العقاب العاجل

أحمد قوشتي عبد الرحيم

من الذنوب ما يُؤخِّر الله عقابها ليوم الحساب -وهذا هو الأصل العام والمطرد- ومنها ما يُعجِّل سبحانه مؤاخذة صاحبها في الدنيا قبل الآخرة بأنواع العقاب المختلفة...

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -

من الذنوب ما يُؤخِّر الله عقابها ليوم الحساب -وهذا هو الأصل العام والمطرد- ومنها ما يُعجِّل سبحانه مؤاخذة صاحبها في الدنيا قبل الآخرة بأنواع العقاب المختلفة، ومن تلك الذنوب المُعَجَّل عقابها: البغي وعقوق الوالدين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «بابانِ مُعَجَّلانِ عُقُوبَتُهُما فِي الدُّنْيا: البَغْيُ والعُقُوقُ» (رواه الحاكم).

والبغي هو الظلم ومجاوزة الحد، وتعجيل العقوبة أي وقوعها في الدنيا وقبل موت فاعليها كما ذكر شراح الحديث، مع ملاحظة أن عقاب الدنيا لا يقارن بما يُدخّر من عقاب في الآخرة كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحمِ» (رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجة، وأحمد).

وفي هذا الكلام النبوي المصطفوي تسلية لكل مظلوم، وبُشرى له أن من ظلمه وبغى عليه لن يَفلِت بفعلته، ولو طال إمهاله زمانًا مديدًا، ومكّن له في الأرضِ سنوات وسنوات، إذ لا بد بعد ذلك كله أن تأتي لحظة أخذ الرب وعقابه وهو كما قال تعالى: {إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود من الآية:102]، وقال صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله تَعَالَى لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذا أخَذَهُ لم يُفْلِتْهُ» (متفقٌ عليه).

فيأيها المظلوم لا تيأس ولا تقنط.. فأوان الحساب قريب غير بعيد، وأخذ الرب شديد، وعقاب الظالم آتٍ لا محالة.. وإن ضاقت نفسك من إمهال الله للظالم والإملاء له، والتمكين له ظاهريًا في الأرض؛ فاعلم أن الأمر لله يفعل في ملكه ما يشاء، وأن إمهاله للظالم عين عقابه، إذ بإمهاله يكثر ذنب هذا الظالم الطاغي، ويَعظمُ جُرمه، ويشتدُ عقابه، ومِصداقُ ذلك في قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران:178].

 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام