؛ وقد تستغرق المراهقة سنة أو اثنين أو ثلاثة.

والواضح مما ذكرنا خطورة تلك المرحلة والتي تحتم علينا إتباع آليات للتعامل معها، وسلك سبل تعين المراهق على تخطي تلك المرحلة دون خسائر.

وما هي هذه الآليات والسبل التي يجب اتباعها لإعانة المراهق على تخطي تلك المرحلة؟

هذه الآليات وتلك السبل تتمثل في المحاور الآتية:

أولًا: إتباع الأسلوب الديني في معاملة المراهقين: يجب على الآباء إتباع الأسلوب الديني في معاملة المراهقين وتعليمهم إيَّاه، وتحفيزهم على أن يسلكوه، كي يجدون مرجعًا يستندون إليه في حكمهم على أفعالهم، ليحددوا ويميزوا الصواب من الخطأ.

ثانيًا: المصاحبة: فعلى الوالدين مصاحبة المراهق؛ فقد روي عن بعض السلف الصالح قولهم: "لاعب ابنك سبعًا، وأدبه سبعًا، وآخه سبعًا، ثم ألقِ حبله على غاربه"، وهذا أكبر ما يعيبنا في الوقت الحاضر أننا نريد أن نصاحب أبناءنا لكننا لا نعرف كيف نصاحبهم، وهذا ما يجعل المراهقين مصرين على مصاحبة الآخرين، وقضاء أكبر وقت معهم، واعتبار آرائهم هي الصواب.

ثالثًا: المناقشة: ويقصد بها المناقشة البناءة؛ البعيدة عن الانفعالات والتوترات والأمر والنهي، المناقشة القائمة على التحليل والتعليل والتصويب.

رابعًا: العمل واللعب: فيتم تقسيم الوقت بين العمل لأهميته وضرورته، واللعب الذي يغفل الكثير منا دوره في حياة المراهقين، وسواء هذا أو ذاك فبهما ينشغل المراهق عن مشكلات المراهقة، وهذا ما أكدته الدراسات الحديثة من أن أبناء البدو والصحراء لا يشعرون بفترة المراهقة حيث طبيعتهم الصحراوية القاسية.

خامسًا: قضية الحب! قضية حب الجنس الآخر من أخطر ما يواجه المراهق، ومن أهم ما يشغل فكره، لذا يجب على الوالدين مناقشة تلك القضية على اعتبار أنها ليست ذنب أو شيء محرم، ويتم مناقشتها مع المراهق في إطار أن الحب بين الناس هبة من الله لتتواد الناس فيما بينها، وحب الجنس الآخر يجب أن يتم في إطار من العلاقات السليمة المشروعة، وهذه العلاقة المشروعة تأتي في مرحلة لاحقة ليست الآن في ذاك الوقت، فيتم مناقشة ذلك مستخدمًا أسلوب الإقناع.

ومن خلال تلك الآليات يستطيع الأب وتستطيع الأم أن يقدم ابنه، وتقدم ابنتها لمرحلة الشباب دون خوف عليهما، حيث يكون الدين سياجًا آمنًا قويًا لهم.

انتشرت بين شبابنا ظاهرة تقليد الغرب في بعض المظاهر الشكلية: المأكل (التيك آواي) والمشرب، والملبس؛ فما نصيحتكم للشباب بخصوص فكرة التقليد عمومًا؟؛ وماذا يجب أن نقلد؟

يوجد نظرية في التعلم تسمى بالنظرية الاجتماعية، هذه النظرية تبنت فكرة التقليد؛ حيث أن الإنسان يقلد الآخرين من حوله، فيقلد والديه وأصحابه ومعلميه ونماذج المجتمع المشهورة، ولكن تعتمد فكرة التقليد على مبدأ أساسي ألا وهو "قوة النموذج" التي جذبت انتباه الفرد تجاه هذا النموذج، فالإنسان يحيط به الكثير من الأشياء لكنه ينتبه إلى أكثرها قوة، كأن ينتبه إلى صوت صراخ مثلًا، وبعد أن ينتبه الفرد للنموذج يحتفظ بالمعلومات التي اكتسبها منه، ثم يبدأ في تقليدها.

