إلى من يهمه الأمر.. ناقوس الخطر القادم

خالد غريب

كانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قد نشرت في وقت سابق أن أمريكا نجحت في عهد السيسي في تغيير عقيدة الجيش المصري لمحاربة الإرهاب، مؤكدة أن مبارك وطنطاوي رفضوا هذا الأمر خوفًا على ضياع الجيش المصري وفقًا لوثائق ويكيلكس.

  • التصنيفات: الواقع المعاصر - أحداث عالمية وقضايا سياسية -

إلى من يهمه الأمر.. ناقوس الخطر القادم
كتب: خالد غريب

كانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قد نشرت في وقت سابق أن أمريكا نجحت في عهد السيسي في تغيير عقيدة الجيش المصري لمحاربة الإرهاب، مؤكدة أن مبارك وطنطاوي رفضوا هذا الأمر خوفًا على ضياع الجيش المصري وفقًا لوثائق ويكيلكس.

وبعد تواتر الأخبار عن عزم السلطة المصرية الحالية البدء في عمليات عسكرية في الأراضي الليبية، وبالفعل بدأ تحضير الرأي العام لتلك الأعمال (بإشاعة الجيش المصري الحر) القادم من ليبيا عبر الإعلام الحكومي أو الخاص الموالي للسلطة..

هنا قد تتضح بعض الخطوط العريضة التي كانت غير واضحة في الموقف الأمريكي من المتغيرات الأخيرة.
1- تأييد الثورة على نظام مبارك.
2- موقفها من حكم الإخوان المسلمين (ليسوا أعداء وليسوا أصدقاء).
3- دعمها لتطورات المشهد وتنحية الإخوان من الحكم.

- فالثورة على مبارك جاءت في إطار خوف مبارك من الرضوخ للأوامر الأمريكية بتوريط الجيش المصري خارج حدود البلاد كما قال مبارك نفسه في آخر تسريبات له: "كنت بتنح معاهم أحيانًا" في بعض الأمور، فكان لا بد من السماح بالثورة عليه وتنحيته هو ومجموعته ومدرسته الفكرية.

- موقفها من الإخوان (ليسوا أعداء وليسوا أصدقاء) باعتبار أن وجودهم في السلطة مرحلة مؤقتة..
حيث يمثلون إسفنجة لامتصاص أي مخاطر محتملة لسيطرة ما يسمى بالإسلاميين المتشددين في المنطقة، ومن ثم إقصاءهم بواسطة الجيش نفسه، فلا يوجد داعي من تكوين صداقة أو عداوة معهم، كما صرح أوباما نفسه لأنهم ضيوف مؤقتين.

- أما عن دعمها لحركة تنحية الإخوان من الحكم: فبالتأكيد كان متفق عليها وفق رؤية شاملة لمصر والمنطقة كلها، وهي القضاء على ما يسمى الحركات المتشددة في المنطقة برمتها، بداية من إبراز وتصعيد ما يسمى (جماعات الإسلام المعتدل) التي يمثلها الإخوان المسلمين ومن انضوى تحت منهجهم، إلى قمة هرم السلطة، فمن ناحية سيسهل تحضير الرأي العام لتشويه فكرة الإسلام الحاكم عمومًا، نظرا لتهلهل الحالة العامة في البلاد والتي سيتحملها الإسلام المعتدل بلا شك.

ومن ناحية أخرى: لإتاحة أجواء ظهور حجم الجماعات المتشددة، التي بالتأكيد ستنشط في ظل حكم أبناء العم المعتدلين، وبعد ظهورهم وتقييمهم فعليًا وتقييم ميزان القوة الخاص بهم يمكن بعدها تنحية الإخوان، واستئصال تلك المجموعات المسلحة المتشددة -على حسب وصف أمريكا-، بواسطة الجيش المصري الذي تم الحفاظ عليه دون باقي جيوش المنطقة لهذا الهدف.

وبالتأكيد هذا الحفاظ كان لأسباب هامة رفضها مبارك وطنطاوي، من قبل، إلا أن السيسي وافق عليها بالتأكيد كجزء من فاتورة توليه الرئاسة المصرية، وإبراز دوره كزعيم مصري فقط، بل محاولة استدعاء زعامة عبد الناصر الإقليمية..

لأن دور السيسي لن يتوقف في الداخل المصري في الأيام القادمة، بل سيتعدى ذلك إلى دول الجوار بل المنطقة الإقليمية برمتها، طبعًا بدعم مباشر وقوي من النظام العالمي الجديد، كغطاء محلي لتمرير منظومة (الشرق الأوسط الجديد).

وفي نفس الوقت تجنيب النظام الدولي مواجهة حروب العصابات -الجماعات الإسلامية المسلحة- والتي عانى منها النظام الدولي ولا زال يعاني وخسر الكثير جدًا، بل حتى وتجنيب الجيش الإسرائيلي نفسه المصنوع والمعد لنفس المهمة، مواجهة الجماعات المسلحة في المنطقة هذه المرحلة اللهم إلا من خلال الشركات الأمنية الجديدة مثل شركة (البلاك وتر) التي تمثل أحد أزرع الجيش الإسرائيلي في المنطقة.

على أن يتحمل الجيش المصري مخاطرة مواجهة تلك الجماعات، والتي بدأت بالفعل استدعاءها في سيناء منذ فترة لاختبار قدرة الجيش المصري على مواجهتها..

الخلاصة:
بالتأكيد المشهد أكبر بكثير من مجرد انقلاب وإقصاء الإخوان، هذا المشهد المتكرر عبر التاريخ الذي تم استدعاءه للتغطية على ما هو أكبر وأعظم وأخطر.. إلا أنه للأسف الجميع وقع في تلك الخدعة، تبا لها من غفلة وتبا لها من حماقة.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام