صور علو الهمة

مظاهر وصور علو الهمة كثيرة جدًّا؛ فالأعمال الجادة كلها تحتاج إلى علو الهمة، وسنتحدث عن بعض مظاهر علو الهمة وهي كالتالي:

  • التصنيفات: موضوعات متنوعة -

مظاهر وصور علو الهمة كثيرة جدًّا؛ فالأعمال الجادة كلها تحتاج إلى علو الهمة، وسنتحدث عن بعض مظاهر علو الهمة وهي كالتالي:


1- علو الهمة في طلب العلم:
من مظاهر علو الهمة: الاجتهاد في طلب العلم؛ والجد والمثابرة في تحصيله وإن من أعظم ما يعين على علو الهمة في طلب العلم مطالعة ما أعده الله عزَّ وجلَّ لطالب العلم والعلماء.


قال الشوكاني في الحثِّ على علو الهمة في طلب العلم: "فإنَّ الله سبحانه قد قرن العلماء في كتابه بنفسه وملائكته فقال: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران:18].
وقصر الخشية له التي هي سبب الفوز لديه عليهم فقال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28].
وأخبر عباده بأنه يرفع علماء أمته درجات فقال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11] وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن العلماء ورثة الأنبياء.
وناهيك بهذه المزية الجليلة، والمنقبة النبيلة، فأكرم بنفس تطلب غاية المطالب في أشرف المكاسب، وأحبب برجل أراد من الفضائل ما لا تدانيه فضيلة، ولا تساميه منقبة، ولا تقاربه مكرمة" (أدب الطلب ومنتهى الأدب: [128]).


كذلك مطالعة أحوال السلف، وعلو همتهم في التعلم والتعليم، والقراءة والإقراء والتصنيف، والرحلة في طلب العلم، والسهر في المذاكرة، والتعرض للأخطار، ومعاناة الجوع والمرض في سبيله، والضن بالوقت أن يضيع في غير تحصيل فائدة، أو الوقوف على نكتة علمية، إلى غير ذلك من صور علو همتهم في طلب العلم.


2- علو الهمة في الدعوة إلى الله:
من مظاهر علو الهمة: الدعوة إلى الله؛ فالمسلم يدعو إلى الله سبحانه وتعالى بما علم. قال صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية» (رواه البخاري: [3461])، والداعية إلى الله سبحانه وتعالى همه هداية الناس، ودعوتهم إلى الحق، فيقوم ببذل نفسه في سبيل الدعوة إلى الله، قال ابن حزم: "لا تبذل نفسك إلا فيما هو أعلى منها، وليس ذلك إلا في ذات الله عز وجل في دعاء إلى حقٍّ، وفي حماية الحريم، وفي دفع هوان لم يوجبه عليك خالقك تعالى، وفي نصر مظلوم، وباذل نفسه في عرض دنيا، كبائع الياقوت بالحصى" (مداواة النفوس لابن حزم: [16])، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته، وسلف الأمة، القدوة الحسنة، فقد بذلوا كل غال ونفيس في سبيل الدعوة إلى الله.


3- علو الهمة في الجهاد في سبيل الله:
من مظاهر علو الهمة الاندفاع إلى الجهاد في سبيل الله؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خير معاش الناس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة "الهيعة: الصوت الذي تفزع منه وتخافه من عدو". (النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير: [5/288])، أو فزعة  "الفزع: هو الذعر، والإفزاع، الإخافة، ويقال فزعه، أي أخافه". انظر: (مختار الصحاح للرازي: [239]). طار عليه يبتغى القتل والموت مظانه...» (رواه مسلم: [1889])، والمواقف من حياة الصحابة والسلف كثيرة في بيان جهادهم في سبيل الله، وما بذلوه من تضحيات من أجل هذا الدين.


4- علو الهمة في العبادة:
من مظاهر علو الهمة: الجد والاجتهاد في عبادة الله سبحانه وتعالى، والاستقامة على دينه و "لقد فقه سلفنا الصالحون عن الله أمره، وتدبروا في حقيقة الدنيا، ومصيرها إلى الآخرة، فاستوحشوا من فتنتها، وتجافت جنوبهم عن مضاجعها، وتناءت قلوبهم من مطامعها، وارتفعت همتهم على السفاسف، فلا تراهم إلا صوَّامين قوامين، باكين والهين، ولقد حفلت تراجمهم بأخبار زاخرة، تشير بعلو همتهم في التوبة والاستقامة، وقوة عزيمتهم في العبادة والإخبات، الإخبات: هو الخشوع. (مختار الصحاح للرازي: [87])... قال الحسن: من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياه فألقها في نحره. وقال وُهيب بن الورد: إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل" (علو الهمة لمحمد إسماعيل المقدم: [209]).