وتعد ظاهرة التقليد الأعمى للغرب أحد أبرز المشكلات في ذلك العصر، حيث يقلدون الغرب في المأكل (التيك آواي) والمشرب، والملبس؛ لذا فإنني أنصح الأبناء في مقتبل العمر بالآتي:

أولًا: الحذر؛ فعليهم أن يحذروا مما يقلدون فيه الغرب، وأن يفسروا ويحللوا ما يرونه من أشياء وظواهر قبل أن يقلدوها.

ثانيًا: الرجوع إلى منظومة الدين والقيم والعادات والتقاليد؛ إذا كانت تتفق مع ما نقلده فلا مانع، أما إن كان ما نقلده مرغوبًا عنه فلا يلقي له بالًا.

أما عما يجب أن نقلده فأريدكم أن تعرفوا أبنائي الأعزاء أن للغرب نماذج مشرفة متقدمة في العلم والتكنولوجيا، علماء وصلوا إلى فضاء العلم، ولديهم من الصفات التي تحترم ونقدر كاحترام الوقت واحترام النفس والاهتمام بالعمل.

وبماذا تنصح أولياء الأمور من الآباء والأمهات والمربين؟

أتوجه بالنصح للآباء والأمهات والمربين بضرورة الاهتمام بما يلي:

أولًا: الملاحظة المستمرة للأبناء: فأي تغير يحدث للأبناء لا بد وأن يقلق الآباء، فيبدأ بملاحظة ابنه دون أن يشعر ليجمع معلومات عنه.

ثانيًا: مناقشة الأبناء فيما يقلدون: فنقول لهم أن من يلبس حلق في أذنه اليسرى ليس برجل، وتوجيه نصائح لهم بطريق غير مباشر، كأن أتحدث عن إيجابيات شخص ما ليتعلم هو منها ويقتدي بها ويحاول تقليدها.

ثالثًا: توفير النماذج القدوة أمام الأبناء: سواء من خلال الوالدين أو من خلال نماذج المجتمع فيتمثل في القدوة من جانب الوالدين للأبناء والتي هي من أشكال التعليم غير المباشر، حيث يقتدي الولد بأبيه والبنت بأمها، فيرى الأبناء سلوكيات والديهم مع الآخرين ويقلدوها؛ فيتعلم الصدق إن كان الوالدين صادقين.

رابعًا: وضع مفاهيم جديدة للتعامل مع العصر، وعرض الموضوعات بشكل إيجابي.

من الظواهر السيئة التي أصابت المجتمع المصري والعربي ظاهرة "التحرش الجنسي".. فما هي برأيك أهم الأسباب التي أدت لبروز مثل هذه الظواهر؟

يوجد قاعدة نفسية هامة، وقانون وضعه الله في بني البشر، ألا وهو "الفروق الفردية" فلا يوجد اثنان على وجه الأرض متشابهان، فكل شخص له بصمة تختلف عن أي شخص آخر في العالم، والحمض النووي للفرد يختلف عن غيره من الأفراد في العالم أجمع، فإذا كان هناك إجماع على وجود فروق فبالأحرى وجود فروق بين الأفراد في الغريزة.

ويؤكد علماء النفس أن اختلاف الأفراد في الصفة ولتكن "التحرش الجنسي" أو أي صفة أخرى يمثل على منحنى يسمى بالمنحنى الجرسي، بحيث يكون الغالبية العظمى ممن يكونوا "متوسطي الغريزة" وهي تقدر بنسبة (70%)، أما الباقين وهي نسبة (30%) فتنقسم نصفين (15%) "منخفضي الغريزة"، (15%) "مرتفعي الغريزة" والتي تكون سبب في مشكلة التحرش الجنسي، وهذه نسبة يمكن التعامل معها وعلاجها.

وقد أكد الجهاز المركزي للمحاسبات على ارتفاع نسبة التحرش الجنسي في مصر، ولكن أود أن ألفت الانتباه إلى أسباب هذا التحرش، والتي تتمثل في:

• أن التحرش ليس نابعًا من الشباب فقط إنما ينبع أيضًا من الفتيات، فكما أن لبعض الشباب غريزة متأججة، فإن لبعض الفتيات أيضًا غريزة متأججة، فهي مسئولية مشتركة بين الجنسين.

