القضاء على (الأسير) أم على السنة؟

إن موجة التهليل الإعلامي التي قامت بها محطات التليفزيون اللبنانية (المسيحية، والشيعية) للإشادة بالجيش اللبناني وحرصه على استقرار البلاد بعد أن قتل أكثر من 20 من أنصار الشيخ الأسير داخل المسجد وجرح أكثر من 50 شخصا، تظهر كيف يدار ملف الطائفية في لبنان عبر التضليل والاستخفاف بالعقول، فلم يتحدث أحد منهم عن مشاركة مسلحي حزب الله وحركة أمل في القتال ضد الشيخ الأسير وأنصاره إلى جانب الجيش اللبناني.

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -

معارك صيدا..
المعارك التي شهدتها لبنان أمس وأول أمس في مدينة صيدا وتم على إثرها اقتحام مسجد بلال بن رباح التابع للداعية السلفي الشيخ أحمد الأسير أثارت حالة من الغضب العارم في نفوس أهل السنة في لبنان، والذين يزداد شعورهم يوما بعد يوم بالاضطهاد والظلم وأن لا ظهر لهم يحميهم في بلدهم..

ليس أدل على ذلك من أن الزعيم السياسي المفترض للسنة في لبنان وهو رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري هارب من لبنان منذ أشهر خوفا على حياته من حزب الله الذي قتل والده من قبل، ولم يستطع هو أو الأجهزة الأمنية الاقتراب من عناصر حزب الله الذين يجوبون الشوارع مسلحين أمام أنظار الجيش اللبناني دون أن يقترب من أحدهم لتوجيه سؤال بريء لهم عن وجهتهم..!

إن موجة التهليل الإعلامي التي قامت بها محطات التليفزيون اللبنانية (المسيحية، والشيعية) للإشادة بالجيش اللبناني وحرصه على استقرار البلاد بعد أن قتل أكثر من 20 من أنصار الشيخ الأسير داخل المسجد وجرح أكثر من 50 شخصا، تظهر كيف يدار ملف الطائفية في لبنان عبر التضليل والاستخفاف بالعقول، فلم يتحدث أحد منهم عن مشاركة مسلحي حزب الله وحركة أمل في القتال ضد الشيخ الأسير وأنصاره إلى جانب الجيش اللبناني وما يعنيه ذلك من وجود دولة أخرى مسلحة في لبنان بموافقة الجيش وبمباركته.. هل يصلح الآن أن يكون الجيش اللبناني بعد هذه الفضيحة المصورة والتي شاهدها العالم بالصوت والصورة أن يكون ضامنا لأمن أهل السنة؟! أم أنه أصبح أداة أخرى في أيدي حزب الله وحلفائه من المسيحيين؟!

لقد بلع الجيش اللبناني الذي يتغنون باسمه الآن في أبواق الإعلام الطائفي الإهانة التي وجهها له حزب الله قبل سنوات، عندما اختلف مع الحكومة السابقة التي كان يتولاها فؤاد السنيورة ونزل بسلاحه إلى الشوارع واحتل بيروت الغربية دون أن يتحرك أحد من أبطال الجيش اللبناني كما تحركوا الآن ضد العشرات من أنصار الشيخ الأسير! بعد أن جاءت إليهم توجيهات من حزب الله الذي فاض به الكيل من تحدي الشيخ الأسير له في لبنان وسوريا ودعمه للجيش الحر المناهض لنظام الأسد الذي يقاتل حزب الله إلى جانبه..

لقد استفزت صورة الشيخ الأسير بالسلاح وهو يقاتل إلى جانب الثوار في سوريا حزب الله، وأراد أن يلقنه درسا بأن (لا سلاح ولا قول يعلو في لبنان فوق سلاح وقول حزب الله..)! لقد أكد الشيخ سالم الرافعي رئيس هيئة علماء المسلمين في لبنان أن ما حدث في صيدا مؤامرة تستهدف أهل السنة جميعا وليس الشيخ الأسير وحده، وأوضح أنها رسالة لكل من يقف في وجه غطرسة حزب الله في لبنان وحمل الجيش المسؤولية كاملة عما حدث في صيدا بعد أن رفض جميع محاولات الوساطة والتهدئة، لقد خرج أهل السنة في مدينة طرابلس الشمالية ليعبروا عن غضبهم من الكيل بمكيالين في البلاد بعد المجزرة التي تم ارتكابها ضد الشيخ الأسير وأنصاره، كما أدانوا محاولات إقصائهم عن مواقع القرار في البلاد لمصلحة الشيعة والمسيحيين.

إن المسيحيين في لبنان -حتى المختلفين سياسيا مع حزب الله- عندهم من يحميهم من الدول الغربية، لذا لا يجرؤ حزب الله في أي وقت من الأوقات ومهما زادت حدة الخلاف والتراشق الكلامي من الاقتراب من أحد زعمائهم، كذلك الشيعة مدعومين من إيران ونظام الأسد بشكل سافر وواضح ودون أي مواربة، بينما أهل السنة إذا تمت مساعدتهم من قبل بعض الدول العربية يكون ذلك على استحياء وكأنها جريمة يريدون إخفاءها..! وبعد هذا نتساءل في غمرة الهوجة الإعلامية المدروسة والمخطط لها حاليا.. هل فعلا كانوا يريدون القضاء على الشيخ الأسير أم على أهل السنة في لبنان؟!
 

خالد مصطفى