• انحطاط القيم الاجتماعية، وإهمال الدين في تعليمنا.

• الملابس العارية من بعض الفتيات في الشوارع، ضاربين بمشاعر الشباب عرض الحائط.

• اختفاء الضبط الأسري، والرقابة للفتيات والشباب.

• انتشار الإنترنت وما به مثيرات للغرائز تدفعه تجاه هذا التحرش.

• الأفلام التي تذاع عبر التلفزيون والستاليت وما بها من مشاهد خارجة تثير الشباب.

وما هي سبل وخطوات العلاج من ظاهرة التحرش الجنسي؟

أرى أن يتم اكتشاف وتحديد الشباب "مرتفعي الغريزة"؛ وذلك من قبل الوالدين والمربين، والتعامل معهم عن طريق:

• الاهتمام بمنظومة الدين والقيم والعادات الطيبة والتقاليد السليمة.

• العلاج العقلاني بالحوار والنقاش بين الشباب دون الاتهام.

• إبعاد المثيرات الغرائزية عن طريقهم.

• ضبط الآباء للمنازل ومراقبته لبناته من حيث الملبس والحركات وطريقة الحوار، فإن كان بها ما يخرج عن إطار العادة فيقومه ويصلح اعوجاجه.

• على الأمهات إعطاء تعليمات للبنات بالحرص على أنفسهن، وضبط النفس في الطريق.

• الصوم لمن لم يستطع، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (أخرجه البخاري ومسلم في باب النكاح).

• لا يوجد ما يسمى بالحرية المطلقة؛ فالحرية في الإسلام هي حرية مسئولة؛ لها حدود تتمثل في العادات والتقاليد والدين.

- تشير الإحصاءات إلى زيادة أعداد المطلقات في المجتمع المصري خاصة والعربي عامة، فما هي في تقديرك الأسباب لتي أدت إلى ذلك؟ وكيف يمكننا الحد منها؟

تعد ظاهرة الطلاق من الظواهر التي يعاني منها المجتمع المصري والعربي؛ حيث بلغت نسبة المطلقات في مصر (4) مليون حالة طلاق، و(5) مليون حالة خلع، كما تشير الإحصاءات إلى أن نسبة الطلاق في مصر تتراوح بين (30%- 50%) في السنة الأولى من الزواج، وهذا يرجع إلى سوء الاختيار من البداية، وعدم وجود القناعة والرضا من قبل الزوجة، وارتفاع القيم المادة عن القيم الاجتماعية، عدم وجود معايير ثابتة للثواب والعقاب في المجتمع.

كما قد يرجع إلى فارق السن المرتفع أو المنخفض بين الزوجين، ويخطئ من يرجع هذه الظاهرة إلى الحالة الاقتصادية المنخفضة، فلا يوجد علاقة بين انخفاض الحالة الاقتصادية والطلاق حيث كان النساء في القديم يعيشون على أقل القليل، لكنهم كانوا يملكون الرضا والقناعة.

لذا أرى أنه يمكن الحد من تلك الظاهرة عن طريق المستوى الشخصي والمستوى الأسري والمستوى الاجتماعي؛ ففي المستوى الشخصي: عن طريق ما يسمى "بالتكامل البيولوجي" أو التوافق؛ وهو اختيار من تتوافق معك سلوكيًا ودينيًا وتعليميًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وفي المستوى الأسري: هو أن تعلم الأمهات بناتهن القناعة والرضا، وأخيرًا.. يأتي دور المجتمع في وضع معايير ثابتة للثواب والعقاب، والإعلاء من القيم الاجتماعية.

أضحت العنوسة غولا شرسًا يهدد مجتمعاتنا العربية.. فما هي أسباب انتشار هذه الظاهرة؟ وما هي روشتة العلاج المقترحة؟

العنوسة نتيجة منطقية لكل إفرازات المجتمع ومشكلاته وقضاياه، وترجع العنوسة إلى عدة أسباب، منها:
1- ضعف الحالة المادية.

2- المغالاة في طلب المهور، فلا يوجد توازن بين العرض والطلب، وبالتالي تفشل محاولات إتمام الزواج.

3- خوف الشباب من الفتيات وماضيها، وشكوكه حول ما إذا كان لها ماض أم لا، فانعدمت الثقة تجاه الفتيات، حيث يفكر كل شاب أن كل فتاة كان لها علاقة غرامية ماضية، فأي مشاعر هذه التي ستكون أسرة.

4- ومن الأسباب أيضًا أن شباب اليوم غير قادر على تحمل المسؤولية، ولا يفهم معنى إقامة علاقة طيبة، فهو جيل -للأسف- يهتم بالفياجرا والعلاقات الجنسية أكثر من اهتمامه ببناء أسرة مسلمة.

وروشتة العلاج من وجهة نظري تتلخص في: بث روح التيسير بين أولياء الأمور؛ مؤكدين لهم أن من عسر في زواج فقد يسر في زنا، وعليه فالواجب الرأفة في المطالب والمهور، فضلًا عن بث روح العمل وبذل الجهد بين الشباب والاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية ليستطيع التقدُّم إلى زوجة يقبلها وتقبله.

تشير الدراسات إلى زيادة كبيرة وملحوظة في حالات الزواج العرفي بين شباب الجامعات بل وتلاميذ المدارس الثانوية.. فما أسباب بروز هذه الظاهرة؟

أكدت الإحصاءات أن نسبة الزواج العرفي داخل المكاتب الحكومية في مصر بلغت (70) ألف حالة، فقد أصبح الجنس هو وسيلة المجتمع وليست القيم، وهو نوع من ممارسة الجنس بشكل مقنع، وليت الأمر توقف عند هذا الحد لكنه انتقل إلى شباب الجامعات وطلاب المدارس الثانوية، وانتقاله هذه المرة ليس نابعًا من هؤلاء الشباب إنما نابع من عوامل أخرى خارجية.

أولها: ورئيسها وأساس في كل ما بعدها اهتمام الغرب بإفساد المجتمع العربي والإسلامي، حيث قاعدته العريضة من الشباب؛ فمصر تمتلك مصر أكثر من (40) مليون شاب، تسعى الأفكار والمؤثرات الغربية إلى تدمير عقولهم؛ غارسة فيهم هذه المضللات.

وثانيها: خروج المرأة وإهمالها لأبنائها، وانشغال الرجل عن أداء دوره كموجه ومرشد بالبحث عن لقمة العيش.

وثالثها: الإعلام ودوره الفقير في التوعية بمخاطر تلك الظواهر.

ورابعها: إعطاء الأبناء الحرية في تصرفاتهم دون مشاركتهم ولو بالرأي أو تقديم النصيحة، لذا سيختار الشاب الفجور، حيث أنه مقدم على التقوى؛ وِفقًا لقول الله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا . قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} [الشمس:7-10].

وما هي في تقديركم الحلول المقترحة لتلك المشكلة؟

يبدأ علاج تلك المشكلة بإرساء القيم والتعاليم الدينية في كل جوانب الحياة، وفي كل مكان؛ بداية من الأسرة ومرورًا بالشارع والمؤسسات التعليمية، كما يجب أن يكون للإعلام دور رائد في مناقشة تلك الظاهرة، ودور أكثر ريادة في التوعية من مخاطرها وعقباتها التي لا تحمد ببث أفلام تناقش ذلك، وأيضًا اهتمام الأسر بالأبناء ومشاركتهم لهم ولو بالرأي والمشورة، وأخيرًا الدور الهم والأكبر وهو دور الدول والحكومات في عمل مشروعات اقتصادية كبرى يعمل فيها الشباب في وقت فراغهم؛ يفرغون طاقاتهم فيها بدلًا من الانشغال بالجنس والغريزة.

وأخيرًا: وبعد ما ذكرنا من أمراض وعلل في المجتمع تصيبه في قلبه في شبابه، أرى السبب الرئيسي يكمن في كلمتين هما "التفسخ الأسري" بكل ما يحمل من معنى سواء على المستوى الضيق أو المستوى الواسع، كما أرى أيضًا أن الحل لكل تلك المشكلات يكمن في كلمتين هما "الدين والقيم" مما يساهم في خلق بيئة مجتمعية سوية نقية، خصبة يخرج نباتها مترعرعًا زاهرًا، لذا علينا أن نعود إلى ما كان عليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في حياته.
 

"همة برس" - خاص بالمسلم